بزيارة سريعة للمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان، فرع عدن، تحس انك بين ملائكة رحمة حقيقيين هم عدد قليل من الشباب والشابات، شباب فعلاً يستحقون التقدير والاحترام .. انه عمل رائع تتجلى فيه روح التضحية والعمل الإنساني الذي يجفف دمعة حزين، ويمسح ألم محتاج لانقاذ حياة .. تلكم ملاحظات سجلتها منذ ايام، ومازلت اكتشف كل يوم زيارة عملا يتخلق لأكبر منشأة لمواجهة هذا الداء الخبيث في هذه المدينة التي كانت (زهرة المدائن) فجعلوها مجرد محافظة تفتقر لأبسط الأشياء وتلك مأساة ان يتحول الأبناء إلى عاقين ويجازوا مدينتهم - والغرباء معهم - جزاء (سنمار)!
نحن نتحدث عن مؤسسة لها علاقة باحتياجات مرضى عديدين، ورغم ذلك تجد التميز والتفرد واتقان الأعمال، الهدوء أجمل سمة والنظافة عنوان الصحة والاناقة لب السلوك للدخول إلى نفسية المريض.. بارك الله في طاقم هذه الادارة .. فكلهم في سن أبنائي، عدا واحد أجده امامي على مكتبه المفتوح في سني تقريباً .. وهذا هو سر النجاح والتفرد.
حقيقة .. أنا لم أكن من مشجعي ثورة الشباب، نظراً لحداثتهم ولضرورة الاستفادة من المجربين من القيادات كمرجعية ولتصحيح المسار، إن تطلب الأمر .. لكن هنا، وبالنظر إلى المشافي في عدن خاصة واليمن عامة فيها من العشوائية والفوضى وكأنك في سوق وليس في مستشفى .. هذا هو الفرق هنا ان تجد الشباب قد اثبتوا عكس توقعاتنا ونجحوا .. وأدعوا الإعلاميين الزملاء المتخصصين لزيارة الموقع ـ موقع المؤسسة بجانب محطة العاقل للبنزين ـ امام فندق (ميركيور) بخورمكسر ليدلوا بدلوهم.
تحدثت مع المدير الشاب الأنيق الخلوق وهيب هائل ـ المدير التنفيذي للمؤسسة عن أمور المؤسسة مركزاً على (مستشفى الأمل) والتبرعات التي نراها في القنوات الفضائية وجدية المشروع من عدمه .. فإذا به يريني ما يذهل حقيقة حول المشروع.
المشروع بدأ العمل منذ ستة اشهر، ويقع في المساحة المقابلة لـ (البيبي كليب) في البريقة حسب فهمي وقد تم انشاء عدد من المباني الحكومية للمستشفى، وبعضها سوف يكون من عدة طوابق، وقد نهض المشروع وتم تسويره والعمل جار على قدم وساق وتلاحظ أكواماً من أطنان الاسمنت والحديد ومواد البناء .. والمشروع سيرى النور قريباً ان شاء الله، والشكر للاستاذين الشيخ محمد العامري ومحمد ناصر اللذين يلعبان دوراً مهماً في دعم مشاريع الاغاثة وانقاذ الحياة، ومن ثم بناء المستشفى التخصصي الأول من نوعه في عدن .. وكان يفترض ان يكون مثل هذا المستشفى وغيره في عدن منذ عشرات بل مئات السنين!
سألت عن وحدة الأمل في مستشفى الجمهورية فعلمت انها تعمل وفق دعم جمعيات خيرية وأهلية وشخصيات وطنية .. وهناك محاولات لنقلها إلى مستشفى الصداقة لمركزية العمل، ولوجود الأطباء الاختصاصيين ويرى البعض ان تركيز العمل في مكان واحد تكون فائدته أكبر وأشمل في حين يرى آخرون ان بقاء هذه الوحدة ودعمها له اثار ايجابية لمرضى عديدين لا يستطيعون الذهاب إلى مستشفى الصداقة وأنا اضم صوتي للرأي للاخير في حين كان رأي الدكتورة سونيا عطبوش الشعبي وهي طبيبة شابة تعمل في المؤسسة وتقوم بخدمة المرضى، ان نقل الوحدة ليس مؤثراً على الخدمة العلاجية لوجود الأطباء المحترمين، لكن بقاءها في خورمكسر ايضاً مهم للكثيرين وهذا أمر يفترض ان تحسمه مصلحة المرضى والمساهمين في الدعم وأمور كثيرة اخرى.
الدكتورة سونيا عطبوش أفادت ان اكثر من ألف حالة منذ يوم الافتتاح يتم صرف دواء لها من المؤسسة وقد يدفع المريض نسبة معينة، والنسبة الأعلى تتحملها المؤسسة وهناك أدوية مجانية لمرضى كثيرين لا نستطيع حصرها هنا.
بقي أن نشير إلى أن المؤسسة قد استجلبت جهازاً ليزريا لمرضى الجلد والصدفية والبهق، تكفل به كما قالوا فاعل خير، وتعمل عليه الشابة (وفاء) وزميلة لها كطبيبات وكلهم يخدمون المرضى كما ينبغي .. فلهم منا التحية والتقدير والاحترام.
أعمال إنسانية رائعة
أخبار متعلقة