بدأت القضية الجنوبية في عام 2007م على هيئة حراك شعبي سلمي واحتجاجات ومظاهرات حضارية تطالب بحقوق عادية ومتواضعة لكنها مهمة وضرورية ومشروعة للمطالبين بها ثم تطور الامر الى رفع سقف تلك المطالب نتيجة التباطؤ في الاستجابة لتلك المطالب من قبل السلطة والنظام حينذاك وعدم اكتراثهم بهموم الناس وآلامهم ومعاناتهم في المحافظات الجنوبية والشرقية حتى وصل الحال الى المطالبة بالحرية والاستقلال وفك الارتباط.
ومع ان الناس قد ثاروا على النظام السابق ودخلنا في عهد جديد ورئيس جديد وحكومة وفاق جديدة تعمل جاهدة على تنفيذ بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة لحل الازمة اليمنية التي مرت بها البلاد قبل عام مضى.. تلك المبادرة التي من أهم بنودها الدعوة الى حوار وطني شامل يضم كافة الاطراف والاطياف اليمنية في الداخل والخارج بلا استثناء.
مع العلم ان هذا الحوار الوطني من المبادرة الخليجية قد حظي بشكل خاص بدعم ومساندة المجتمع المحلي والاقليمي والدولي المؤيد لوحدة اليمن والرافض لفكرة التشطير والانقسام والعودة باليمن الى الخلف والى زمن الحروب والقلاقل في القرن الافريقي حيث الملاحة الدولية والعمق الاستراتيجي لدول الخليج وبوابتها الجنوبية الغربية.
ان من يفتعل قلاقل في هذه المنطقة والموقع الاستراتيجي الدولي الهام ربما يدفع بالدول العظمى والمجتمع الدولي باكمله الى القيام باتخاذ اجراءات عقابية تجاهه و تجاه من يعمل على عرقلة تنفيذ هذه المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية التي اجمع عليها المجتمع الدولي والاقليمي والمحلي او يقف عائقا في طريق وصولها الى غايتها وهدفها او يشكك في الدعوة الى الحوار الوطني الشامل الذي يمكن تصنيفه في خانة النضال السلمي الحضاري والسياسي الذي ينبغي ان ينتهجه اصحاب القضية اذا كانوا صادقين في نضالهم السلمي بحق وحقيقة وهو افضل طريقة واسلم منهج حضاري اذا قورن بحوار البنادق ولغة السلاح والدمار والقتل وسفك الدماء وازهاق ارواح الابرياء.
واذا كان اصحاب القضية يزعمون بأنهم يناضلون نضالا سلميا فالحوار هو نوع من النضال السلمي الذي ينبغي الاخذ به من باب تنويع اساليب نضالهم السلمي الى جانب المهرجانات الخطابية والمظاهرات والاحتجاجات والفعاليات والمحاضرات والندوات والاجتماعات واللقاءات والمؤتمرات والنضال بالوسائل الاعلامية المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية ووسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات وتكنولوجيا ثورة المعلومات وغيرها من الوسائل المختلفة التي يستثمرها النضال السلمي الحضاري وغيره.
اما مقاطعة الحوار وعدم الانخراط فيه او وضع الشروط المسبقة للدخول فيه فهذا لن يخدم القضية بل يشعر المجتمع المحلي والاقليمي والدولي بان اصحاب القضية ليسوا في عجلة من أمرهم وان الوقت لم يحن بعد للحوار معهم وكأن القضية الجنوبية الواضحة وضوح الشمس تحتاج الى مزيد من الوقت حتى تنضج ووتصبح جاهزة للحوار، وهذا والله عين التهرب ودليل على ان القائمين او المتحدثين باسم القضية لديهم اجندات اخرى غير حل القضية العادلة وغير مبادئ الحراك السلمي الجنوبي الذي ناضل وضحى بالشهداء من اجل مطالب وحقوق مشروعة.
ان الرافضين للحوار لا يخدمون القضية، لماذا؟ لان الحوار فرصة ذهبية قد لا تعوض او لا تتكرر الا بعد حين ويمكن استثمارها واستغلالها كما ذكرنا آنفا كنوع او كجزء من النضال السلمي لاسترجاع الحقوق وانتزاع المطالب ومن هنا تأتي أهمية الحوار بالنسبة للقضية الجنوبية او لغيرها.
ان عدم حضور مؤتمر الحوار الوطني الشامل يعطي ذريعة ومبرراً للمجتمع الدولي بان اصحاب القضية ليسوا جادين او صادقين او خائفين على قضيتهم بدليل عدم استغلالهم فرصة الدعوة إلى الدخول في الحوار الوطني الشامل الذي سيعالج كافة مشاكل الوطن وفي مقدمتها وأبرزها القضية الجنوبية العادلة التي اعترف بها الجميع و التي سيبدأ الجميع بمناقشتها في ذلك الحوار الوطني الشامل. فلماذا لا يسارع المتحدثون باسم القضية بالانخراط في الحوار القادم ويضعون قضيتهم ومشروعهم الحضاري للنقاش من أجل مستقبل أولادهم وأحفادهم وأجيالهم القادمة ووضع الجميع أمام مسؤوليتهم التاريخية كأمر واقع وإجبارهم على إيجاد حلول جذرية وناجعة للقضية الجنوبية في هذا الحوار الوطني المهم .
أما انتهاج أساليب الهروب والمراوغة واختلاق الأعذار والمبررات ووضع الشروط المسبقة قبل الحوار ورفضه فلن يخدم القضية الجنوبية بل سيضرها وسيفوت الفرصة على أصحاب القضية وربما يؤدي هذا التصرف إلى تطويل أمد النضال السلمي للقضية الذي بدأ عام 2007م وقد تتحول اليمن بأكملها إلى صومال جديد وربما أبشع من ذلك لا سمح الله.
أخيراً نقول للرافضين للحوار إن الناس الذين أغلقت وانسدت عليهم منافذ أو نوافذ الحوار ولجؤوا إلى الحرب وإلى لغة السلاح فإنهم في الأخير يعودون إلى لغة الحوار السلمي الحضاري لحسم الخلاف بينهم.
أهمية الحوار.. للقضية الجنوبية
أخبار متعلقة