ما حدث في محافظة عمران مؤخراً من استهداف وقح لوجود الدولة، ولأجهزتها المدنية، والأمنية، والدفاعية، هو بمعنى دقيق تعبير دموي، سلالي، طائفي؛ ليس فقط لرفض مخرجات الحوار الوطني الشامل، وللعملية السياسية الجارية في البلد برئاسة فخامة الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية؛ بل هو كذلك رفض صارخ، وواضح للنظام الجمهوري برُمَّته، ولأهداف الثورات اليمنية ( سبتمبر وأكتوبر وفبراير ) ولنضالات شعبنا اليمني في الجنوب والشمال؛ الرافضة للعبودية، والإستحواذ، والقهر، والبطش، وكل صنوف الهضم، والتمييز العنصري، والسلالية المقيتة، بل هو كذلك رفض دموي أشد لخيار الديمقراطية، والعدل، والمساواة بين فئات المجتمع .. إنه إرادة سوداء؛ تتوارى خلف كل وسائل التكتيك الإعلامي، والسياسي، والاجتماعي للوصول إلى إمامية اثني عشرية مقيتة تضع هامات كل اليمنيين في هذا البلد الديمقراطي الحر ( حسب مقررات الحوار ) وكل عزة وكرامة يتميزون بها بين خلق الله؛ تحت أقدام قلة من البشر تدعي الانتساب إلى، والتشيع لآل البيت النبوي الشريف؛ متناسين، بل ضاربين عرض الحائط أن اليمنيين هم أكثر، وأصدق، وأخلص محبة لآل بيت النبي عليه، وعلى آله، وصحابته أزكى الصلاة والتسليم، وأن اليمنييين لا يمكن أن يقروا، أو يقولوا بتكفير المسلمين، فضلاً عن صحابة نبيهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم جميعاً .
لقد دنسوا بقذرهم الفكري، السلالي، وجشعهم التسلطي، الاستبدادي، المادي أرض محافظة عمران، لكن .. ليس من الآن .. لقد فعلوا ذلك يوم أن أخرجهم الظلمة من مقابرهم المنتنة، المظلمة؛ في التسعينات، بعد أن دفنتهم ثورة سبتمبر، وبثوا فيهم روح الحياة بعد أن كان وجودهم معدوداً، ومحدوداً في بعض الذين كانوا يغادرون الوطن خلسة إلى طهران، ثم مكنوهم من السلاح، وفتحوا لهم باب العمالة على مصراعيه؛ حتى تمكنوا من صعدة، فبدأوا مشروعهم الصفوي التصفوي أولاً بطرد اليهود الحميريين من مواطنهم، ومواطن آبائهم وأجدادهم، ثم بطرد المسلمين الموحدين ( المهمشين ) لأن السادة ( الأدعياء ) لا يعجبهم منظرهم البائس في المحافظة؛ متناسين أن ذلك البؤس ليس إلا ثمرة ظلمهم واضطهادهم وتجهيلهم وإقصائهم لهذه الفئات في مختلف القرى اليمنية، وبمقتضى اتفاق ظالم في أعقاب إسقاط دولة بني نجاح .
وبالتالي؛ فإن هذه الجراءة على أجهزة الدولة، وجيشها وأمنها قد بدأت مبكراً؛ يوم أكلوا الثور الأسود، وتواصلت مؤخراً بتهجير أهل دماج يوم أن أكلوا الثور الأحمر( لو تذكرونهم ) ظلماً وعدواناً، وإنما كانت عملية استيلائهم على عمران، وأكلهم الثور الأبيض ( حسب الحكاية المروية ) تحصيل حاصل لكل ما جرى منذ التسعينات، لكنه الآن يمثل مسعى حثيثاً، ولن ينتهي، ولن يتوقف حتى يجدوا القوة الرادعة، أو يأكلوا الشعب كله؛ وخصوصاً بعد أن غرهم حلم وحكمة فخامة الرئيس، وبعد توجه أعينهم نحو الجوف، وصنعاء، وحجة، والمحويت، والحديدة، وذمار، وإب .. نعم لن يتوقف هذا الجشع الطائفي المتعجرف ما لم يجد الرد، والردع المناسبين؛ وبما يكفي لطرد وساوس الشياطين المجوسية من رؤوس الحوثي وجماعته، وأقولها صراحة إن الحوثي لم يدخل شريكاً في مسيرة الحوار إلا تكتيكاً؛ لكسب الوقت، وهدم المسيرة برُمتها، لا رغبةً، أو حباً في الوئام والسلام، وأنه قد عمل ( من مستنقعاته التقليدية ) وبكل وسائله حتى آخر اللحظات قبل التوقيع على مخرجات الحوار لإنهاء، وإفشال كل شيء، والعودة من جديد إلى نقطة البداية، وطبعا ( كما رأينا ) لم يرده ذلك حتى عن القتل، والتضحية بممثله في مراسيم التوقيع، عندما قتلوه، ومشوا في جنازته، يبكون مع الباكين، ويتوعدون مع المتوعدين .
لا نقول ما قلناه جزافاً، فهاهي الجماعة تشترط على الدولة للخروج من عمران إدخال محافظات، وإخراج محافظات في (إقليم سبأ) خلافاً لما تم الاتفاق عليه، وهاهو الزعيم السياسي اللبناني وليد جنبلاط يحذر السعودية ( من على قناة الجزيرة ) من خطر الحوثي، ويؤكد أن ايران تهدف الى تقسيم اليمن، وأن الهدف القادم بعد عمران هي ( الحديدة ) حسب رأيه، واستنتاجاته، وربما معلوماته، وقد تأكد ضلوع إيران في التدخل في الشان الداخلي لليمن وللمملكة السعودية الشقيقة بعشرات الحوادث، والشواهد، وآخرها سفينة الاسلحة الايرانية ( جيهان واحد ) التي ضبطتها السلطات اليمنية مؤخراً؛ وعلى متنها أكثر من 40 طنا من الاسلحة المتطورة، والأخزى، والأكثر وقاحة أن يشترط الحوثي بعد ذلك (حسب عكاظ ) في هذه الظروف الفضائحية المقززة اطلاق بحارة سفينة الاسلحة ( جيهان واحد ) مقابل تحديد مصير العميد القشيبي !! وكأنهم دولة تقف أمام دولة؛ بكامل الندية، وكأنهم ليسوا مجرد مجرمين، وخارجين على النظام والقانون والدستور ومخرجات الحوار؛ التي وقعوا عليها ضمن من وقعوا في يوم من الأيام .
ومع ذلك فإن الأمل سيظل معلقاً بالله، ثم بالأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية الذي بدأ سلسلة من الإجراءات الحازمة، والرادعة، الهادفة إلى حماية حق الدولة وسيادتها، واسترجاع، ونزع الأسلحة من كافة الأطراف، والمليشيات، وأصحاب العهد .
هذه القرارات تزداد أهمية في هذا الظرف من واقع أن الحوثي قد مثل ثقلاً في إطار الثورة المضادة ( قوى الفساد والتخريب، والقاعدة، والحراك المسلح ) ومخبأً، وملاذاً لكل الترسانات غير الشرعية، وعهد الأسلحة التائهة من خزائن الدولة حتى الآن، ولاسيما من موقعه، وحصانته، وخصوصيته هو كشريك في الحوار، ضف إلى ذلك ما أوردته المعلومات الصحفية المختلفة مؤخراً من أن الحوثيين في هذه العملية الأخيرة في عمران فقط؛ قد استولوا على ( 50 ) دبابة، و(30 ) مدرعة، و( 40) عربة مدرعة، و( 202 ) من الأطقم العسكرية و(800 ) صاروخ كاتيوشا، بالإضافة إلى مضادات الطيران، والعتاد، والمعدات، والمؤن .
لقد أمسك فخامة الأخ الرئيس الآن بزمام المبادرة، وضيق الخناق على أعداء الوطن، وأصبح في موقع القدرة الكاملة، ولاسيما في ظل التأييد الدولي، والعربي، والإقليمي، وقبل ذلك كله التأييد الشعبي العارم له كقائد وطني ومدافع أول عن الشرعية التي يحتمي خلفها الجميع، وتستظل بها كل الآمال والطموحات المشروعة لجماهير الشعب من أقصى البلاد إلى أدناها، ومن شرقها إلى غربها، ومن جنوبها إلى شمالها، وتتخلق في ظلالها الوارفة ملامح اليمن الاتحادية الديمقراطية .. يمن الحرية والعدالة والمساواة .. يمن الإنسان، والحضارة، والتقدم، والازدهار .
ويكفي أن المجتمع الدولي يتوجه الآن جدياً نحو إدراج الحوثي تحت البند السابع بمقتضى قرارات مجلس الأمن بشأن اليمن، وأن الأخوة في المملك العربية السعودية قد أدركوا كما هو واضح خطورة هذه الجماعة التي تخطط لتمزيق اليمن، ثم لمها أشتاتاً، ومزقاً في دولة إمامية اثني عشرية، ثم الالتقاء مع زمر الاثني عشرية وجيوبهم في المملكة بهدف إكمال حلقات الخنق لموطن الرسالة المحمدية، وإعلان دولة فارس الجديدة على رأس محطم أمجادهم، ومطفئ نيرانهم؛ الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وعلى رؤوس ومدافن صحابة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وصحابته وسلم .
لذلك نعتقد أن النافع الآن لهذه الجماعة المنحرفة؛ هو أن تعود سريعا إلى جادة الصواب،ومسيرة التسامح الديني التي تميز بها شعبنا منذ أقدم العصور، وإلى الإجماع الوطني، وإطفاء لهب الفتنة الطائفية التي يحاولون إشعالها في الوطن، والتكفير عن جرائمهم، والرضا بالمثول أمام المحاكم لتحمل المسؤولية عن جرائمهم في حق اليمنيين، وإعادة أسلحة المليشيات والجماعات، ومن عندهم عهد للدولة إلى الخزائن الشرعية في الداخلية والدفاع، ذلك أن زمن العبث والمغامرات قد انتهى، ( ومن يظن أنه سينتصر بالسلاح، وثقافة الإقصاء، والتمييز فهو مخطئ ) كما قال فخامة الأخ الرئيس حفظه الله .
هذا هو الحل، وما زال الطريق مفتوحاً، والحذر من الأوهام المجوسية !! ولتكن عمران درساً أخيراً للجنون والمغامرات، فقد أشرقت نهارات اليمنيين، ودفنت لياليهم الموحشة بحول الله وطوله .. ولن تعود تلك الليالي المظلمة .. إلى الأبد ...
ـ[email protected]
يكفي عبثاً .. يكفي لعباً بالنار !!
أخبار متعلقة