نيويورك / 14 أكتوبر :
قالت الحكومة اليمنية "ان السلام في اليمن لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلى عن خيار الحرب ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية لكافة أبناء الشعب اليمني، ويتخلى عن العنف كوسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار".
واضافت في بيانها أمام مجلس الأمن في الجلسة المفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط (اليمن) والذي القاه مندوب اليمن الدائم لدى الامم المتحدة، السفير عبد الله السعدي" ان الشي المفقود في المشهد اليمني اليوم هو السلام بكل أبعاده بسبب رفض الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني لكل الجهود الإقليمية والدولية الرامية الى انهاء الازمة اليمنية، وعدم رغبتها في السلام، وعدم انخراطها بجدية مع هذه الجهود، والاستمرار في تعنتها وتصعيدها العسكري في مختلف الجبهات وحربها الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب اليمني، في ظل وجود هدنة هشة لم تلتزم هذه الميليشيات بتنفيذ بنودها، مما يستدعي من هذا المجلس والمجتمع الدولي إعادة النظر في التعامل مع سلوكيات هذه الميليشيات ونهجها المزعزع للأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة".
واكد السعدي، التزام الحكومة اليمنية، بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الامن ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 2216.
وجدد دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن هانس غروندبرغ، وكافة المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الازمة في اليمن، وبما يحقق تطلعات وآمال الشعب اليمني..مثمنة عالياً الجهود التي يبذلها الاشقاء في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية ، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي وانهاء الصراع واستعادة الامن والاستقرار في اليمن.
واشار الى إن ما تقوم به المليشيات الحوثية الإرهابية، من تصعيد في البحر الأحمر ومضيق باب المندب لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يمثّل تهديداً خطيراً على الأمن والسلم الإقليمي والدولي وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام..لافتاً الى إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأت من فراغ، وانما جاء نتيجة لتجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق ستوكهولم، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانئها، واستخدامها كمنصة لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، واطلاق الصواريخ والمسيرات والالغام البحرية وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن 2140 والقرارات اللاحقة ذات الصلة، مما يؤكد من جديد سعي هذه الميليشيات، ومن خلفها النظام الإيراني، الى زعزعة الامن والاستقرار في المنطقة وتهديد خطوط الملاحة الدولية وعصب الاقتصاد العالمي وتقويض مبادرات وجهود التهدئة وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية وتدمير مقدرات الشعب اليمني، واطالة أمد الحرب ومفاقمة الأزمة الإنسانية وعرقلة احراز اي تقدم في عملية السلام التي تقودها الامم المتحدة.
وقال " على إيران ان ترفع يدها عن اليمن واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعا، وقد حان الوقت لذلك"..مؤكداً إن استمرار إمداد النظام الإيراني للميليشيات الحوثية الإرهابية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، يمثل انتهاكاً صريحًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لاسيما القرارات 2216 و2140، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي وهذا المجلس الموقر لصون الامن والسلم الاقليمي والدولي، وبالتالي، فإن جهود هذا المجلس لتحقيق هذا الهدف ومعالجة الازمة اليمنية لا بد أن تُترجم من خلال تنفيذ قراراته، واتخاذ موقفا حاسما لردع ومحاسبة منتهكي هذه القرارات.
ودعا السعدي، مجدداً المجتمع الدولي الى تقديم الدعم في المجال الاقتصادي والتنموي وبناء وتعزيز قدراتها الامنية، بما في ذلك في مجال خفر السواحل اليمنية لمواجهة التحديات الامنية التي تهدد الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن..مثمناً جهود المملكة المتحدة وإعلانها عن حزمة جديدة من الدعم لقوات خفر السواحل اليمنية ضمن الجهود المنسقة لمكافحة تهريب الأسلحة والقرصنة والارهاب والجريمة المنظمة..مؤكدة إن دعم الحكومة اليمنية في مواجهة التحديات التنموية والأمنية يصب في مصلحة الجميع، ويمثل اليوم استثمارا في استقرار المنطقة والعالم. كما نؤكد على اهمية تفعيل دور ألية الامم المتحدة للتحقق والتفتيش.
وتطرق الى التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة نتيجة حرمانها من اعادة تصدير النفط لأكثر من عامين بسبب هجمات المليشيات الحوثية الارهابية واستهدافها للمنشآت النفطية، وحرمان الشعب اليمني من اهم موارده وتأثير ذلك على الموازنة العامة للدولة، وعدم قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، ودفع المرتبات ،وحرمان الاقتصاد الوطني من تدفق العملة الصعبة، وزيادة الضغط على صرف العملة الوطنية..داعياً المجتمع الدولي إلى دعم الحكومة ومساعدتها في ايجاد الوسائل والطرق الممكنة لإعادة تصدير النفط، هذا المورد الحيوي الهام للوفاء بالتزاماتها الحتمية.
ولفت الى انه وفي ظل التحديات الاقتصادية، الا ان الحكومة تواصل العمل على تنفيذ جملة من الاجراءات الهادفة إلى تخفيف المعاناة الاقتصادية والإنسانية، ووقف التدهور الاقتصادي واستقرار الخدمات العامة ، بما في ذلك وضع الخطط وتحديد الأولويات لإيجاد الحلول المستدامة على المستويين التنموي والخدمي، وتنفيذ جملة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية، وتعزيز الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد كعنوان للمرحلة الراهنة.
وعبر عن الثقة الكاملة في دعم المجتمع الدولي وشركاء اليمن في التنمية من الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية المانحة لخطط وبرامج الحكومة في هذه الظروف الاستثنائية لتحقيق الاستقرار والتعافي الاقتصادي، وتعزيز قدرات المؤسسات الحكومية، ودمج الأولويات والاحتياجات التنموية في جميع التدخلات الإنسانية..مشيداً بالدعم المقدم من الاشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة وتدخلاتهما في المجال التنموي والإنساني للتخفيف من الآثار الإنسانية والاقتصادية الكارثية.
وقال "احتفلت شعوب العالم يوم أمس باليوم العالمي لحقوق الإنسان في الوقت الذي تواصل فيه الميليشيات الحوثية ارتكاب جرائم الاختطاف والقمع والاخفاء القسري والاحتجاز التعسفي بحق ابناء شعبنا في مناطق سيطرتها واستهداف المناطق المأهولة بالسكان والتي أسفرت عن مقتل العشرات من المدنيين بينهم نساء وأطفال واخر تلك الجرائم، الجريمة المروعة في مديرية مقبنة بمحافظة تعز، حيث استهدفت الميليشيات الحوثية سوقاً شعبياً بطائرة مسيرة إيرانية الصنع، ما أسفر عن سقوط ستة قتلى و8 جرحى، بينهم أطفال"..مؤكداً إن هذه الجريمة ليست استثناءً، بل نهجاً متواصلاً منذ انقلاب الميليشيات الحوثية على الدولة، وجاءت في ظل تصعيد عسكري متواصل من قبل هذه الميليشيات في عدد من المناطق بهدف ترويع السكان وتهجيرهم وتحد لجهود التهدئة وتقويض فرص الحل السلمي للازمة.
واضاف "لطالما طالبنا بمواقف قوية وجادة من قبل الأمم المتحدة، لا سيما من هذا المجلس الموقر والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، تجاه ما ترتكبه المليشيات الحوثية من انتهاكات وجرائم مستمرة، لم تقتصر على الشعب اليمني فحسب، بل امتدت لتطال احتجاز واختطاف والاخفاء قسراً للعشرات من موظفي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية العاملة في اليمن قبل أكثر من سته أشهر، إلا أننا وللأسف نشهد استمرار تراخي المجتمع الدولي وإصدار اللغة الناعمة التي لا ترقى إلى حجم تلك الجرائم والانتهاكات، وهو ما شجّع هذه المليشيات على التمادي في ممارساتها التي تمثّل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الانسان والتشريعات الوطنية".
وجدد السفير السعدي، دعوة الحكومة اليمنية، الأمم المتحدة، ومجلس الامن، الى تكثيف الجهود للإفراج الفوري ودون شروط عن المختطفين والعاملين في المجال الإنساني وكافة المعتقلين والمخفين قسرياً، وانهاء معاناتهم ومعاناة اسرهم، وفقاً لمبدأ الكل مقابل الكل..مشيراً الى انه في ضوء استهداف الميليشيات الحوثية المستمر للعمل الاغاثي والإنساني وعرقلة نشاطه، تجدد الحكومة اليمنية مطالبتها الأمم المتحدة وجميع المنظمات الدولية العاملة في اليمن بنقل مقراتها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان أمن وسلامة موظفيها، وتوفير بيئة آمنة وملائمة لعمل هذه الوكالات وتقديم خدماتها الإنسانية لجميع اليمنيين في كل المناطق اليمنية دون تمييز أو عراقيل.
وعبر عن تطلع الحكومة اليمنية، الى المبادرة لعقد مؤتمر المانحين لحشد التمويل لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2025، وتدعو الشركاء المانحين من الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية تقديم الدعم السخي لهذه الخطة، بالشكل الذي يغطي فجوة التمويل ويفي بحجم الاحتياجات الإنسانية القائمة ويتجنب وقف المساعدات المنقذة للحياة، ودعوة المجتمع الدولي إلى ابقاء اليمن على رأس قائمة أولوياته في ظل تعدد الأزمات الإنسانية في عدد من البلدان.
*سبأنت