مر عام على حكومة الوفاق الوطني التي أنشئت بموجب المبادرة الخليجية والتوافق الوطني بين الأطياف السياسية اليمنية لاحتواء الأزمة التي كادت أن تلقي باليمن في أحضان الحروب والتفرقة والتشظي، خلال هذا العام الذي شارف على الانتهاء تم إزالة البؤر الساخنة وإنهاء المواجهات المسلحة بين أطراف الأزمة ورفع المتاريس وفتح الشوارع أمام العامة، مروراً بانتخاب رئيس توافقي لقيادة الوطن إلى بر الأمان، وحتى اليوم وللأسف لم يزل أنين المواطن مستمراً فهاهي الظلمة تلفه يومياً جراء الاعتداء المتكرر على أبراج وخطوط الكهرباء، وهاهي التقطعات وقتل المواطنين تأتيه بالحزن والحسرة، وهاهي أعمال التخريب تستهدف خطوط نقل النفط والغاز وبشكل يومي أو أسبوعي كأفضل حالات الاستقرار.. وكل تلك الممارسات نجدها تزداد كلما اقتربنا من مؤتمر الحوار الوطني الشامل المؤمل منه إرساء أرضية مناسبة وصالحة لإخراج البلد من وضعها المزري إلى بر الأمان.. أمان يبحث عنه المواطن بين أمواج الخلافات وعواصف المصالح وأعاصير التعصب والأنانية القاتلة.
منذ البدء في تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية واليمن لا يزال في منطقة الخطر وأوضاعه مهددة بالانفجار والتفتت الممنهج الناتج عن سياسة النفس الطويل التي استفاد منها النظام القديم باتجاهاته المختلفة وقواه المتصارعة ليعيد التقاط أنفاسه وجرد حساباته وترتيب أوراقه ومن جديد يقدم نفسه على أنه الوحيد الذي يمتلك أوراق اللعبة والقادر على خلطها وتدوير زواياها، في حين أن آمال وتطلعات اليمنيين في التغيير تتلاشى على طريق تحولها إلى سراب وفي هذا كله فإن الأحزاب السياسية فيما يسمى باللقاء المشترك وبطبيعة الحال التجمع اليمني للإصلاح يتحملون المسئولية في ما حدث ويحدث وسيحدث في المستقبل لأنه وكما هو واضح الآن أن الهدف لم يكن التغيير ولا مصلحة الشعب اليمني وإنما السلطة كغاية في ذاتها، وهذا ما بات عملاً ممنهجاً ليس كما يقال لعرقلة المبادرة الخليجية فقط وإنما لإبقاء السلطة في المربع الذي كانت علية قبل الثورة الشبابية وإن في صورة مغايرة في شكل ربما بيادق اللعبة، حتى لا نكون متشائمين قد تفشل مثل هذه المحاولات التي تتخذ صورة العرقلة للمبادرة الخليجية لكن عندها سيكون إبقاء اليمن موحداً وبناء الدولة الديمقراطية المؤسسية القائمة على النظام والقانون والمواطنة المتساوية قد فات أوانه والبديل هو الأسوأ ليس فقط لحاضر اليمن -إن بقي يمن- بل ومستقبل أجياله وكل الأطراف المصرة على الدفع بالأوضاع نحو الكارثة هي ايضاً ستخسر وتدفع أثماناً باهظة وتتلاشى وتنتهي إلى الأبد..ونحن على مشارف انتهاء عام ميلادي والولوج في عام جديد ما كنا نريد أن نكون متشائمين إلا أن حقيقة ما نحن فيه لم تترك بصيصاً للأمل والتفاؤل عدا الرهان على أصحاب المبادرة من دول مجلس التعاون الخليجي والداعمين لها من المجتمع الدولي، مع أن ثمرات الحقل حتى الآن مخيبة لحسابات البيدر ومع ذلك لا نعتقد أن الأشقاء والأصدقاء سيغامرون بمكانتهم ودورهم ومصداقيتهم.
عام جديد واليمن في قديمه
أخبار متعلقة