فى حياة الشعوب أجيال يواعدها القدر ويختصها دون غيرها بأن تشهد نقاط التحول الحاسمة في التاريخ، إنه يتيح لها أن تشهد المراحل الفاصلة في تطور الحياة الخالدة ؛ تلك المراحل التي تشبه مهرجان الشروق حين يحدث الانتقال العظيم ساعة الفجر، من ظلام الليل إلى ضوء النهار “ جمال عبدالناصر “.
للأسف.. بعض هذا الجيل قد تعلم الكراهية لسنوات طوال وهم لا يسمعون الكثير مما يمكن أن يغير إدراكهم بل حتى مجرد التواصل مع “الآخر” يعتبر أمرا مشبوها، إنها أشياء لا تقبلها الأغلبية، ويدعم ذلك الجهل والصورة النمطية العنصرية التي تبثها القوى الرجعية عن ثقافة العدو فمن هو العدو ومن هو الحليف؟!!
إن تغذية العقول بالكراهية المستمرة قد أصابها بعسر الهضم، لقد جعلت سنوات الصراع الديني، القومي، الراديكالي من العنف والحسم قيما عليا في مجتمعنا.
التغيير.. يجب أن يكون من الأسوأ إلى الأفضل وليس العكس - كما يحدث عندنا - حيث تقدمت الشعوب من حولنا وازدهرت بينما نحن نسير بقهر إلى العصور الحجرية الأولى، و هنا يمكن وصف هذا التغيير بأنه من الأسوأ إلى ما هو أشد سوءاً فإذا كانت الملكية و الإمامة سيئة، فإن الأنظمة الجمهورية التي جاءت بعد ذلك كانت أشد سوءاً مهما لوناها بألوان وردية و سميناها بأسماء كالثورة، الجمهورية، التغيير، الحريات، الديمقراطية، المعاصرة و الحداثة، إلا أن الحقيقة أنه لم نحصل من الثورة أو الجمهورية أو الديمقراطية أو الحريات إلا مجرد أسماء مستعارة براقة في مظهرها و سوداء في داخلها تخفي وراءها كل الشرور و الفساد والدكتاتورية و الظلم والخوف و كتم الأصوات وتكميم الأفواه و قمع الحريات.
وحين نرى أن بعض هذا الجيل يتمسك بعودة الماضي، نبدأ بالسؤال: ما هو الماضي؟!! وهل سيأتي بالحل أم سندخل في دوامة ألا نهائية من الصراعات التي سوف تفرز القوميين والاشتراكين والأصوليين؟! هل سنرتقي لنلمس جدار المستقبل، أم سنبقى نتصارع في قاع البشرية؟.. هل سنصطف في طريق واحد - طريق المرور إلى العالم - أم سنبقى ننتظر ونرى الجميع قد انطلق في ملكوت الله يبدع ونحن في محاربة بعضنا نبدع؟!!.. ويبقى السؤال الأهم “ أيهما يحكم الآخر ... المستقبل أو الماضي؟! “.
أهل الاعتدال هم وحدهم القادرون على صناعة مستقبل لهذا الوطن يجنبنا غلو تيارات التطرف. وفي سعيهم الى الاعتدال سيتعرضون لشتى أنواع النقد والاعتراض..وربما يتهمون بالارتداد والعمالة.. وربما يبالغ البعض ويتطرف ويتهمهم بالارتزاق، غير أنهم مقتنعون جدا بأن صناعة المستقبل تقتضي الصبر على الأذى؛ فالبناء دائما يتطلب التضحية، فمسلمات الحراكيين الأولى منذُ تشكلت ليست مقدسات غير قابلة للمراجعة، وقناعات الإسلاميين السياسية وكسبهم الاجتهادي ليس وحياً، وبين الاعترافين مساحة كبيرة تتأسس داخل فضائها إمكانات للحوار والتوافق على صناعة المســتقبل للوطـن .
[email protected]
أيهما يحكم الآخر .. المستقبل أم الماضي ؟!!
أخبار متعلقة