لم يكن حديث المناضل الوطني البارز الرئيس الأسبق لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية رئيس المركز العربي للدراسات الإستراتيجية حالياً بمناسبة الذكرى الثانية للثورة الشبابية الشعبية السلمية عبثاً عندما قال في مقالٍ له نشرته صحيفة (26 سبتمبر ): ليس غريباً على مدينة تعز أن تكون مشعلاً للثورة وموئلاً للثوار ، تلك المدينة العزيزة التي تربطني بها علاقات تاريخية كما هي مع كل من ناضلوا وبذلوا جهوداً مضنية وتضحيات جسام في ثورتي سبتمبر وأكتوبر .. حيث كانت حاضنة آمنة ومؤتمنة وفي انسجام مع تاريخها، أشعلت ثورة الشباب في مثل هذا اليوم ، والتي كانت معبرة عما كنا نتحدث عنه في مرحلة ما كان يسمى بالأزمة السياسية..هذا ما قاله المناضل الاكتوبري الكبير أبو جمال عن عظمة هذه المحافظة ودورها الريادي النضالي ضد الظلم والاستبداد والتخلف ، ومن أجل بناء دولة مدنية تتحقق في ظلها العدالة والمواطنة المتساوية لكل أبناء الوطن، وعبر تاريخ اليمن المعاصر كانت تعز تمثل محور ارتكاز لحكام اليمن شمالاً وجنوباً .. ذات مرة سؤل الإمام احمد وهو في قصر صالة عن سبب اتخاذه مدينة تعز مقراً له ، رد على من حوله: من أراد حكم اليمن عليه السيطرة أولاً على تعز، ثم جاء المشير المرحوم عبدالله السلال واتكأ على تعز في الدفاع عن الثورة عبر الإمداد البشري والمادي ، وبعده جاء القاضي عبدالرحمن الارياني والشهيد إبراهيم الحمدي وصولاً إلى الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وبالمقابل مثلت تعز القلب النابض والحضن الدافئ والسند القوي لثورة 14 أكتوبر المجيدة ، حيث شارك أبنائها مشاركة فعالة في النضال ضد المستعمر ، وكانت هذه المحافظة حاضنة مؤتمنة وساحة تدريب وإمداد للثائرين الأبطال من أبناء المحافظات الجنوبية الذين لا يزالون حتى اليوم يتذكرون عظمة الوفاء لتعز وأبنائها التي تستند إلى ارث حضاري ثقافي نضالي منذ العهد الرسولي وحتى هذه اللحظة ، وظلت عصية على كل المشاريع التقليدية الصغيرة والمتخلفة ، لذلك لا غرابة أن نجد اليوم بعض القوى القبلية المتخلفة المناهضة للتغيير والمتشبثة بالحكم والسعي بكل قوة أن لا تفقده ، ومن يدور في فلكها من قوى الفساد ومن فقدوا مصالحهم ، وأولئك الذين يخشون من مخرجات الحوار الوطني، بمسارعتهم إلى حشد القتلة والمجرمين والمرتزقة وتزويدهم بالمال والسلاح وبمختلف أدوات الدمار والتخريب ونشرهم في عاصمة اليمن الثقافية التي لم تعد كذلك ليعيثوا فيها فساداً ودماراً وتحويلها إلى ثكنة إجرام مرعبة بغية تركيعها وضرب مشروع أبنائها في بناء دولة مدنية يمنية حديثة يتطلع إليها عامة شعبنا في جنوب الوطن وشماله، وبالتالي فإن القوى الظلامية المشدودة إلى الماضي تهدف إلى طمس ونسف مشروع التغيير الذي يؤسس ليمن جديد.
ولذلك كله نجد أعضاء الفصيلين المتصارعين في منظومة الحكم السابق يعملون كل ما في وسعهم للثأر والانتقام من هذه المحافظة من جهة، والتسابق المحموم لإخضاعها وتركيعها وإذلالها والسيطرة عليها من جهة أخرى.. وتارة نجدهم يشعلون الفتن بين أبنائها وأبناء غيرها من المحافظات..وتارة أخرى يحاولون إظهارها بالمظهر المتخلف القبيح، يشوهون جمالها بتكديس مخلفات القمامة في كل شوارعها وأزقتها وبصورة مقصودة ومتعمدة.
لا يغيب عن احد من أبناء تعز أو متابعي أحداثها حقيقة ما يجري في هذه المدينة المدنية من فوضى ممنهجة ومنظمة تديرها عصابات الخمير الحمر التي لا تدرك حقيقة نتائج لعبتها القذرة، وهي تسعى لاغتيال ما بقي من وعي وطني يرفض الإذلال والتعصب الأعمى ولا يقبل بالقوى التقليدية المفتقرة لأي مشروع مدني نهضوي خاصة بعد أن فشلت مشاريع تلك القوى في غير اليمن من تحقيق مآربها وباتت تراهن في أكثر من مكان على تحاشي تكرار تلك الهزيمة ومنها في اليمن فعمدت إلى ضرب وتفتيت تعز وتحويلها إلى حاضنة للهمج وثقافة الهمجية وساحة لتصفية حسابات قديمة جديدة بين تلك القوى المتسلطة على ثرواتنا ومقدراتنا منذ أن عرفنا أنفسنا.
المشكلة أن جميع أبناء تعز يعلمون تلك النوايا ويعرفون أدق تفاصيلها ولكنهم صبورون ليس من ضعف وعدم معرفة ولكنهم يعلمون أن مؤججي وممولي الفوضى في تعز هم اللاعبون أنفسهم في مؤتمر الحوار فليس من المنطقي أن تكون تعز الذريعة لإفشاله وإلا لخرجت تعز عن بكرة أبيها تنفض عن نفسها ما علق بها من أدران هي من فعل أُناس لا ينتمون إليها ولكن أدواتهم للأسف يظن أنهم من تعز وبعض الظن إثم.؟!
حقيقة تعيش تعز اليوم أسواء مراحلها بعد أن استطاع حقد دفين وغبن وغباء المتآمرين نفث عفَّنهم في أوساط التائهين بين الحقيقة والوهم من شباب تعز الفقراء الذين سُلطت عليهم معاول الهدم والتفتيت منذ زمن ولهدف واحد يتكرر في كل زمان ومكان وهو ضمان إخراج هذه المدينة والمحافظة من دائرة الفعل النهضوي..كفاكم تقاسما للفوضى والسلاح والتقطعات والهمجية في هذه المدينة التي خيم البؤس على المكان والزمان ، ولم يبق شيء جميل فيها سوى الرعب الذي تقرؤه في واجهات المنازل وأرصفة الشوارع وجباه الرجال ووجوه الأطفال وخدود النساء..لأنكم وستظلون أحباب الأمس أعداء اليوم وفي كل الأحوال انتم أعداء تعز ولن ترحمكم مهما سخن صفيحها فلاشك ستُحرقون بنار انتم من أشعلها.
تعز فوق صفيح ساخن!!
أخبار متعلقة