مشكلتنا اننا نفتقد للعمل المؤسسي، ورسم الاستراتيجيات والسياسات لكي تسهم في حل الاشكاليات ومنها مشكلة الشباب اليوم، الفئة الاكثر تضررا بسبب ادوات الماضي المتهالكة صراعا، وتريد من الشباب ان يكون وقودا لصراعاتها، لا مجال امامه غير جندي في معاركها العبثية.
تعددت مؤتمرات الشباب، وتنافست القوى السياسية في التفنن باختيار مفردات الحديث عن حقوق الشباب وتطلعاتهم واحلامهم، ومع الاسف ان الشباب هم الفئة الاكثر بطالة، مؤهلين تأهيلا عاليا، سنوات ومازالوا في قوائم الانتظار للوظيفة، تلك القوائم التي صارت من بقايا النظام السابق، الذي قامت ثورة شبابية لاجتثاثه، ومن سخريات القدر ان الاجتثاث اجتث معايير التوظيف، واستبدلها بالمحسوبية والنفوذ ومزاج السلطة والمسؤولية، وما زال الشباب ضحية.
اليوم اكثر الفئات تضررا هم الشباب، لا فرص عمل متاحة، ولا فرص لمشاريع شبابية مدعومة، فاضطر بعض الشباب لعمل مشاريع خاصة، عن طريق البحث عن قروض مقسطة، مشاريع تدر عليهم ارباحا بسيطة يستطيعون من خلالها الشعور بالمسؤولية، والاعتماد على النفس، وتكوين انفسهم، بعضهم امتلك كشكاً للبيع والشراء، والبعض الآخر اشترى دراجة نارية، او سيارة اجرة، فلم تجد هذه المحاولات الدعم الكافي من قبل السلطات والمؤسسات لتنظيمها وضبطها لتكون مصدر رزق حلال للشباب، بل نلاحظ الاجهزة المعنية بالدعم والتنظيم والامن، تتجاهل هذه المشاريع حتى يحدث خلل او مشكلة، امنية او مدنية، فتصب غضبها على الجميع بحملات قطع ارزاق الشباب، وللأسف ان بعضها تتحول لابتزاز، فيتم تدمير حلم الشباب وتوريطهم بديون، وتصور الشاب المورط بالدين، وقطع الرزق، تسود امامه الدنيا، ويعيش حالة نفسية فظيعة وممكن أن يكون عرضة للاستثمار من قبل الخارجين عن القانون، وتجار المخدرات، والارهاب بكل اشكاله، ليكونوا ضحايا لمشاريع اكثر خطورة عليهم وعلى المجتمع والامن والسكينة العامة.
شبابنا مكافح لا ينتظر برامج السلطة في محاربة الفقر، ودعم الشباب، يبادر بذاته، ولكنه يصطدم بمن يرفض مساعدته بتلك المبادرات التي تستدعي دعمها روح انسانية ووطنية واخلاقية بالدرجة الاولى، في دعم عماد المستقبل.
المتابع لقضايا الاكشاك والدراجات النارية وسيارات الاجرة، يجد ان الفوضى مسؤول عنها الجهات المعنية بالتنظيم، وقراراتها غير المدروسة، جهات لا تلتزم بما تقره، في بلد لا تحكمه سلطة مؤسسية، سلطة لا تستطيع ان تفرض معايير وشروطا وتلتزم بها قبل ان يلتزم بها الشباب، تصدر تراخيص لأكشاك، وتطلب عمل عربة لكل دراجة، او حتى بحث اجتماعي يثبت حاجة الشاب للمشروع، وترقيم دراجاتهم رسميا، ثم لا تلتزم بما اصدرته، تشن حملات مفاجئة لا تراعي حقوق الشباب والتزامهم بتلك المعايير والتراخيص، حملات تتعمد تدمير احلام الشباب وابتزازهم بل اهانتهم واحتقارهم، في ثقافة لا يحكمها قانون ولا معايير.
اقولها بصراحة نحن في بلد شبابه في حالة يرثى لها، يكافح ويصارع الحياة والفوضى واللامبالاة، اصبح الشاب يعمل في ظروف صعبة، تدفع به الى ما لا تحمد عقباه، فهل تعيد السلطات سياساتها في التعامل مع المشاريع الشبابية، وان لا نسمح للقوى الاحتكارية ان تنافس الشباب في مشاريعهم البسيطة، واين المنظمات الشبابية في الدفاع عن حقوق الشباب، ام انها منظمات تبحث عن المال ولا تقدم للشباب غير تظاهرات اعلامية لا تسهم في خدمة الشباب، نريد منظمات تتصدى للجهات العابثة بحقوق الشباب والتي تصر على محاربة ارزاقهم ولقمة عيشهم.. والله المستعان.