.. والآن ، وبعد توقيع جميع تشكيلات ألوان الطيف المتحاورة مؤخراً ( 8 يناير) على وثيقة حل القضية الجنوبية ؛ تكون اليمن قد أنجزت ـ بقواها الفاعلة ـ خطوة جريئة أخرى باتجاه المستقبل ، وصوب بناء مداميك الدولة ، الديمقراطية ، الحديثة ، دولة النظام والقانون ، دولة المؤسسات ، دولة الحقوق ، والمواطنة المتساوية .
قلنا خطوة جريئة ، ونحن نعني ذلك ؛ لأننا لن نكون بهذا المنجز قد قطعنا الطريق على قوى الشر ، والتخريب ؛ من تجار المشاريع المشبوهة بمختلف دعواتها ، ودعاواها ، وألوانها، ومسمياتها ؛ المتربصة بشعبنا ، وبلادنا الدوائر فحسب ؛ بل وأسسنا ـ كذلك ، وبإرادة حرة ، وبعيداً عن أي تأثير ـ قاعدة صلبة ، تصلح بامتياز لأن تكون مرتكزاً مكيناً للانطلاق صوب الآفاق الواسعة ، المشرقة لبناء الوطن ، وتحقيق النهضة ، بخطىً واسعة ، وبما يمكن شعبنا من تضييق الهوة الحضارية ، والاقتصادية مع الشعوب المتقدمة ، أو على الأقل مع الشعوب الناهضة .
لكننا نرى ـ مع ذلك ـ ضرورة ألا نركن إلى ما نبني في كل مرحلة دون رعاية وحماية جماعية ، بل نحرص على هذا البناء ، ونرعاه ، ونمده بأسباب القوة ، والديمومة ، بمشاركة وتعبئة شعبية واسعة ، وبمختلف الوسائل التعبوية المجربة؛ ليظل ـ كل منجز على حدة ـ قادراً على أداء وظيفته في سياق المنجزات الجوهرية لبناء الدولة ، وبما يقطع وساوس الشياطين ، وضعاف الأنفس ، ممن لا يروق لهم أن يروا الوطن إلا سجيناً في إطار مصالحهم المريضة ، أو أن يهدموا المعبد على رأس من فيه ، ولو كان الشعب كله .
هذا أولاً ، أما ثانياً : فإننا ندعو المتحاورين ، وقيادة مؤتمر الحوار في المقدمة ؛ إلى النظر بجدية إلى مختلف الملفات الساخنة سياسياً ، واقتصادياً ، واجتماعياً ، وحقوقياً ، وخصوصاً ملف صعدة الخطير ، وملف المهجرين من قراهم في صعدة ، والجعاشن ، وملفات : تهامة ، والمهمشين ، وغيرها من الملفات المهمة ليغدو الحل شاملا ، ويشعر الشعب حقاً بأنه قد أنجز ـ كل في محافظته، وفئته ـ مختلف المطالب الملحة في ثورة فبراير السلمية ، التي جاءت لاجتثاث مخلفات الفساد ، والتخلف ، وتحقيق المواطنة المتساوية، وإنصاف أبناء المحافظات الجنوبية ، وتأسيس دولة النظام ، والقانون ، والمؤسسات ، والمواطنة المتساوية .
إن تجزئة الحلول ، أوالهروب إلى الأمام ، وإعطاء الأولويات في الحلول لأصحاب الأصوات العالية ، وإهمال من لا صوت له؛ سيؤدي بالتأكيد إلى مظالم كثيرة ، وتفريط جم في الحقوق، وبالتالي ترك النار موقدة ، وإن تحت الرماد ، لتبقى خطراً متربصاً ، وجرحاً نازفاً في جسد المجتمع ، والعدالة ، ونذير أخطار قادمة ، وورقة رابحة في أيدي القوى المعادية لاستقرار، وتقدم اليمن الديمقراطي الموحد ، والمزدهر ؛ إن شاء الله .
لذلك لا بد أن ينجز مؤتمر الحوار مختلف مهامه التي انعقد من أجلها بمقتضى المبادرة الخليجية ، وآليتها التنفيذية ، وقرارات مجلس الأمن ؛ للخروج بعقد جديد ، شامل ، يرضي الجميع ، ويحفظ لليمن استقلاله ،وتطوره ، ووحدة ترابه الوطني .
ماذا بعد التوقيع ؟
أخبار متعلقة