كتاب جديد للكاتب الساخر أحمد رجب
القاهرة / متابعات: "يخرب بيت الحب"؛ كتاب جديد للساخر الكبير، والضمير الوطني أحمد رجب صدر عن الدار المصرية اللبنانية، في 265 صفحة من القطع المتوسط.والفكرة الأساسية التي يرتكز عليها هذا الإصدار لأحمد رجب هي: العلاقة بين المرأة والرجل، والمحرك الأساسي لكل ما يتعلق بهما: الحب والزواج، والحب قبل الزواج، والحب بعد الزواج، والغيرة، وكيف أن الحب في نظر الرجل هو مقدمة لأشياء أخرى، بينما يمثل للمرأة كيانًا اقتصاديا، وعلى العموم يعرف أحمد رجب الحب بأنه: «جميل، وشرير خطر عندما يتنمر، الحب نعيم، وهو الجحيم إذا غضب، الحب أحلام نحيا في رؤاها والويل عندما تصبح الرؤى أشباحًا تطاردك في الصحو والنوم، والحب صديق يبدو مخلصًا غير أنه لا يعرف الوفاء ولا حسن الخلق، الحب وادع طيب يحنو ويسعد ولا تعرف متى ينقلب إلى وحش يفترس».ويضيف أحمد رجب مكملًا رؤيته لذلك الإحساس الذي تعارف الناس، واستقروا على تسميته بالحب: «الحب هادئ، مجنون، أحمق؟ ملاك؟ شيطان؟الحب هو هذا كله.ولهذا جاء إهداء الكتاب من قبل أحمد رجب إلى أمه، وليس امرأة أخرى كما قال: «إلى حبيبتي التي أعطتني كل الحب بغير حساب، ولم تنتظر منِّي حبًّا بقدر ما أعطت.. إلى أمي».جاء الفصل الأول من الكتاب بعنوان «الغيرة» ليفرق بين غيرة المرأة، وغيرة الرجل، فالدافع مختلف، والهدف أيضًا مختلف، وعلى طريقة أحمد رجب في السخرية، والاستناد إلى الأمثال الشعبية تأخذ الكتابة طابعًا فكاهيا، «والغيرة عند الرجل مبعثها الحب أو الرغبة في الاستئثار بأنثاه، بينما الغيرة عند المرأة يغلب عليها الدافع الاقتصادي، فالمرأة عديمة الثقة بالرجل وإن تظاهرت بغير ذلك لأنها تعرف من تجربتها معه أن أية امرأة أخرى يمكن أن تضحك عليه مثلما ضحكت هي عليه من قبل، فهي تشعر بالخطر أو التهديد الاقتصادي إذا نافستها امرأة أخرى في حب رجلها.وللإيقاع بالرجل لجأت المرأة إلى أسلحة معاونة للأنوثة كسلاح الحرب الكيماوية التي استخدمت فيها المساحيق والعطور فسقط رجال، وتم أسر الملايين منهم في المعتقلات الزوجية، والمرأة تعرف أن حرب الإيقاع بالرجل سلاح ذو حدين، وأن امرأة أخرى قد تستعمل وسائل أشد تأثيرًا وفتكًا، ولذلك لا تثق المرأة في الرجل بمليم، وقد أوضحت ستي ذلك فوصفت «ريالة الرجل» أمام المرأة بكلمتها المأثورة في الأمثال: «العايز أهبل».لماذا يفسد الحب بين العشَّاق؛ أحد أسباب هذا الفساد، وتحوّل الحب إلى مصارعة محترفين هو الزواج، فالحياة الزوجية عندنا عمومًا تفتقد التغذية العاطفية والطرفان يتحملان مسئولية تجويع الحب وموته، وإذا كان الرجل مثلًا لا يكلِّف نفسه بأن يهمس إليها من وقت لآخر بكلمة «أحبك» فمن الإنصاف أن يقال إن الزوجة لا تشجع زوجها على ذلك في أغلب الأحوال، فهي قد تركت نفسها لتراكم اللحم والشحم، ومن العسير أن يقول لها: «بحبك يا دبدوبة»، أو كما قال الشاعر معبرًا عن ضخامة جسم حبيبته من تراكم اللحم والشحم «يدور عليك عند الصبح قلبي ويفرغ منك في وقت الغروب».ويرصد أحمد رجب بطريقة ساخرة العديد من الأسباب التي تفسد الحب، خصوصًا بعد الزواج، فمن أمراض الحب بعد الزواج أن كلًا من الطرفين لا يدرك المظاهر أو السمات الخارجية الخاصة بالنوبات النفسية عند الطرف الآخر كاستعداده للحديث أو رغبته في الانفراد بنفسه أو جنوحه إلى الانطلاق والمرح وعدم إدراك هذه المساحة يجعل كلا من الزوجين جهاز إرسال واستقبال سيئاً بالنسبة للآخر، وإذا أضفنا إلى هذا كله جفاف الحياة الزوجية من الكلمة الحلوة واللمسة الحانية، فإننا نجد الرجل في النهاية يمارس حقوقه الزوجية وهو أقرب إلى شخص مغتصب منه إلى زوج محب، فلا تملك الزوجة إلا أن تردد في سرها دعاءً واحداً: «روح ربنا يهد حيلك».ويصبح ذلك هو قانون الزوجية، ولأن الزواج من الصعب تعريفه، فإن أحمد رجب، يرصد مجموعة من المواقف، تدل على أن هذين الشخصين متزوجان ومنها:- رجل بملابس الخروج، يروح ويغدو داخل البيت ناظرًا إلى ساعته.. وامرأة أمام مرآة الزينة ترسم حواجبها.- امرأة لا تعلم أنه يطلق عليها بين أصدقائه اسم: المجنونة.. ورجل لا يعلم أن اسمه السري بين صديقاتها: الهباب.- رجل يصيح بسبب زرار مقطوع وامرأة تلعن العيشة لأنها لا تجد زرارًا من نفس النوع.- رجل يقرأ في الفراش.. وامرأة لا تستطيع أن تنام بسبب نور الأباجورة.- رجل من المعتقد أنه خائن.. وامرأة تبحث عن دليلٍ على خيانته.- رجل لا يتذكر عيد ميلادها.. وامرأة تبكي في بيت أمها.- رجل يقوم نهارًا بجمع الفلوس في محفظته.. وامرأة تتسلل ليلًا إلى المحفظة.- رجل يحلف.. وامرأة لا تصدقه.- امرأة تتكلم.. ورجل يتظاهر بالإنصات.- رجل يناقشها وامرأة تناقشه والجيران يسمعون.إذا كانت هذه سمات الحياة الزوجية، كما يرصدها أحمد رجب في أبرز مواقفها، فإن تحوَّل حالة الغرام، إلى حالة زواج لها دلائل أيضًا منها عندما:- تبدأ هي في المقارنة بينه وبين الذين طلبوا يدها.- يبدأ هو في البحث عن سبب وجيه للزواج منها.- تشعر هي أنها تفتقد الكتف التي تضع رأسها عليها.- يتظاهر هو بأن كتفه مصابة بالروماتيزم.- تسترجع عهد الخطوبة أيام كان يجلس معها إلى منتصف الليل.- يعود هو من الخارج عند منتصف الليل.- تتذكر هي كيف كان يبدو كالأبله وهو يجري خلفها ليخطب ودها.- يتحقق هو أنه أيام كان يجري خلفها كان أبله فعلًا.- تبدأ هي تحار في معرفة حقيقة مشاعره.- يبدأ هو في إخفاء حقيقة دخله.. ويغادره الشعور بأن مجرد رغباتها أوامر.- ترغمه على تحقيق مطالبها عن طريق اللجوء السياسي إلى بيت أمها.- يبدأ هو في سياسة ترشيد القبلات.- تبدأ القبلة تتحول عندها إلى أمنية.إياك عزيزي القارئ أن تأخذ كلام أحمد رجب على محمل الجد، فهو لم يقصد إلى ذلك على الإطلاق، إن هدفه أسمى من أن يكون ناصحًا، وأكبر من أن يكون مصلحًا اجتماعيًّا، أو منظِّرًا فلسفيًّا، إنه يقصد أن يضعك في حالة ضحك هستيري، بأن يضع أمام عينيك أجزاء من حياتك، ويعرض لك مشاعرك بطريقة ساخرة تجعلك تضحك من نفسك وعلى نفسك، وإذا فعلت ذلك فأنت على الطريق الصحيح للعلاج.