الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات :
تجددت المعارك في مدينة الخرطوم على رغم تراجع حدة ووتيرة الاشتباكات بصورة نسبية، إذ شهد وسط المدينة اشتباكات وقصفاً مدفعياً متبادلاً بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" خلال وقت لم يعلن أي من الطرفين رسمياً الموقف الميداني لقواته وسط مدينة الخرطوم.
وبث جنود من الجيش فيديوهات لدخولهم منطقة المقرن، ونشر جنود من قوات "الدعم السريع" صوراً أخرى مناوئة من منطقة داخل (مول الواحة) وسط الخرطوم يؤكدون فيها استمرار وجودهم بالمنطقة.
وقبل أن تنجلي سحب الدخان التي خلفتها المواجهات الشرسة فجر أمس الخميس عن سماء مدن العاصمة الثلاث، أفاق مواطنو الخرطوم من العالقين هناك منذ الصباح الباكر على دوي الأسلحة الرشاشة وأصوات الانفجارات المتقطعة التي استمرت لأكثر من ساعتين، مع تصاعد سحب وأعمدة الدخان في محور وسط المدينة ومصفاة الجيلي للنفط ومحيط سلاح المدرعات التابع للجيش بمنطقة الشجرة العسكرية.
وكان الجيش قد بدأ هجوماً واسعاً من عدة محاور بالعاصمة السودانية وتمكن من إكمال سيطرته على أهم ثلاثة جسور تربط بين مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري)، وانطلق الهجوم في وقت كان السودانيون يتأهبون لسماع خطاب الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للجيش، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وشكل الهجوم الواسع المنطلق من مدن العاصمة الثلاث الذي تمكنت فيه قوات الجيش من عبور أهم ثلاثة جسور في العاصمة نحو قلب مدينة الخرطوم التي ظلت تهمين عليها قوات "الدعم السريع" منذ اندلاع شرارة الحرب الأولى، تعزيراً لعملية انفتاحها متعدد المحاور بما يمكنها من تطويق قوات "الدعم السريع" المنتشرة وسط مدينة الخرطوم، التي تضم أهم مؤسسات الدولة الحيوية بما فيها القصر الجمهوري ومقار الوزارات ورئاسات البنوك.
واستقبلت تجمعات من سكان العاصمة أنباء عبور الجيش إلى مدينة الخرطوم من جهتي أم درمان والخرطوم بحري بمزيج من الفرح والقلق والخوف، واشتعلت مواقع التواصل بالصور والفيديوهات التي بثها جنود الجيش من مناطق العمليات العسكرية من داخل بعض المواقع وسط وجنوب الخرطوم وأجزاء من بحرى، يؤكدون تحريرها من قبضة "الدعم السريع" بعد أن ظلت تحت سيطرتها لأكثر من عام ونصف العام منذ بدء الحرب.
تزامناً مع معارك اليوم بالخرطوم تابع الطيران الحربي استهدافه لمواقع قوات "الدعم السريع" في كل من مصفاة الجيلي شمال الخرطوم بحري ومنطقة صالحة جنوب غربي أم درمان، إلى جانب مطارات مدن الجنينة والضعين في غرب وشرق دارفور.
وكشفت مصادر ميدانية أن الجيش خاض أعنف المعارك وأشدها ضراوة بعد عبوره نحو الخرطوم وتمكن بالفعل من إجبار قوات "الدعم السريع" على التراجع من منطقة المقرن الاستراتيجية المنفتحة على أهم جسرين يربطان مدينة أم درمان بالخرطوم نحو وسط الخرطوم.
وأوضحت المصادر أن الجيش يعمل على تطوير هجومه خلال الأيام المقبلة بهدف استعادة قلب الخرطوم الحيوي وكسب مساحات أخرى لتوسيع سيطرته على العاصمة عبر بسط سيطرته على محوري الخرطوم بحري وجنوب وغرب أم درمان التي كان قد خسرها بداية الحرب، مشيرة إلى أن التقدم في الخرطوم يجيء تزامناً مع تقدم قوات منطقة الكدرو العسكرية وسط اشتباكات عنيفة مع قوات العدو وتمكنها منها والتقدم نحو سط مدينة بحري والوصول إلى أكبر شوارع الخرطوم بحري (شارع المعونة) وعبورها كوبري الحلفايا لتلتقي مع الجيش القادم عبر كوبري أم درمان.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن قوات الجيش تقدمت غرباً حتى مشارف كوبري المك نمر، ومن ثم توجهت نحو القيادة العامة وتابعت شرقاً حتى نادي الشرطة بمنطقة بري شرق مطار الخرطوم، وسط اشتباكات ومقاومة عنيفة مع جانب قوات "الدعم السريع".
على صعيد المعارك خارج العاصمة قالت المصادر إن الجيش تابع عملياته الحربية في محور الفاو بولاية القضارف شرق السودان، حيث تحركت قوات مشتركة من منطقة الحواتة إلى منطقة الدندر والحصيرة، وتمكنت قوات العمل الخاص من تدمير ارتكازات لقوات "الدعم السريع" في عدد من قرى المنطقة.
في هذا الوقت لا يزال محور جبل موية وسنار نشطاً من خلال عمليات القصف الجوي المتتابعة إلى جانب بعض الاشتباكات في اتجاه مدينة الهدى ومحيط مدينة المناقل.
وتابعت قوات "الدعم السريع" قصفها المدفعي المتواصل على مدينة الفاشر، وذكر شهود عيان أنها قصفت ليومين متتالين سوق المواشي داخل المدينة مما أدى إلى مقتل 18 شخصاً وجرح العشرات.
وفي وقت تمكن فيه الجيش من تنفيذ عملية إسقاط جوي ناجحة لإمدادات قواته العسكرية هناك إلى جانب وصول تعزيزات بشرية كبيرة من الجيش والقوات المشتركة بغرض تأمين المدينة المحاصرة منذ أشهر عدة، من أي هجوم جديد متوقع من قبل قوات "الدعم السريع".