النظام السياسي هو مجموع العناصر ذات الطبيعة الإيديولوجية والمؤسساتية والسوسيولوجية التي ُتشكِّل معًا حكومة دولة معينة خلال مرحلة محددة. وتنطوي هذه الصيغة على عدة مكونات جوهرية للنظام السياسي، هي: طبيعة السلطة ودورها، بنية المؤسسات ومبدأ الشرعية. والسلطة السياسية هي، بطبيعتها، علاقة قوة بين إرادتين، و وضعية هيمنة واقعية ذات توازن غير ثابت، تظهر من خلال نمطين أساسيين، هما: نمط القدرة ووسيلته النوعية القوة، ونمط ‹‹حق القيادة›› وأساسه النفوذ والسمو اللذان يقر بهما المحكومون، لأنه يتوافق مع منظومتهم القيمية. ولان حقَّ القيادة يجب أن يرتكز دائمًا على مبدأَ شرعنة يربط بين عناصر الهيئة الاجتماعية. كما أن مفهوم الشرعية يتطّلب معالجة أساس السلطة و مبرر الخضوع المرتبط به والناجم عنه، ويكمن امتثال حكومة الدولة للقيم التي يرتكز عليها النظام السياسي، ضمن إطار اجتماعي - ثقافي معين، استنادًا إلى معايير تستمد جذورها من الحالة التأسيسية للعلاقات الاجتماعية.
إن السياسة في الشريعة استخدمت بمعناها اللغوي. وهي تعني:
القيام على شأن الرعية من قِبَل ولاتهم بما يصلحهم من الأمر والنهي والإرشاد والتهذيب، وما يحتاج إليه ذلك من وضع تنظيمات أو ترتيبات إدارية تؤدي إلى تحقيق مصالح الرعية بجلب المنافع أو الأمور الملائمة، ودفع المضار والشرور أو الأمور المنافية.
وإذا كان مفهوم المشروعية لا يثير، ظاهريًا،أية إشكالية حقيقية، باعتبار أن كلَّ ما يتطابق مع أحكام القوانين الوضعية النافذة يعد مشروعًا، فإن مفهوم الشرعية يثير جدلا فقهيًا وفكريًا واسعًا، إذ ظهرت اتجاهات متعددة في هذا المجال، كالمذهب الوضعي، واحترافية الوظيفة السياسية، والمفهوم الفوضوي والماركسي للشرعية، والمدرسة القرارية، والمقاربة البنيوية والنخبوية لإشكالية الشرعية، ونظرية النظم.
وجَّه الرئيس المصري محمد مرسي كلمة للمصريين أكد فيها تمسُّكه بالشرعية، مؤكداً أن المصريين كلَّفوه في انتخابات 2012 بتحمل مسؤولية مصر. ذكّر مرسي بأنه في الانتخابات التي جرت في مايو 2012 “المصريون أعلنوا للعالم أنهم اختاروا رئيساً”، وعبَّروا حينها عن فرحهم في هذه العملية الديمقراطية، مضيفاً أن الجيش بعدها “سلم السلطة لرئيس مدني منتخب لأول مرة في تاريخ مصر”.وعاد وأقرّ مرسي بوقوعه، خلال حكمه، في أخطاء وبعض التقصير، مؤكداً: “رأيت الأمور أكثر وضوحاً بعد عام من المسؤولية”.واعتبر أن “تحديات الماضي ظلَّت موجودة، الديمقراطية تجربة جديدة. هذا تحدٍّ”، مشيراً إلى أنها لا تعجب البعض “لأنهم يريدون الفساد”.
وتابع قائلاً: “نحتاج وقتاً للتغلب على التحديات التي ورثناها من النظام السابق”، معتبراً أن بقايا النظام السابق يحاولون جاهدين لإبقاء الحال على ما كان عليه ولعودتهم إلى السلطة. وشدَّد على وجود مَنْ يستغل غضب الشباب الذي وصفه بـ”المشروع والطبيعي”، مشيراً إلى أن “بقايا النظام السابق” يحاولون من خلال ذلك أن يحدثوا الفوضى ويثيروا الشغب ويظهروا أن هناك عنفاً بين المصريين. وتساءل: “لِمَ العنف لا يظهر سوى في المواعيد التي يحددونها والتوقيت الذي يحددونه؟”.واعتبر مرسي أن شرعية الدستور هي الوحيدة - إن تم احترامها - الكفيلة بضمان السلم، وأن لا يبقى هناك قتال بين المصريين وسفك للدماء. وتوجَّه بكلمة لأبناء مصر المعارضين قائلاً: “مصر ملك لنا كلنا. محمد مرسي ليس حريصاً على كرسي. لكن الشعب اختارني في انتخابات حرة نزيهة وألزمني بتحمّل مسؤولية مصر. والدستور كلَّفني بذلك. ليس لديّ خيار أن أتحمل المسؤولية. أنا أتحمل المسؤولية، وكنت ومازلت وسأبقى أتحملها”.
لم يتحدث الرئيس في خطابه عن قضايا سيناء وقضايا الخطف الجارية فيها وقتل الجنود المصريين على الحدود، ولم يتحدث عن الخطر المهدد لمصر وهو سد النهضة في اثيوبيا وآثاره على مصر ومخاوف انهيار الاقتصاد المصري، ولم يتطرق أيضاً إلى إسرائيل وخطرها على مصر. فكل ما يهمه أخونة الدولة المصرية دون تغيير أو تحسين لمؤسساتها والنظر في كيفية إدارة البلاد والخروج من أزمتها والذي بدا واضحاً في اتخاذ عدد من القرارات غير المدروسة والتي تهدف إلى الهيمنة على مؤسسات الدولة كما جرى في تعيين المحافظين غير المختصين ومن بينهم محافظ الأقصر.
إن النظم السياسية والأمنية في العالم العربي فجرت الثورات والانقسامات، والتيارات الإسلامية قد فشلت حقاً في إدارة الأزمة بل استخدمت الثورة وسيلة للسيطرة على السلطة كما هو الحال في مصر وتونس، بل زادوا بلدانهم أزمات جديدة دون أفق حل، وسلكوا خطى النيوليبرالية المتوحشة في استلاب السلطة ولم يحققوا المطالب الشعبية العادلة في الحرية والعيش والحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية.حتى انه قد ظهر لنا في الآونة الأخيرة على لسان ساسة جبهة الإنقاذ مصطلح الشرعية الاخلاقية وهو مصطلح تخلو منه كتب العلوم السياسية والقانونية ويدل على أن بعض الساسة يذهبون لمخاطبة عقول العامة بمصطلحات تخلو منها السياسة إلا إنها تحقق مآربهم في تهييج الشارع ضد نظام اكتسب المشروعية والشرعية ولمعرفة الفرق فيما بين الشرعية والمشروعية يجب إن نعرف كليهما لتوضيح الفرق فالشرعية هي إن تستند السلطة أو الحكومة إلى سند قانوني تستمد منه وجودها وهي تختلف باختلاف المصدر كأن يكون الشريعة الاسلامية أو الدستور أو إعلانا دستوريا بعد الثورات أو قانوناً في حالة عدم وجود دستور أما المشروعية فهي اكتساب السلطة أو الحكومة رضا غالبية الشعب حتى وان لم تكن تستند إلي سبب شرعي كالدستور أو القانون ومن الامثلة على المشروعية هو حكم المجلس العسكري لمصر بعد الاطاحة بمبارك بالثورة إذ انه اكتسب في هذه الحالة المشروعية بعد رضا غالبية الشعب المصري عن توليه السلطة في البلاد إلا انه على الرغم من ذلك لم يكتسب الشرعية ذلك إن وجوده لم يكن مستندا على قانون أو دستور وإنما عن رضا شعبي وعلى هذا فليس ضروريا إن يكون النظام الشرعي مشروعا أو العكس ذلك إن مفهوم الشرعية والمشروعية يختلفان كما سبق وان نوهنا في التعريف .
والنظام الذي يكتسب المشروعية يمكنه إن يسن القوانين والقرارات المناسبة ولكن لاتكفيه هذه المشروعية إذ انه لابد إن يستمد سلطته من قانون أو دستور ولذلك توضع الدساتير لتضفي الشرعية على من يستند إليها في الحكم والحاكم الذي يستند في سلطته إلى القانون والدستور فهو ولا ريب حاكم شرعي حتى وان لم ترض عنه الجماهير ففي هذه الحالة يفقد المشروعية ولكنه يظل شرعيا ولا يمكن إن لا يستند الحاكم أو السلطة على إي من الشرعية أو المشروعية أو كليهما معا إلا إذا كانت سلطات احتلال أو الانقلابات العسكرية فهي لاتستند إلى أساس قانوني لتكتسب صفة الشرعية أو إلي رضا غالبية الجماهير لتكتسب صفة المشروعية ويطلق عليها في هذه الحالة الحكم الفعلي أو الواقعي والسلطة الشرعية لا يمكن انتزاعها إلا بالطريق الشرعي أو بالمشروعية الجماهيرية وهي الثورة الشعبية لكن مشروعية مبارك وجدت صعوبة في النهوض على قدميها، في ظل ثقل ظل ناصر والسادات، فجاءت تخريجه “الضربة الجويّة” لتكون تفريعة لمشروعية تخص الرئيس مبارك وحده، وليس حرب العبور باعتبار أنها تخص الرئيس السادات وقادة عظاماً آخرين مثل الفريق سعد الدين الشاذلي، الذي حاربه مبارك مع آخرين. ثم راح مبارك يراهن على عدم تعيين نائب له حتى اللحظة الأخيرة من الحكم، فاتحاً مجال التكهن والاتهام بالتمهيد للتوريث، دون أن ينبس ببنت شفة.
وباتت السياسة في مصر نهباً للشائعات والأقاويل، ثم جاءت فترة دخول ابنه جمال إلى سوق السياسة من باب الاقتصاد، وتسليم الحكم إلى وزراء “البزنس” ليبدأ عهد تحالف استبداد السلطة وفساد المال، وتوالت قضايا تهديد الوحدة الوطنية بعدم إفساح المجال أمام الحريات، والدخول في مقايضات نأت بالأقباط عن السياسة، فاكتفى مبارك بمنح دور سياسي للكنيسة، ما زاد من أزمة الرهان على تسييس الدين وتديين السياسة، فخلت الساحة من منافس قوي له إلا الإخوان. إلى أن جاءت شرعية ثورة 25 يناير 2011 فنزعت شرعية مبارك وسقط نظامه مع الشرعية الثورية وعلم السياسة الشرعية على ذلك هو ‘علم يبحث فيه عما تدبر به شؤون الدولة الإسلامية من القوانين والنظم التي تتفق وأصول الإسلام، وإن لم يقم على كل تدبير دليل خاص’. ولا شك أن هذا من السياسة الشرعية لكنه جزء من أجزائها كما تقدم، أن خطاب الرئيس محمد مرسي، الذي أعلن فيه تمسكه بمنصبه كرئيس جمهورية لن يغير من الأمر شيئاً والقوات المسلحة اتخذت قرارها بالانحياز لإرادة الشعب وعزل مرسي من منصبه.
مرسي بين الشرعية و الشريعة
أخبار متعلقة