لعل من أهم مخرجات التعليم هو تمكين الطالب من ابتداع طرائق متعددة في التفكير المستقل بعد تخرجه من الجامعة أو المعهد المهني أو حتى المرحلة الثانوية. ولعل أهمية معرفة هذه الطرائق في التفكير ستساعد القائمين على صياغة المناهج الدراسية على ادخال الوحدات التعليمية في المنهج التي تشمل دروسا وأنشطة مرتبطة بتوصيل هذه الطرائق الى تفكير الطلاب ليكتسبوا الخبرات المطلوبة في التفكير عند تخرجهم من مدارسهم.
وعموما هناك خمس طرائق للتفكير حددها الباحثان هاريسون وبرامسون في كتابهما “فن التفكير” ويمكن ايجازها في التالي:
1) طريق التفكير البنائي
2) طريقة التفكير التحليلي
3) طريقة التفكير النموذجي أو المثالي
4) طريقة التفكير المعتمد على الحقائق
5) طريق التفكير العملي المصلحي
وسأحاول في هذه المقالة الحديث عن طرائق التفكير المذكورة وتبيان أهميتها كخبرات يجب ان يكتسبها الطلاب قبل تخرجهم من مراحل التعليم المختلفة.
فلنبدأ بطريقة التفكير البنائي (Synthesis): هذه الطريقة تعتمد على بناء المفاهيم والأفكار بطريقة مشابهه لبناء البيوت، طوبة طوبة. بمعنى أن الخبرات العملية والمعلومات الاكاديمية يتم اكتسابها من خلال جمع المعلومات خلال مراحل الدراسة واستخدامها في حل المشكلات التي تعترض الفرد والمجتمع. التلاميذ الذين يكتسبون أسلوب التفكير البنائي أو التركيبي سيكونون قادرين على توظيف المعلومات المكتسبة في بناء حلول وأفكار جديدة وابتكارات في المستقبل.
طريقة التفكير التحليلي (Analysis) تتركز حول ضرورة اكتساب خبرة جمع المعلومات والبيانات واستقراء النتائج منها، وهي تتطلب المقدرة على الاهتمام بالتفاصيل وإجراء المقارنات وتمحيص الظواهر وتحليلها والقدرة على التخطيط المسبق للوصول الى النتائج المرجوة. وكما هو واضح فإن طريقة التفكير التحليلي هي عكس طريقة التفكير البنائي المذكورة أعلاه.
الطريقة الثالثة في التفكير هي طريقة التفكير النموذجي أو المثالي (Idealistic) وهذه الطريقة تعتمد على تنمية الذكاء العاطفي لدى الطلاب من خلال تكوين اهتماماتهم بشعورهم الذاتي والشعور بالآخر وامتلاك القدرة على الحدس والتوقعات للنتائج قبل حدوثها عبر استخدام الاحصائيات للتنبؤ بالنتائج والقدرة على استشراف مآلات الظواهر قبل حدوثها عبر استخدام وسائل مثل النماذج الجاهزة التي تساعد على التفكير واستخلاص نتائج الخبرات والقراءات السابقة لمعرفة النتائج وتجنب تكرار الأخطاء.
أما الطريقة الرابعة في أساليب التفكير فهي طريقة التفكير الواقعي (Realistic) وهذه الطريقة التفكيرية مهمة لأنها تعتمد على الحقائق التي يفرزها الواقع المعاش بعيدا عن الايديولوجيا والشعارات والتمنيات. وهي تعتمد على الملاحظة والتجريب وهما صفتان يجب أن يتحلى بهما الطلاب لبناء قدراتهم التفكيرية من خلال تشجيعهم على طرح الأسئلة واجراء الملاحظات للظواهر والقدرة على التعبير عن هذه الملاحظات كتابيا بالإضافة الى القدرة على اجراء التجارب لفحص الفرضيات ومعرفة صلاحياتها.
أما الطريقة الخامسة فهي طريقة التفكير العملي المصلحي (Pragmatic) وهي تستند على قدرة الطالب على الاهتمام بالتفاصيل ومدى ملاءمتها للنتائج المرجوة بحيث يتم الإبقاء على التفاصيل التي تؤدي الى النتيجة المطلوبة وعدم الاهتمام بما سواها. هنا يكون عنصر الزمن ذا أهمية في طريقة التفكير العملي المصلحي (البراغماتي) لأن الإطار الزمني مرتبط بالسعي لتحقيق أكبر قدر من النتائج بحسب هذا التفكير. ولذا فإننا نرى ان أسلوب التفكير المصلحي سائد بين أوساط السياسيين والدبلوماسيين.