لقد مر الوطن اليمني بظروف صعبة ومعقدة (سياسية واقتصادية وأمنية ) نشبت في وقت واحد مطلع 2011م، منذرة بحرب أهلية لم يكن تأثيرها ليقتصر على اليمن بل قد يمتد للتأثير على دول الجوار وأمن خطوط الملاحة البحرية الدولية.
وبحمد الله تغلب اليمنيون على اكبر أزمة واجهت اليمن في تاريخه المعاصر بمساعدة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي ومعهم المجتمع الدولي والمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر وفريق الخبراء التابع له بمنطق العقل والحكمة وتم التوافق بين القوى السياسية على حل الأزمة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وتم التبادل السلمي للسلطة كخطوة أولى نحو تحقيق آمال وتطلعات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح وتشكل حكومة الوفاق الوطني بتاريخ 7 ديسمبر 2011م.
و تضمنت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أربع خطوات للانتقال السلمي للسلطة عبر التحضير والتنفيذ لقيام مؤتمر حوار وطني شامل يهدف إلى تمكين كل المجموعات والقوى السياسية في الساحة اليمنية والحراك الجنوبي السلمي وحركة الحوثيين والمعارضة اليمنية في الخارج ومؤسسات المجتمع المدني والشباب والنساء وغيرهم للمشاركة في اتخاذ قرارات تاريخية تتمخض عن رؤية جديدة لمستقبل البلاد.
وتنفيذا للمبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن 2014و 2051 ، تم افتتاح فعاليات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في 18 مارس 2013م في دار الرئاسة بصنعاء برئاسة رئيس المؤتمر رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي وبحضور الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الأستاذ جمال بن عمر وسفراء الدول العشر الراعية لعملية الانتقال السلمي في اليمن .
جاء أعضاء مؤتمر الحوار الـ (565) من جميع أرجاء البلاد يمثلون كافة الشرائح المجتمع وأطيافه ، ليشاركوا بفاعلية في النقاشات حول القضايا المحورية التي ترسم مستقبل الوطن المشرق الذي نصبو إليه جميعا .
لقد استمر الحوار لمدة عشرة أشهر من 18 مارس 2013م حتى اختتم أعماله في 25 يناير 2014م بنجاح وخرج بوثيقة مخرجات مؤتمر أصبحت تمثل الإطار العام وخارطة الطريق بشأن دولة المؤسسات دولة النظام والقانون دولة العدل والمساواة ودولة الحريات المسؤولة . وكذا نوعية القضايا التي بحثها وناقشها المؤتمر ووضع الحلول والرؤية المتفردة التي خرج بها المؤتمر كفيلة بقطع الطريق أمام عودة الاستبداد أو حكم الفرد والقبيلة والعائلة .
كما أن وثيقة الحوار الوطني الشامل تمثل خلاصات وآمال وطموحات شعبنا اليمني الكفيلة بنقل اليمن إلى آفاق الحداثة وروح العصر .. وأن أي تقاعس في تنفيذ الوثيقة سيعتبر خيانة لدماء الشهداء ( الثورة الشبابية السلمية ). وبهذا كان مؤتمر الحوار الوطني قد طوى فصول الاقتتال والصراعات بين أبناء الشعب الواحد ،كما أن المؤتمر أسس منتدى وطنيا هدف الى حلحلة ومعالجة جذور القضايا والتحديات الشائكة وبشكل توافقي وتشاركي بغية بناء منظومة اتحادية ودولة المؤسسات اللامركزية التي ترعى مبادئ الحكم الرشيد والعدالة والمواطنة المتساوية وتهدف إلى تعزيز ازدهار ورقي الشعب اليمني عبر ترسيخ مرتكزات التنمية المستدامة.
كان للأخ / رئيس الجمهورية عبده ربه منصور هادي ، رئيس المؤتمر الفضل الكبير بإنجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل وذلك بإدارة مؤتمر الحوار وسعة صدره وحكمته وتأنيه في اتخاذ القرارات رغم الضغوط الداخلية والخارجية وتقريب وجهات النظر بين أطراف العملية السياسية في الوقت الذي كان يجزم فيه بعض المراقبين الدوليين بفشل مسار الحوار نظرا للاضطرابات الأمنية والاقتصادية والسياسية في اليمن .
وجاء القرار الدولي الأخير لمجلس الأمن الدولي الصادر بمقتضى البند السابع برقم (2140) ليقطع الطريق أمام أي فرد وجماعات تريد تقويض العملية السياسية في اليمن، مشكلاً رسالة قوية وحاسمة لكافة القوى التي تسير عكس التيار والتي تريد إجهاض المبادرة الخليجية وتعمل بكل تملكه من إمكانيات لعرقلة مسيرة التغيير وتنفيذ مخرجات الحوار من خلال عملها على إثارة الفوضى والعنف والتخريب بكافة أشكاله ومظاهره.
وعليه فأن المطلوب من الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي وأصدقاء اليمن الاستمرار بالدعم ومساعدة اليمن للخروج من الأزمات الثلاث وعلى رأسها المشكلة الاقتصادية ومواجهة التحديات التي قد تواجه مسيرة تنفيذ مخرجات الحوار في اليمن ، لان اليمن لازال يواجه مشاكل سياسية واقتصادية سببها شحة موارد الدولة وتراكمات الماضي وضخامة التحديات التنموية فضلا عن التحديات الأمنية والإرهابية .
18 مارس 2013م يوم رسم خارطة طريق ليمن جديد
أخبار متعلقة