هل تعرف جماعة الإخوان الحاكمة عناصر القوة المصرية؟ وهل تعمل على إدارتها وتعظيمها أم تتحرك دون خطط اللهم إلا ما يعزز سطوتها؟ مصر ليست عضوا فى النادى النووى وليست فى مصاف دول الوفرة الغنية بثرواتها الطبيعية وفوائضها، كما أنها ليست من الدول الأولى فى البحث العلمى وتصدير التكنولوجيا، ويعانى أكثر من %40 من شعبها - بحسب الإحصاءات المعتمدة - من الفقر، لكنها رغم ما سبق دولة عظمى حضاريا، مؤثرة عالميا وإقليميا وملهمة للشعوب العربية والإسلامية ومقصدا ثقافيا ودينيا، ورائدة فى صناعة السينما.
فماذا فعلت جماعة الإخوان الحاكمة لتعزيز مناطق القوة المصرية منذ توليها الحكم؟ سمحت بأكبر انقسام مجتمعى تشهده البلاد منذ عقود طويلة على أساس طائفى وثقافى وسياسى، فأصبح ما يسمى بتيار الإسلاميين الموالى للإخوان عدوا للتيار المدنى الليبرالى أو من يصفونهم بـ«العلمانيين»، كما انتشرت الفتاوى الشاذة من المقاطيع والهامشيين والشتامين الذين تجرؤوا وأسموا أنفسهم بالمشايخ والدعاة، ضد شركائنا فى الوطن وكأن الأقباط حائطا مائلا.
وتوالت الهجمات البربرية على مناطق القوة الحضارية، فأصبحت العبقرية الجغرافية الفريدة للبلاد أمرا هينا على أولى الأمر الذين لا يؤمنون بالوطن وحدوده المقدسة ويفضلون عليه الفكرة الغائمة البائدة عن الأممية الإسلامية واستعادة الخلافة تحت شعار «أستاذية العالم»، وفى هذا السياق يمكن إهداء هذا الشريط الحدودى لإقامة إمارة حمساوية أو استرضاء الأشقاء فى شمال السودان بقطعة كبيرة تضم حلايب وشلاتين.
كما لم تدخر جماعة الإخوان الحاكمة وموالوها جهدا فى إظهار الاحتقار لعناصر القوة الناعمة المصرية.. الثقافة أصبحت متهمة بالإباحية والفن التشكيلى موصوما بالتحريم الشرعى والسينما التى كنا من روادها وكبار صانعيها تعانى الموت الإكلينيكى والكساد بعد الهجمة المدبرة على رموزها ونجومها باعتبارهم شياطين الإنس الفاسدين المفسدين، وأصبحنا نرى وجوها عكرة تظهر على الشاشات العشوائية بدون حياء أو علم أو ذوق وهى تكفر وتقبح وتدعو لحياة لم نرها إلا على أيدى متخلفى طالبان وقراصنة الصومال وانتحاريى باكستان الموجهين من المخابرات الغربية. هل تنجح جماعة الإخوان فى تحويل البلاد التى استيقظت على حلم ثورة 25 يناير إلى قرية عشوائية تتبرأ من مقومات حضارتها؟ هل ينجحون فى إطفاء شعلة الحضارة التى ميزت بلادنا وأكسبتها مكانتها فى العالم؟
نظام الإخوان واحتقار الحضارة
أخبار متعلقة