ملخص ما نشر: أوضحت بالحقائق وبإحدى الوثائق أن شخصاً يدعى (حلمي الجاوي زيف قراراً باسم الرئيس قحطان الشعبي حول تسريح موظفين بمارس 1968 وكان من الأدلة على أن القرار مزيف هو أنه لا يحمل تسمية اليمن الجنوبية الشعبية ولكن تسمية اليمن الديمقراطية الشعبية وهي تسمية أطلقت في 30 نوفمبر 1970 أي بعد إستقالة الرئيس الشعبي بنحو سنة ونصف! ناهيك عن زعمه بأن القرار شمل بالتسريح من الخدمة المدنية «أكثر من 12 ألف موظف عدني» بينما كل موظفي الخدمة المدنية بالجمهورية كان بحدود خمسة آلاف.
وبعده طلع علينا مؤخراً واحد آخر من نفس الفصيلة (عدن للعدنيين) يدعى بلال غلام حسين حاول تصحيح ما وقع فيه رفيقه من أخطاء فنشر بصفحة في فيسبوك تدعى «معشوقتي عدن» (صاحبها أحد أبناء الفرع اللقماني الذي كان بخمسينات القرن 20 ينادي بعدن للعدنيين ويطالب بريطانيا بفصل عدن عن الجنوب) ومما فعله:
تجنب خطأ رفيقه وقام بتغيير اسم الدولة إلى «جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية» مستفيداً مما أوضحته في ردي على رفيقه.
قام بحذف أن المسرحين كانوا أكثر من 12 ألفاً، وزعم بأنهم 163 (وقد أخطأ لأنه لم يطالع القرار ليعلم بأنهم 152).
وفبرك قائمة باسمائهم ما أنزل الله بها من سلطان فكثير من الأسماء من عندياته (وإلا من أين أتى بـ 11 اسماً زيادة؟ إلا إذا كانوا تكاثروا خلال 45 سنة!).
وبالطبع غابت عن قائمته عشرات الأسماء المذكورة بالقرار الأصلي.
ولآن العملية مجرد فبركة وليست بحثاً علمياً مبنياً على حقائق ووثائق لذلك كان مما يبعث على الضحك اللخبطة التي وقع فيها هذا “الباحث” فلم يستطع ورفاقه (بتوع عدن للعدنيين) تضبيط 163 اسماً فكرروا بعض الأسماء كما تلخبط عليهم ترتيب الأسم الثلاثي وكمثال فأود التوضيح بأن من سرحوا فعلاً لم يكونوا من أبناء عدن فقط ولكن من مختلف مناطق الجمهورية فبينهم مثلاً الحضرمي والعولقي والعوذلي. كما أنه لم يكن بينهم غير أربعة فقط ممن يمكن إعتبارهم موظفين كباراً والباقون كانوا موظفين صغاراً وبينهم سائق السيارة وحارس البناية والعامل بجاراج سيارات والممرض بمستشفى .. فهل هؤلاء هم كبار وخيرة كوادر عدن يا متباكين على عدن وماما بريطانيا؟
محاولة النصب على الدولة باسم أولئك المسرحين!
وتصل مهزلة مزيفي الحقائق إلى حد محاولة ابتزاز الدولة بل النصب والاحتيال عليها وهو ما يجب أن تواجهه الدولة بحزم ومع يقيني أنها لن تواجهه بحزم ولا بغير حزم فهناك أمور حياتية أهم لم تقف أمامها الدولة لتحلها بحزم، ومع ذلك أكتفي بأن أنبه الدولة أن لا تقع في شراك «الباحث» المذكور والاسماء التي اوردها كمسرحين فقد كتب الآتي:
( ومن خلال هذا المنبر الإعلامي أُناشد الأخ رئيس الجمهورية وأقول طالما وان النية تسير بأتجاه تصحيح الأوضاع في الجنوب فأنه كان الأجدر بأن تصدروا قراراً يعالج الأوضاع كافة ويعمل على تسويات شاملة من الفترة 1968م حتى يومنا هذا, وخصوصاً أوضاع أبناء هذه المدينة المحرومة على ما لحق بها وأبنائها من سلب للحقوق على كافة مستوى المراحل السياسية وتدفع عدن وأبناؤها الثمن.
ولكن اليوم آن الأوان بأن تقولوا كلمتكم العادلة وتضعوا بصمتكم ليذكرها التاريخ باستصدار قرار استثنائي وشجاع بإعادة حقوق أبناء عدن الذين أُقصوا وطردوا من وظائفهم وصودرت حقوقهم منذ صدور ذلك القرار الجائر في العام 1968م, وغالبيتهم ماتوا كمدا والبقية بخبراتهم انفتحت لهم الدنيا في دول الجوار أو في دول المعمورة, وتبوأوا المناصب والدرجات الرفيعة اعترافاً بخبراتهم في تلك البلدان وإنكار ولاة الأمر بعد الاستقلال لهذه الكفاءات . ولهذا فأنه من الواجب تعويض أُسرهم وذويهم التعويض العادل بأثر رجعي وإعادة الاعتبار لهم حتى يكون لقراركم المصداقية الكامنة).
والآن حصحص الحق لنعلم لماذا سرحوا بدون أية حقوق تقاعدية
وهنا أود تنبيه رئيس الجمهورية وكل المسئولين وكل الأجهزة المعنية وكل الشعب بأن تلك محاولة نصب واضحة للحصول على تعويضات بدون وجه حق، فقرار الرئيس قحطان بتسريح أولئك الموظفين نص على عدم منحهم معاشات تقاعدية أو مكافآت نهاية خدمة، لماذا؟ ليس ظلماً مثلما يزعم النصابون، وليس لأنهم لم يعملوا مع الحكومة الوطنية غير لأقل من 4 شهور (رغم أن هذا سبب وجيه جداً لا يعطيهم الحق في الحصول على أية حقوق تقاعدية) ولكن الأهم هو أن أولئك المسرحين ستتولى بريطانيا منحهم المعاشات التقاعدية ومكافآت نهاية الخدمة كونهم عملوا في خدمة الإدارة البريطانية بعدن لفترة طويلة، وكان يجب على أولئك المتباكين على الموظفين المسرحين وعلى ضياع حقوقهم والشتامين لحكومة الجبهة القومية بزعم أنها ظلمت أولئك الموظفين، كان يجب عليهم أن يشكروا حكومة الجبهة القومية ويسبحوا بحمدها ليلاً ونهاراً لأنه لولاها لذاق أولئك المسرحون الأمرين ولشحت كثير منهم بالشوارع، فوفد الجبهة القومية بمفاوضات استقلال الجنوب (جنيف نوفمبر 1967) طرح موضوع حقوق نهاية الخدمة للموظفين في الجنوب الذين عملوا مع الإدارة البريطانية فأجاب الوفد البريطاني بأن الوقت لا يسمح بمناقشة هذا الموضوع واتفق الوفدان على مناقشته بأقرب وقت عقب الاستقلال.
وعقب الاستقلال جرت المفاوضات، واستخرجت حكومة الجبهة القومية موافقة الحكومة البريطانية على أن تمنح حقوقاً تقاعدية لموظفي الجنوب الذين عملوا مع الإدارة البريطانية لفترة طويلة تزيد عن 15 سنة قبل استقلال الجنوب، وكان كل المشمولين بالتسريح في القرار المذكور قد أمضوا تلك الفترة في الخدمة المدنية مع بريطانيا فاستحقوا الحقوق التقاعدية، ولا يزال بعضهم لليوم يستلمون من السفارة البريطانية معاشاتهم الشهرية، بل أن بعض الموظفين ممن لم يشملهم قرار التسريح المذكور طلبوا إحالتهم للتقاعد لكي يستفيدوا من الحقوق التقاعدية وبالذات مكافأة نهاية الخدمة وكذلك فإن بعض الموظفين اللذين استمروا في الخدمة بعد الاستقلال وكانت لهم خدمة سابقة قبل الاستقلال، استمروا يعملون مع النظام الجديد بمرتباتهم كاملة، مع حصولهم على معاشات شهرية عبر السفارة البريطانية لسنوات الخدمة الطويلة قبل الاستقلال.
ولو لم تنتزع حكومة الجبهة القومية تلك الحقوق من بريطانيا لجاع اولئك المسرحون وشحتوا، لكنه الجحود وعفانة النفوس عند بعض اللذين يكتبون ويتجاهلون هذه الحقائق.
صفقوا لأول حكومة للاستقلال (يا جاحدين ونصابين)
اتفاقية استقلال الجنوب الموقعة بجنيف في 29 نوفمبر 1967 نص بندها رقم 16 على الآتي:
(نظراً لضيق الوقت تجري المباحثات الخاصة بالخـدمة العامة والمعاشات في تاريخ مبكر بعد الاستقلال).
وبناء على ذلك النص جرت المباحثات وأنتزع وفد حكومة اليمن الجنوبية الشعبية موافقة حكومة المملكة المتحدة على منح الحقوق التقاعدية لموظفي الجمهورية الذين كانوا في خدمتها لفترة طويلة قبل الاستقلال.
ولهذا فإن الكل أستلم حقوقه من بريطانيا أيها الكذابون والنصابون، وأن محاولة الحصول على تعويضات لهم بزعم أنهم ظلموا بتسريحهم دون أية حقوق هي محاولة نصب واضحة وإذا كان قد قام بها «الباحث» بلال غلام حسين فأنه يشاركه فيها المواقع وصفحات الفيسبوك التي تنشر أكاذيبه ومنها «عدن سيتي» و»معشوقتي عدن» ويشاركهم كل من شملهم القرار ممن لا يزالون أحياء أو ورثة من مات منهم لأنهم سكتوا على ما طالب به سيادة (الباحث عن تعويضات غير مشروعة) فيعتبرون مشاركين معه في جريمة محاولة النصب على الدولة وتحديداً رئيس الجمهورية للحصول على تعويضات سبق أن حصلوا عليها من بريطانيا! وبالطبع سينكرون كلهم علمهم بما طالب به ذلك (الباحث عن عدن البريطانية) لكن بعضهم نشر بابتهاج بصفحاته بفيسبوك مقالته التي يطالب فيها بالتعويضات! والآن سيسارعون لحذف مقالته من صفحاتهم.
تنويه: بإذن الله سأختم هذا المقال بالحلقة 4 يوم الخميس القادم 4 يوليو.
تسريح بعض الموظفين.. بين تشويه التاريخ والنصب على الدولة (3)
أخبار متعلقة