تعتبر مهنة الطب واحدة من أسمى المهن فهي تجمع بين العلم والإنسانية، وتضع الطبيب في صدارة المسؤولية تجاه حياة الإنسان وصحته، لكن للأسف شهدنا في السنوات الأخيرة تراجعًا في أسس قيم المهنة، وتحول بعض الأطباء إلى تجار يبحثون عن الربح المادي على حساب صحة المرضى، حيث تتجسد مأساة حقيقية يعاني منها مجتمعنا، وهي تحول مهنة الطب النبيلة إلى تجارة بحتة، أطباء حملوا في يوم من الأيام حلمًا بإسعاد المرضى وخدمة المجتمع ثم انجرفوا غارقين في بحرٍ من الطمع والجشع، فباعوا ضمائرهم مقابل المال.
فما الذي دفع بعض الأطباء إلى هذا الانحراف ؟؟ طبعا الطمع والجشع، فالرغبة في الثراء السريع دفعت الكثيرين إلى استغلال حاجة المرضى لخدمتهم فلجؤوا الى رفع الأسعار بشكلٍ مبالغ فيه، مستغلين ضعف الرقابة على الممارسات الطبية والذي ساهم في انتشار هذه الظاهرة مما شجع بعض الأطباء على ارتكاب المخالفات، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية فقد يكون للوضع الاقتصادي الصعب دورٌ في دفع بعض الأطباء إلى اتخاذ مثل هذه القرارات، ولكن هذا لا يبرر بأي حال من الأحوال ما يحصل من استغلال المرضى.
إننا نوجه نداءً عاجلاً إلى كل طبيبٍ ضلَّ الطريق، ونسأله أن يستعيد ضميره وأن يتذكر القسم الذي أقسمه يوم تخرجه، القسم الذي يربط بينه وبين مرضاه بعقدٍ من الثقة والاحترام المتبادل، أيها الطبيب إننا ندعوك إلى أن تستعيد توازنك الانساني وأن تتذكر قيم المهنة النبيلة التي تعلمتها في كلية الطب، وتذكر أنك لست مجرد طبيب بل أنت إنسان يحمل في داخله قدرة على فعل الخير، تذكر أيضا أنك مسؤول عن حياة البشر، وأن أي خطأ ترتكبه قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.
كما أننا نناشد نقابة الأطباء ووزارة الصحة بتفعيل الرقابة فيجب على الجهات المعنية تفعيل الرقابة على الممارسات الطبية واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين، ورفع الوعي فيجب توعية المجتمع بأهمية الأخلاقيات الطبية وحقوق المرضى وتشجيعهم على الإبلاغ عن أي مخالفات، بالإضافة إلى دعم الأطباء الشرفاء الذين يلتزمون بأخلاقيات المهنة وتوفير الظروف المناسبة لممارسة عملهم.
ختاما نوجه نداءً إلى جميع الأطباء بالعودة إلى الصحوة المهنية، والالتزام بأخلاقيات المهنة والعمل على خدمة مجتمعهم بكل إخلاصٍ وتفانٍ، وإننا نؤمن بأننا إذا ما عملنا جميعًا جنبًا إلى جنب، يمكننا استعادة هيبة المهنة الطبية وتحقيق مجتمعٍ صحيٍ وآمنٍ للجميع.
فاعلم أيها الطبيب أن الطب رسالة وليست تجارة، الضمير هو السلطة الرقابية العظمى فراجع ضميرك لأنه مفتاح قبول الأعمال الصالحة عند رب العالمين.
وأعتذر لجميع الأطباء فالموضوع ليس مخصوصا أبدا وإنما قضية اجتماعية فتكت بالمجتمع لذا يتوجب علينا نقاشها.. دمتم رمزا للإنسانية بإذن الله.