مرت قبل إجازة عيد الأضحى المبارك مائة يوم على تعيين الأستاذ( عبدالقادر علي هلال) أمين العاصمة صنعاء ، ولاقى القرار الجمهوري رقم 84 لعام 2012م الذي صدر في 8 يوليو 2012م بتعيينه أميناً لمدينة صنعاء العاصمة ارتياحا واسعاً في أوساط أبناء صنعاء والمقيمين ، وذلك نظراً لصفاته ومهاراته القيادية التي أعلنت عن نفسها على الأرض وفي الميدان خلال تحمله العديد من المسؤوليات مديراً عاماً فوكيل فمحافظ فوزير ثم أمين للعاصمة صنعاء ، فضلاً عن نجاحاته الملموسة في ترؤس وعضوية العديد من اللجان وعلى رأسها لجان ( الملفات الساخنة ) في الجنوب والشمال على حد سواء .
كاتب السطور ، أحد الذين أسعدهم قرار تعيين هلال صنعاء أميناً لها ، وذلك لثقتي - كما الآخرين - في قدرات هذا القيادي الرائع والمحاور البارع التي تشكلت من خلال العمل معه لست سنوات - عضواً في المكتب التنفيذي لمحافظة حضرموت الذي كان يرأسه هلال بوصفه محافظاً لحضرموت ، وبوصفي مديراً عاماً لفرع مؤسسة الإذاعة والتلفزيون بالمكلا في تلك الفترة ، فضلاً عن حاجة العاصمة صنعاء لقيادي ومسؤول ميداني رفيع بحجم الأستاذ القدير ( عبدالقادر علي هلال ) ينفض عنها غبار الإهمال والتشويه والقبح الذي نالها خلال السنوات الماضية وبالذات فترة الأزمة والمعارك المسلحة.
وقد حرصتُ أن تكون الكتابة عن أمين صنعاء بعد مرور مائة يوم على تعيينه وهو مايعدو في علم التنظيم والإدارة ، التقييم ( الأوَّلي) في الحكم على عمل وأداء هذا المسؤول أو ذاك ، فضلاً عن حرصي على أن تكون الكتابة ميدانية وأن أكون موجوداً في صنعاء - مستغلاً زيارتي لها في مهمة إعلامية - حتى يكون الحكم واقعياً وميدانياً.
من خلال قراءة إستطلاعية ميدانية عشوائية لآراء عدد من مواطني العاصمة صنعاء والمقيمين فيها ، لاحظت إرتياحاً كبيراً في نفوس الناس الذين وصف بعضهم هلال بالمنقذ للعاصمة بعد الإنهيار الكبير الذي أصاب أسواقها وشوارعها وخدماتها كافة ، ومن حسن حظ صنعاء أن يكون أمينها مسؤولاً ميدانياً لامكتبياً فهو - من خلال معايشتي له والعمل معه - مسؤول لايعرف الراحة حتى في أيام الجمعة أو الأعياد ، وأتذكر أنه دعاني إلى مرافقته في الكثير من النزولات الميدانية التفقدية في الأعياد إلى المديريات مشاركاً أبناءها إحتفالاتهم بالأعياد الدينية ومستمعاً إلى همومهم وإحتياجات مناطقهم، كما سافرنا إلى منطقة ( نجران ) بالمملكة العربية السعودية على متن مروحية - بمناسبة إفتتاح منفذ الوديعة ، ولقائه بالأمير (مشعل بن سعود بن عبدالعزيز) أمير نجران - ثم عودتنا بعد ساعات من الوديعة إلى المكلا في رحلة برية لن أنساها، وكان هو يقود السيارة ولم يكن معنا غير شخص واحد هو الحارس الوحيد، كما أنه المحافظ الوحيد من بين المحافظين الستة عشر الذين مروا على حضرموت منذ الإستقلال حتى اليوم الذي وصل إلى منطقة (صنا) البعيدة والنائية في وادي حضرموت، والتقى بأبناء المنطقة ، الذين أبلغوه بأنه أول محافظ يصل إليهم، وهاهو المحافظ الوحيد الذي زار (صنا) الحضرمية يعود اليوم أميناً لعاصمة بلاد السعيدة (صنعاء) !!
أما أكبر تحدٍ خاضه الرجل باقتدار، هو القرار التاريخي بتنظيم إحتفالات العيد الوطني الخامس عشر (مايو 2005 ) بالمكلا وأقول إنه تحدٍ لأن القرار جاء في وقت متأخر إذ لم يتم إتخاذ القرار قبل عام من التنظيم ، كم هو الحال بالعيد السادس عشر في الحديدة ( مايو 2006 ) والعيد السابع عشر في إب ( مايو 2007) بل إن قرار تنظيم الإحتفالات بالمكلا اتخذ في ديسمبر 2004م أي قبل خمسة شهور فقط من التنظيم ، وكان بالفعل تحدياً كبيراً لمحافظ حضرموت ولأبنائها ، فضلاً عن أنه أول تنظيم خارج العاصمة ، لكن الرجل رغم ضيق الوقت ، نال شهادة النجاح على رؤوس الأشهاد بتوفيق من الله عز وجل له الحمد والشكر والثناء والمنة، وبمجهود عملي خرافي لافت من المحافظ هلال وبدعم من أبناء حضرموت الخيرين ، وجاء العرس جميلاً ولن ينمحي من الذاكرة.
الحديث عن نجاح الأستاذ ( عبدالقادر هلال ) في حضرموت يطول ويحتاج إلى كتابات كثيرة، ويكفيه فخراً عندما رافق رئيس الجمهورية السابق إلى حضرموت وهو وزير دولة - يناير 2011 م - إذ لمس الرئيس السابق حب وتقدير أبناء حضرموت ووفاءهم للرجل وأدائه في حضرموت في أكثر من مناسبة ، كان أبرزها إستقباله بالتصفيق الحار من قبل رجال ونساء حضرموت في مركز (بلفقيه) الثقافي ، أمام الرئيس السابق الذي تحدث عن هذا الموقف وقوطع بالتصفيق ، وذلك - لعمري - أغلى قلادة زينت صدر الهلال خلال أكثر من ربع قرن تحمل فيها العديد من المسؤليات في المديريات والمحافظات والحكومة حتى اليوم !!
أعود لموضوعي لأقول: إنه بعد مرور مائة يوم من تعيينه ، يمكننا القول وبدون توزيع بطاقات ورود مجانية إن الرجل تصدى باقتدار للمهمة الصعبة كسابقاتها ، رغم صعوبة الأوضاع وتعقيداتها ، فهناك ملفات عديدة تمثل تحدياً جديداً وإحباطات لأي مسؤول يقبل بالمهمة في هذه الفترة بالذات ، فوضع النظافة والبيئة لايخفى على أحد ، وحجم الضرر الذي ألحق بالكثير من الخدمات كان كبيراً ، فضلاً عن كثير من الإشكالات الناشئة عن الإهمال والتقصير وضعف الوعي واللامبالاة وغياب روح المسؤولية، فكان أولى الأولويات التي وضعها أمين صنعاء لقطع أشواط كبيرة من خلال ثلاثة أشهر ، هي برنامج مكثف للنظافة وتثبيت عمالها وإعادة الإعتبار للشوارع والأسواق وتحسين مستوى الخدمات العامة من مياه وكهرباء وطرقات ومشتقات المواد النفطية وتنظيم حركة المرور ، ومن أفكاره الجميلة ، جائزة رئيس الجمهورية لأفضل مديرية نظيفة ، وجائزة رئيس الحكومة لأفضل حي ، وتكريم رجال المرور الذين ينظمون حركة السير قبل أذان المغرب في شهر رمضان المعظم، وتكريم المواطنين قائد شارب وأحمد الهيثمي اللذين يبادران بتنظيف محيط منزلهما يومياً، ولم ينس في خضم المهام الكثيرة أن يكرم أمين العاصمة صنعاء السابق الأخ (عبدالرحمن الأكوع) تأكيداً على وفاء الخلف للسلف ، فضلاً عن قيامه بنزولات ميدانية يومية للوقوف مباشرةً على الهموم اليومية في المديريات وفي الشوارع وفي تفقد الجسور والأنفاق وإزالة التشوهات والمخالفات وإيجاد أسواق بديلة للباعة المتجولين بل والتوجيه للشرطة والبحث الجنائي بحمايتهم من الإبتزاز ، ومساعدة الأيتام في تجاوز مشكلاتهم ، ومتابعة ترميم الطرقات وإصلاح الأعمدة الكهربائية ، والإهتمام بالجانب الأمني الذي يتحسن شيئاً فشيئاً لكنه بحاجة لجهود أكبر من أمانة العاصمة والجهات ذات الصلة والمجتمع كافة .
ومن أولويات الأمين التي سعى خلال المائة يوم السابقة لمتابعتها ، التوجيهات الرئاسية بإنشاء مدينة طبية متكاملة بالعاصمة صنعاء، والتوقيع على إتفاقية حماية صنعاء من أعراض السيول وترميم الجامع الكبير وتحسينه بتكلفة 13 مليون دولار وتخصيص 50 % من دخل المنشآت الخاصة حوافز لعمال النظافة ، والإستعانة بخبراء يمنيين وعرب لتقييم مستوى المؤسسات التعليمية ، كما لم يفته تكريم أوائل الطلبة والطالبات من أمانة العاصمة صنعاء على مستوى الجمهورية ، بعد أن قام بتكريم نحو 250 عاملاً من عمال النظافة وتكريم حفاظ كتاب الله الكريم وتكريم أفضل مركز تجاري و(بسطة) بشارع الرياض (هائل) فضلاً عن دعوة الشركات المحلية للمشاركة برؤاها في مسألة تجهيز أسواق بديلة للباعة المتجولين، وإقامة لقاء تشاوري لمناقشة مشروع ( وطني أجمل ) ورعاية المبادرات المختلفة من الشباب والمنظمات للحفاظ على النظافة والبيئة بوصف ذلك يندرج ضمن الأخلاقيات الأساسية والإنسانية للمجتمعات ، والدعوة إلى إنطلاق حملات النظافة من كل بيت وحارة ومحل تجاري وشارع في العاصمة ، وإزالة مخلفات البناء ، والبناء العشوائي ، والإهتمام بشريحة المعاقين ، فضلاً عن متابعة التوجيهات الرئاسية بحفر خمسة آبار لمياه الشرب بأمانة العاصمة ،والتخطيط لإقامة حدائق نوعية خاصة بالأشجار النادرة ، ودعوة القيادات الأمنية والمدنية ليكونوا قدوة حسنة في التعامل مع المواطنين في لقاءاته المستمرة بهذه القيادات لتعزيز السكينة والإستقرار الأمني ، وإقرار تمثيل المعاقين في لجنة الخطة والموازنة لإعداد موازنة عام 2013 م لإسيتعاب متطلباتهم وإحتياجاتهم ، وعقد اللقاءات مع منظمات المجتمع المدني خلال الفترة السابقة لتجديد الشراكة بين القطاع الحكومي ومنظمات المجتمع المدني فضلاً عن تدشين مشروع ترميم وتأهيل الشوارع الرئيسية بأمانة العاصمة بكلفة مليارين ونصف المليار ريال ، وتدشين مشروع السائلة الشمالية بكلفة تسعة ملايين دولار والبحث في مسألة قيام إحدى الشركات الألمانية بالعمل على تدوير المخلفات وإدارة المستشفيات.
وفي هذا الخضم عقد لقاء مع السفير الأمريكي لبحث مساهمة الوكالة الدولية الأمريكية للتنمية في مشاريع البنية التحتية بأمانة العاصمة ، ولقاء آخر مع الخبير الأماني في مشروع إعادة إعمار اليمن ، وآخر مع خبير في البنك الدولي لجهة دعم تطوير اللامركزية ، فضلاً عن مشاركاته في لقاءات وأمسيات رياضية وثقافية وفنية خلال مائة يوم من تعيينه ، وتوج المائة يوم بمناشدة رئيس الجمهورية بإخراج المعسكرات من العاصمة وتحويلها إلى حدائق ومتنفسات للمواطنين.
يتمتع الأستاذ (عبدالقادر علي هلال) بشخصية كاريزمية ، فهو شخصية توافقية ومتوازنة وعقلانية ، ولذلك فلا غرابة في إحترام جميع القوى السياسية له ونظرتها له بوصفه شخصيةً مقبولةً ومفاوضاً محنكاً ووسيطاً نزيهاً في أية لجان أو حوارات ، وآخرها لجنة الحوار الوطني ، فضلاً عن قناعتها بكفاءته الإدارية والمهنية في شغل أي موقع تنفيذي كبير ، كما أنه يعشق عمله،وعندما يختلف لايعادي !
إن البلد حبل بالكفاءات والكوادر لكن كثيراً منهم إما مبعدون ، أو يتعرضون لحملات إفتراء ظالمة وكاذبة لمجرد أنهم ناجحون ، وهو ماحدث للأستاذ (عبدالقادر هلال) بعد نجاحه في حضرموت ، وفي وزارة الإدارة المحلية ، عندما تعرض للعديد من الوشايات الرخيصة التي - للأسف - إستجابت لها السلطة ، لكنها شعرت بخطئها الكبير الذي فرط بكادر وطني مقتدر، في حين يتربع كثير من القيادات المحنطة والفاسدة والجاهلة على العديد من المواقع القيادية ، فاستجاب الرجل لدعوة الوطن ، وعاد وزيراً فأميناً للعاصمة صنعاء ،رغم أن أعضاء حزب أعداء النجاح وأوكار الفساد ، ماضون في تهديد الكوادر الوطنية بأساليب شتى وآخرها ماتعرض له الأمين من محاولة إغتيال آثمة وهو يقوم ميدانيا ًبالوقوف على حالة الخدمات قبل إجازة العيد ، ولعلي لاأسقط في المبالغة إذ أقول (( إنَّ هلال صنعاء واليمن أمينُ عاصمةٍ بكفاءة رئيس حكومة تنفيذي ، وفي حالة نيله هذا الموقع - الذي يستحقه -بل إنه سيشرف هذا الموقع وليس العكس ، وفي حالة توفر جو صحي للعمل بلا مكايدات وفي وجود إدارة حديثة تسانده فإن اليمن قادم على إنتاج شخصية مماثلة للكفاءتين الإسلاميتين د.محاضير محمد ورجب طيب أردوغان تستطيع أن تختصر المسافة الزمنية للنهوض باليمن من جديد بعد عقود من أجواء الصراع والخلافات والحروب والدمار)).
وأخيراً أقول إنَّ على الحكومة أن تعيد عدداً من الكوادر التي أثبتت نجاحها في العديد من الوزارات والمحافظات لتتسنم المسؤولية من جديد ولو كانت في المؤتمر والإصلاح ، رغم أننا ضد التقاسم والمحاصصة ، الجارية هذه الأيام ، لكن عليها أيضاً ، أن تستعين بالعناصر المستقلة الكفؤة والنزيهة والقادرة على رفد مسيرة البناء والعطاء الوطني ، وأنهي مقالي بالقول ليت لليمن 20 محافظاً و30 وزيراً كعبد القادر هلال وكفى !!
هلال نموذج للإدارة الحديثة
أخبار متعلقة