كنا نتمنى أن تأتي الذكرى الـ23 لقيام الوحدة اليمنية المغدورة وقد حققت المساعي والجهود المبذولة نجاحات حقيقية يلمسها أبناء الجنوب بشكل خاص واليمن بشكل عام على أرض الواقع تؤكد بشكل قاطع أن الأخطاء والجرائم التي ارتكبت بحقهم منذ حرب صيف 94م المشؤومة يجري حلها بصورة جذرية وعلى نحوٍ يعيد الوحدة إلى مسارها الطبيعي الذي كان ينبغي البدء منه في عام 1990 حتى يكون المشهد الاحتفالي لأبناء شعبنا بهذه المناسبة يحمل في ثناياه روحاً مستبشرة مفعمة بالتفاؤل والأمل المستمد من النجاحات المحرزة في اتجاه الانتقال الصحيح لبناء نظام سياسي ودولة مدنية اتحادية ديمقراطية مؤسسية ترقى إلى مستوى تطلعات الشعب من الوحدة وتعيد الاعتبار لها بعد التدمير الممنهج المادي والمعنوي ومضامينها التاريخية والسياسية والاقتصادية والثقافية والوجدانية .
وعندما نقول ذلك فهي ليست كما يصورها البعض بأنها مجرد إساءات ناجمة عن سلوكيات وممارسات خاطئة ترجع إلى قصور في الوعي أو جهالة عند أولئك الذين كان وما زال منجز الوحدة الوطني التاريخي، اكبر من أن تستوعبه عقولهم الصغيرة المحدودة..ففهمهم تمحور في حلقة لا تتسع لأكثر من مصالحهم الذاتية الضيقة الأفق النابعة من ذهنية متخلفة تعتقد أن القوة والغلبة لنزعاتهم ونعراتهم المريضة بالعصبيات القبلية والمناطقية والجهوية التي تشكل نطاق قدرتها بالتسلط والهيمنة هي الأساس ولا يوجد لديها قناعة بأن الأوطان والشعوب هي صاحبة المصالح الحقيقية في منجز كبيرٍ كهذا.. الوحدة التي ناضل وكافح من اجلها الشعب تعني الانتقال الى مستوى جديد من التطور والتقدم المبني على أساس دولة المواطن الذي لا مكان فيه لأية هيمنة أو نفوذ للتركيبات الاجتماعية المشيخية القبلية بتحالفاتها الإسلاموية التكفيرية التي أجهضت ثورة سبتمبر وأجهضت الوحدة وحولتهما إلى موضوع للتقاسم وفقاً لتوازنات مصالح هذه القوى التي ليست قادرة على ممارسة السلطة إلا بتلك الصورة التي ورثتها منذ قرونٍ خلت, ولا ترى في اليمنيين إلاَّ رعايا ومصدر جباية، وهذا ما لم يقبل به أبناء الجنوب لأن هويتهم اليمنية قد تشكلت في سياق مغاير وترسخت فيهم قيم المدنية ودولة النظام والقانون, وفي مواجهة هذا كله فرض نموذج الجمهورية العربية اليمنية,وتم استدعاء العصبيات القبلية في الجنوب التي ذابت في نطاق وطني حداثي, والمسار الآخر هو الهروب إلى الأزمات والصراعات والحروب وهي الوسيلة للاستمرارية في السلطة, في هذا المنحى كانت حرب 94م وحروب صعدة, ولمواجهة هذا كله نهض الجنوبيون بحراكهم الشعبي السلمي واليمنيون جميعاً بثورتهم الشبابية الشعبية السلمية, وجاءت التسوية السياسية للمبادرة الخليجية , وها هو مؤتمر الحوار يمضي فهل سيتمكن المتحاورون من إصلاح مسار الوحدة وتحقيق التغيير؟ أم مرة أخرى ستجهض القوى التقليدية القبلية والدينية تطلعات التغيير من جديد رغم إدراكها أن الخيارات هذه المرة محدودة فإما أن ينتج عن الحوار دولة مواطنة إتحادية وإما العودة إلى التشطير والتشظي..!!
الوحدة والخيارات الصعبة..!!
أخبار متعلقة