اهتم الدستور المصري الإخواني الغرياني بالتفتيش في النوايا والدعبسة في الضمائر واللغوصة في المذاهب لتفصيل مواده على المزاج الوهابي وتناسى أهم قارب للنجاة في هذا العالم، وهو العلم، لذلك سعدت برسالة الجبهة المصرية لحماية العلم، التي أرسلها عضو هذه الجبهة الأستاذ البدراوي ثروت والتي يقترح فيها إضافة مادة تحمي العلم وتشجعه كفريضة مستقبل، تقول الرسالة:
قال فيكتور هوجو «تبدأ الحرية حيث ينتهي الجهل»، إن أي ثورة عربية بدون حركة علمية وتنويرية مرافقة لها، لن تكون سوى انفجار عصبي تنفس به الأمة عن كبتها الطويل بدون تغيير حقيقي لذلك نقترح إضافة هذه المادة للدستور المصري:
«يكون من واجب كل مواطن مصري أن ينمي المزاج العلمي والمبادئ الإنسانية وروح البحث والإصلاح ، وعلى الدولة توفير اللازم لذلك»، لماذا هذه المادة؟ لأن إهمال التعليم والبحث العلمى على مدى السنوات الماضية كان مقصوداً ولم يكن مجرد عجز للنظام عن إدراك البحث العلمي باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق نهضة حقيقية، لقد كان مقصوداً أن تظل مصر خارج نطاق العالم المتقدم وأن ينحصر دورها وتنحصر مكانتها فى دوامة مواجهة هموم المعيشة المحدودة، وظل التعليم والبحث العلمي في مصر يتدهور لسنوات وسنوات، وكان المبرر عند النظام السابق جاهزاً، وهو أننا «بلد فقير»، والحقيقة أن ذلك لم يكن صادقاً، فقد كان النظام ينفق بكل سخاء على الأمن وبكل البخل على البحث العلمي وحتى مع القبول بمبرر نقص الموارد فإن ذلك كان دافعاً أقوى للإنفاق على التعليم، للزعيم نهرو مقولة عن أحوال بلده فقال «الهند بلد فقير جداً لدرجة أنه مرغم للإنفاق على التعليم بسخاء»، العلم ببساطة هو طريقة لفهم وشرح الكون والحقيقة حولنا، بدون تعليم جيد لن نكون الأشخاص الذين يصنعون الإنجازات العلمية الكبرى، لن يكون في المستقبل من يجد علاجاً للسرطان أو الإيدز أو حتى الالتهاب الكبدي الوبائي «c»، العالم على أعتاب ثورة علمية ثانية، وعلى أعتاب قفزة جديدة في تاريخ العلم وتاريخ البشرية ويجب أن يكون للمصريين دور فيها مثلما كان لهم دور في التاريخ، ليس لدينا إلا خيار واحد وهو أن نبدأ التمويل العلمي وزيادته ودعم المجتمع المدني في جهوده لنشر وتعميم العلوم ودعم حرية الفكر والبحث العلمي، البحث العلمي والمعرفة العلمية ليست رفاهية إنما ضرورة لأي أمة تأمل في النهوض ولا ينتهى مدة صلاحيته فعوائده ستظل معنا للأبد، إننا في حاجة إلى بناء مجتمع جديد له التأثير العالمي الحقيقي وقوة اقتصادية أو تكنولوجية يستطيع الوقوف أمام تلك القوى ولابد من استعادة القوى الاقتصادية والعلمية والسياسية للعالم العربي، نشير إلى تجربتين إحداهما بعد الحرب العالمية الثانية والأخرى حديثة العهد، فاليابان كانت في عيون الأمريكيين دولة ضعيفة استخدموا ضدهم السلاح النووي في هيروشيما ونجازاكي، ولكن اليابانيين لم يهدروا طاقاتهم بل عملوا حتى غزوا السوق الأمريكية في فترة لا تزيد على عشر سنوات، واكتسبوا حب وتقدير المواطن الأمريكي وحصدوا أكثر من 11 جائزة نوبل لأنهم أقاموا مؤسسات سياسية واقتصادية قوية لتصبح اليابان اليوم قوة علمية واقتصادية لا يستهان بها، وفى الصين كان ينظر لها بدونية من قبل دول العالم، أما الآن فما يحدث في بكين وشنغهاي لا يتصوره عقل ووصل تقدمهم العلمي إلى الحد الذي لا تخلو فيه مجلة علمية من العديد من الأبحاث الصينية، ولا توجد شركة تكنولوجية كبرى إلا ولها فرع فى الصين.. حتى تايوان رجال أعمالها نقلوا مصانعهم إلى الصين، وفى كل مكان الآن في العالم تجد كلمة «صنع في الصين»، لقد آمن نهرو سنة 1960 بأن «المستقبل سيكون للعلوم».
كان نهرو يريد إحداث تحول فى الهند لتصبح «أمة عقلانية علمية من المحترفين البارعين»، تمتلك الهند بتعداد سكانها الذى يقترب من 1.2 مليار نسمة، أكبر مَعين فى العالم من العلماء والمهندسين، وعلى الرغم من ارتفاع معدل الأمية فإن هناك نحو 400 جامعة تفرز مليوني خريج كل عام من ضمنهم عدد مذهل من المهندسين قوامه 600 ألف مهندس، والأشد رواجاً من بين هؤلاء هم خريجو المعاهد الهندية للتكنولوجيا وعددها 16 معهداً، وعلينا أن نتصارح بأن الضوضاء لن تحل مشكلة، فقط هذا «للتنفيس» عن أنفسنا والتفكير السليم والخطة القومية هى التى تصلح للتعامل مع تلك القوى، ومن أجل هذا المستقبل علينا أن نحارب، لكل منا صوته، وصوتك هو قوتك، ويمكننا أن نبدأ هذه الثورة العلمية في مصر، انضموا إلينا وشاركونا في هذه القفزة العلمية التي ستحدث في مصر من أجل مستقبل أفضل لنا وللأجيال القادمة.
تشجيع وحماية العلم في الدستور المصري
أخبار متعلقة