.. دعونا نتفائل قليلا بعد البدء بتشغيل محطة الطاقة الشمسية بمحافظة عدن، التي دخلت الخدمة يوم امس الاول السبت، ونجحت في تغذية الشبكة الموحدة، بقدرة انتاج تتجاوز 80 ميجا من اصل 120 ميجا، وهي قدرتها التوليدية، بعد جهود طيبة بذلها رئيس الوزراء، د. أحمد عوض بن مبارك، وغيره من المسؤولين والقائمين على المحطة، والمقدمة من دولة الإمارات العربية المتحدة، نتمنى ان يعقبها تشغيل بقية المحطات المتناثرة في المدينة والتي لم نلق اجابة حقيقية لتشغيلها بطاقتها الكاملة.
.. ولهذا مازال ملف “الكهرباء” في مدينة عدن، قضية القضايا في هذه البقعة الجغرافية الحارة، شبة الجزيرة، التي مازالت تتجرع الويلات بعد أن كان قد تغنى بها البعيد قبل القريب، حين عرفت ولأول مرة دخول التيار الكهربائي الى احيائها، عام 1926م- على مستوى منطقة الجزيرة العربية، وغيرها من دول العالم- ولكنها للأسف مازالت رغم هذا التاريخ العريق، تعيش، اليوم، وبالألفية 2024م في ظلام يكاد يكون دامسا في جوانب حياة سكانها اليومية.
.. نحن هنا كمواطنين نريد بصيصا من الأمل الذي يمكن له أن يبعث النور، ليضيء أرواحنا المنهكة بشيء من التفاؤل بغد أفضل في واقع صادم مع ارتفاع حرارة صيفها الحارقة، كعادته، في هذه الأيام، لنتعايش مع برمجة الانقطاعات في التيار الكهربائي لساعات طوال، أصبحت تتحكم بساعة نومنا البيولوجية، التي فقدت بوصلتها، في هذه المدينة البركانية على أجسامنا السمراء النحيلة، فيما يستمر الحزن أمام هذا الوضع الكارثي مع تزايد أعداد الوفيات لملاقاة خالقها من الذين لم تتسع مساحات المقابر لأيوائهم، ومنهم من توفي نتيجة ارتفاع ضغط الدم، وذاك بسبب نقص الأكسجين، وهكذا بالنسبة للبقية من الذين سبقوهم لأسباب مختلفة، ومنها تلك المرتبطة بانتشار الوبائيات التي تعصف بسكان المدينة بين الحين والآخر.. أوبئة عرفناها بمسميات مختلفة دخيلة على المدينة، ولكن حقيقتها تكمن في أنها مازالت تحصد الأرواح من مختلف الفئات العمرية، أمام خذلان الجهات الرسمية.
.. وملف الكهرباء، هذا الثقب الأسود، استهلكت فية جميع الأحاديث، والمبررات، والوعود الكاذبة، من قبل كافة الجهات المسؤولة عنه، بأهمية وجوب توفير التيار الكهربائي في مدينة يعيش بعض سكانها على المولدات الكهربائية، والبطاريات، وغيرها من وسائل الشحن للطاقة الشمسية، لمن استطاع إليها سبيلا، منذ قرابة عقد من الزمن، خاصة بعد الحرب التي أجهزت على ماتبقى من كيانها الهش الذي كان يشكل حينها حالة مقبولة رغم الازمات التي كان يمر بها الوطن.. حتى عندما كانت هناك شبه دولة.
.. لقد اصبح الخوض في هذه القضية الزاد اليومي لحياة العامة من أحاديث السكان، نتيجة ما يعانونه من عذابات بسبب تداعايتها على سير حياتهم لحظة بلحظة، أصبحت كالنفخ في بالونة مخرومة.. وكمواطن يعاني كبقية أفراد هذا المجتمع الذي تطحنه الأزمات، ويتقبل الوعود الكاذبة التي عفى عليها الزمن على مضض.. فإني أحمل الجميع من قيادات سياسية واحزاب ومكونات اخرى، مسؤولية مآلات الوضع الكارثي الذي وصلنا إليه نتيجة غياب خدمات “الكهرباء” عن واقعنا المعاش في مدينة كانت منارة بين الشرق والغرب، بفعل مينائها الاستراتيجي في ذاك الزمان، وأدعوهم من هذا المنبر الى حل صراعاتهم السياسية، والوقوف بمسؤولية تاريخية أمام ضمائرهم لمعالجة هذا الملف الشائك العقيم، بشكل جذري، وبنية خالصة “لله”.
.. هنا لانريد أن نسمع تصريحات اليوم او غدا، بأن المحطة قد توقفت عن العمل بقدرتها البسيطة في توفير التيار الكهربائي مقارنة باحتياجات المدينة، فلا تمتحنوا صبر المظلومين، وعليكم التوجه الى العمل للحفاظ على شعرة معاوية مع سكان مدينة عدن البسطاء، الذين تقلصت أحلامهم إلى درجة الصفر.. فالحدود وإن تجاوزت خطوطها، يرتفع ضغطها العالي، وتشعل فتيل لهب الانفجار الذي قد لاتحمد عقباه، فاحذروا غضب رب العالمين وغضب الشعب، الذي يتجرع الويلات يومياً مع انهيار العملة المحلية.
والله من وراء القصد