العنف هو استخدام القوة في التعامل مع الأشياء ومع الآخرين وهو تعبير عن فشل في العلاقات، وتحول الإقناع إلى إجبار، وإحلال القوة والإكراه بدلا من المنطق وتحكيم العقل بالحوار.
أما الإرهاب، فهو المناخ الاجتماعي الناتج عن توقع مستمر لحدوث العنف، في أي زمان او مكان ودون معرفة الفاعل او مصدر الفعل العنيف المتوقع حدوثه، وهذا التوقع هو الذي يشيع مناخا إرهابيا، فيعيش الناس في حالة خوف ورعب، كل واحد منهم يخشى أن يكون الضحية.
والعنف أنواع: نوع منه موجه لموضوع محدد أو لشخص محدد، كأن يكون موجها للاستيلاء على ما في حوزة الشخص من مال وعتاد، وليس موجها ضد الشخص لذاته، أما إذا كان موجها ضد شخص معين مقصودا في ذاته فذلك هو القتل العمد.
ومن العنف ما يستهدف تدمير بناية رسمية أو منشأة حكومية أو اغتيال مسؤول حكومي، وهو المسمى بالعنف السياسي، لانه يستهدف الدولة أو النظام السياسي، فهو يستخدم العنف كوسيلة سياسية.
والعنف بنوعيه الاعتيادي والسياسي يشيع في المجتمع مناخا إرهابيا، بحيث يجعل كل شخص يخشى على نفسه، دون أن يكون قادرا على تحديد مصدر الخطر.
وفي بعض الحالات يتخذ العنف وسيلة للوصول إلى هدف ما، بغير الطرق المشروعة، كاللجوء إلى القوة والتدمير وسفك الدماء وإزهاق الأرواح، وعندئذ يتحول العنف إلى إرهاب، لأن العنف في هذه الحالة يؤدي إلى رد فعل عنيف، فاللص الذي يقتحم منزلا ليسرقه يبدأ بالعنف فهو بذلك يشرع الرد عليه، وهكذا الحال في كل حالات العنف، وهو ما يستوجب تدخل المؤسسات القانونية لضبطه ومنعه، وهذه المؤسسات كما هي العادة تخضع للدولة التي تمتلك جيشاً وشرطة مسموحا لها استخدام الأسلحة لإيقاف العنف والتصدي للإرهاب، فإذا ما تم تدمير الدولة أو إلغاء كيانها، وأضعاف مؤسساتها فان ذلك يؤدي إلى اختلالات أمنية خطيرة بحيث يلجأ البعض إلى العنف وسفك الدماء للدفاع عن أنفسهم أو الحفاظ على ممتلكاتهم أو نيل حقوقهم المنهوبة أو المسلوبة، من قبل بعض ذوي النفوذ أو السلطة، وهذا النوع من العنف قد يكون فرديا أحيانا، أو يتخذ شكلاً جماعياً في أحيان أخرى، تحت مسمى مقاومة أو تمرد، أو غير ذلك من التسميات، وفي هذه الحال يحصل نوع من الحراك الاجتماعي الرافض أو المؤيد لما آلت إليه الأمور نتيجة غياب الدولة، وربما يتحول هذا الحراك إلى نوع من الصراع الدامي في المجتمع، مما يخلق مناخاً مناسباً للإرهاب، في ظل غياب الدولة، وضعف أجهزة الضبط القضائي فيها، وفي هذه الحال تنشط بعض القوى لتشكيل عصابات أو مليشيات، أو غيرها من التجمعات المسلحة، وتسعى جاهدة لاجتذاب بعض الشباب، وتجنيدهم لتحقيق أغراضها، مستفيدة من حالات البطالة والفقر والحاجة، فتقوم هذه القوى بإعادة صياغة وعي بعض الناشئة وتوجيههم نحو العنف، باعتباره وسيلة مثلى للتغيير، وهو ما أدى إلى لجوء بعض الشباب إلى العنف وسفك الدماء، بما في ذلك استخدام أجسادهم أدوات تدمير لهم وللآخرين، بما يعرف بالعمليات الانتحارية، والتي يسمونها عمليات استشهادية.
وربما يكون الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المتردي قد هيأ الظروف الملائمة لإيجاد الدوافع والظروف التي جعلت الحياة الغالية رخيصة ومستهاناً بها لدى بعض الشباب، إلى الحد الذي يجعلهم يستخدمون أجسامهم كأدوات لتدمير أنفسهم والآخرين، في ظل غياب مؤسسات الدولة.
إنه عندما تختل الدولة، وتنهار أجهزتها، تبرز حينئذ فرص ظهور العنف واللجوء إلى القوة، وشيوع المناخ المناسب للإرهاب.
ولذا فإن أهم واجبات لجنة الحوار الوطني الشامل المنعقدة في العاصمة صنعاء العمل على إعادة بناء الدولة اليمنية على أسس حديثة، تسعى لإيجاد قوانين تنظم العلاقات السياسية والاقتصادية والحقوقية بين المواطنين، بحيث تكون القوانين معبرة عن الإرادة الجماعية، وتكون الدولة مجسدة للإرادة العامة، وحدوث إجماع على شرعية الدولة ومؤسساتها وقوانينها، وخضوع المؤسسات المناط بها استعمال العنف وامتلاك أدواته للقوانين التي تحدد أوجه وطرق استعمال العنف، وحصره بعنف الدولة فقط، لتتمكن من إيقاف العنف وضبط النظام والتصدي للإرهاب ، أيا كان نوعه ومصدره ومبرراته.
ما السبيل إلى إيقاف العنف والإرهاب؟
أخبار متعلقة