-المتفحص لخط سير سلوك منحنيات الصعود والهبوط لأزمة اليمن خلال العامين الماضيين وحتى الآن يدرك تماما حقيقة ما كنا وغيرنا نطرحه من أن المشكلة في اليمن أعقد من أزمة وأهدأ من ثورة فهي شيء بينهما أكثر غموضاً وأعظم تعقيداً فالدائر اليوم ومنذ الأمس ليس ثورة وإن اقترب ابتداء ليكون كذلك إلا أن الصراع ومحاولات ترتيب الحسابات - التي قام ولازال يقوم بها بعض قوى المشايخ والعسكر ـ والتي (اهتبلت) إن لم تكن صنعت فرصة الانتقال إلى فسحة مناخات «ثورة» فبراير وضجيجها الإعلامي الموجه الذي أصم أي محاولات تقويم ونقد..كما أن عمليات انتقال جزء من قيادات الصف الأول في الدولة والتي لا زالت مستمرة حتى اللحظة وان لم تعد ظاهرة للعيان تؤكد أيضا حقيقة تحول ما يدور مـن ثورة ابتداء إلى صراع ترتيب مصالح.
وما عـقد الأحداث أكثر وداخل بين حلقاتها وخلق ذاك الفرز غير الأخلاقي والمتطرف - الذي مارسه الطرفان المتصارعان فيما بين لونين نقيضين يدعي كل منهما أنه ومن يتبعه الأبيض الناصع وأن الآخر ومن معه هو الأسود الحالك -ولا حول ولا قوة إلا بالله - وما عقد الأحداث هو كون ذاك الصراع وتلك المعركة بجولة واحدة ووحيدة «معركة بقاء» فكل طرف استشعر أن بقاء الآخر - خاصة بُعيد حادث جامع دار الرئاسة الذي استهدف اغتيال رئيس الجمهورية السابق وكبار قيادات دولته آنذاك - يمثل خطرا ليس على مكاسبه المادية والمعنوية ولكن خطرا أيضا على حياته.
ويمكن القول وعلى نفس المنوال أن تقاطعات منحنيات الأزمة استمرت بالصعود والهبوط غير المنتظم واللامنظم خالقة كثيرا من نقاط التقاطع كان التعبير عنها هو جولات القتال المسلح الذي كنا نشاهده والذي رغم كثافة تشتته البؤري الواسع والمتناثر على رقعة جغرافية الوطن فيما بين صنعاء وتعز و أرحب والحصبة أمكن حصره وضبط إيقاعه وهذا ما تجلى بُعيد التوقيع على مبادرة الخليج التي أدخلتنا والبلد طورا جديدا أشبه ما يكون بالحرب الباردة قياسا على مفهوم الحرب الباردة إبان صراع الثنائية القطبية الذي عرفه العالم في الفترة من منتصف خمسينيات القرن الماضي وحتى نهاية ثمانينياته .
والحقيقة أن مبادرة الخليج بمثابة سفينة نوح وهي فرصة تاريخية لم تتأت لغيرنا لجهة ما توفره مـن عدالة انتقال «العدالة الانتقالية» للسلطة فيما بين اليمنيين وبعضهم البعض رغم حصاناتها وآلياتها -التي لم تعجب البعض -إلا أنها أشياء كانت ضرورية لإنجاح عملية أول انتقال سلمي للسلطة بعد كثير جمود والحقيقة أيضا أنها بعملها -المبادرة الخليجية-على إرجاع حق نقل السلطة إلى صاحبها الحقيقي «الشعب»عبر انتخابات «إستفتائية» أنجت اليمن من كوارث رغبات وكارثية مطامع الأقوياء من الأحزاب والرجال الذين وعلى العكس لا يزالون يحتفظون بالنفوذ الذي تعاظم ليصبح سلطة رسمية.
مؤتمر الحوار.. سرعة أم انجاز؟!
-في صميم الجدل الدائر حول مؤتمر الحوار الوطني يتبقى القول أن سرعة عقده لـن تجدي ما لـم تكن مخرجاته حقيقية وعادلة أولا وتلقى طريقها للتنفيذ دون أي استثناءات أو تذاكٍ ثانيا وهـذا لن يتأتى بسهولة كما يظن البعض وقبل ذا وذاك يحتاج لنجاحه أن يتم تمثيل وإشراك جميع - وان لم يتم - فأغلب مكونات الفسيفساء الاجتماعية والسياسية اليمنية كون العـلاقة بين نسبة تمثيل الجميع وفرص النجاح علاقة طردية..وفي كل مـرة أفكر في مؤتمر الحوار لا ادري لماذا استذكر الحكمة القائلة «إن الناس تنسى سرعة إنجاز عملك وتتذكر نوعية ما أنجزت».
عـلى طاولة الحوار:قراءة في منحنيات أزمة اليمن
أخبار متعلقة