عندما نتحدث عن الإنسانية في المهن , أول ما تظهر في القائمة هي مهنة الطب .. قد نخطئ عندما نقول مهنة .. فهي ليست مجرد عمل نقبض عليه وينتهي .. هي بشكل مختصر (( إنقاذ حياة )) .
كانت وظلت لفترة من الزمن , المهنة الأشرف والأنظف والأسمى , أما الآن , (( إنقلب القِـدْر على وجهه ))
كل تلك المعاني السامية لتلك المهنة .. وضعت موضع الحضاضة نفسها .
لنكن واقعيين أكثر .. أصبحنا عند أبسط ألم أو أقواه , نستخدم العلاج المعتاد ..
فقط إذهب للصيدلية , إشترِ أي دواء قد يفي بالغرض حسب مفهومك وخبرتك - وأي خبرة- ! ولا داعي حتى لمعرفة مابك , كل ماهو مهم هو أن يذهب الألم ! .
السبب : لِـمَ علي التوجه للطبيب المختص في حال أن الطبيب يستنزف مني ماهو مضاعف للعلاج، ويكتب لي مجموعة متناسقة من الادوية أحدها ينفع والاخر لا يمت لي بأي فائدة .
كل هذه هي أفكـار زرعت في فكر العامة لأنها أصبحت وبنسبة عالية (( واقعية )) .
الهدف الأسمى لأطباء اليوم هو (( المال )) .. لا يهم كم هو التشخيص صحيح ومؤكد مادام أن أحد الادوية الموصى بها سيفي بالغرض ..
هذا فقط في نطاق الأطباء , ولا نشمل منهم الكل بالطبع لكن قد تكون الظروف ضاغطة على الآخرين، فالنزيه نزيه إلا عند قطع لقمة عيشته ! .. هنا يأتي دور إدارات المستشفيات التي تجبر الطبيب على إتخاذ إجراءات علاجية قسرية وقاسية للمريض بينما هو في غنى عنها .. كل ماهو مطلوب فقط المردود والعائد البهي .. وعليه فكل ماسبق وللأسف (( حقائق ملموسة )) .
للمعلومية فقط .. في الشرق الأقصى من كوكبنا المظلم .. الناس تقوم بالفحوص بشكل متوال ومنتظم خلال الشهر سواء كانوا بكامل صحتهم أم لا .. الغريب أنهم يدفعون في حالة أنهم (( أصحـاء )) وعندما يكونون مرضى .. لا يدفعون شيئاً .. قائلين : ما لنا أن ندفع المال وبنا علة !
بمعنى أفصح (( إنهم يشترون الصحـة )) .. يدفعون لما يريدون لا لما لا يريدون .
أرادوا الصحة وفرحوا بأنهم أصحاء فقدموا المال , في حالة مرضهم لا يدفعون بل تتكفل الدولة بأغلب مستلزمات العلاج .
بالتأكيد لا داعي للمقارنة فليس هناك أي وجه شبه بين السياسات الصحية في بلدنا وبين سياساتهم ..
نحن - ماشاء الله - لدينا الغرف النظيفة الصحية, والتأمينات الصحية المجانية , والأجهزة الذكية , والتعامل النظيف بالنية , والمهم قبل ذلك إنقاذ النفس الزكية !!
نعم , هذا مانراه في كل المرافق الصحية !
نعم , فلدينا في مدينة عدن الحبيبة عدة مستشفيات رائعة ! كمستشفى الجمهورية العريق .. نعم إخوتي عريق , يتدرب فيه أطباء اليوم الخريجون من الكليات .. كما أن منظره من الداخل يجعل المريض يشعر وكأنه في جنة الملاذ, حيث يجد المرضى مرميين على الممر كالجثث وهو ماشِِ في طريقه !كما أن هذا الصرح يتخرج منه اطباء اليوم حيث تتوفر لهم كل مستلزمات التدريب والعناية والتعليم !..نحن بالفعل نسير نحو تحضر واضح جداً !!
سحقاً , مايضحك حقاً وبكثرة , عمادات الكليات في الطب والأطباء الذين يتفاخرون بانجازات تخرجية في طلابهم يعتقدون أنهم أصحابها ! يعتقدون أنهم أخرجوا طبيباً يعيش في زمنه .. بينما هو يعيش على أسلوب القرن العشرين .
هم يدربون الأطباء الجدد بوسائل - بالعامية من أيام جدي - قديمة وبالية ! والعالم يتجه نحو شيء آخر لا نعلم عنه نحن شيئاً !
بعد كل ذلك , علينا أن نسأل أنفسنا السؤال المهم : إن لم نقدر أنفسنا ونعط لها الأولوية في كل شيء .. ماذا بعد ؟!
لعبة الطــب
أخبار متعلقة