فيما تتواصل عملية الانتقال السلمي للسلطة في اليمن
لقاء أجراه / محمود دهمس في الوقت الذي تتواصل فيه عملية الانتقال السلمي للسلطة في الوطن اليمني الكبير بقيادة المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية والخطى الحثيثة والمتسارعة نحو ولادة الدولة اليمنية الحديثة المرتكزة على إنشاء ستة أقاليم مكونة بذلك اليمن الاتحادي الجديد وفقاً لما جرى الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته ، التقت الصحيفة الأخ أحمد ناصر الفضلي أحد مناضلي الثورة اليمنية والشخصيات الوطنية في محافظة حضرموت، فعبر عن وجهة نظره حول جملة من القضايا والموضوعات المتصلة بما جرى ويجري في اليمن وما ينبغي العمل به لضمان انتقال سلس للسلطة والانتقال إلى مرحلة إنشاء دولة اليمن الاتحادي الذي وضع أسسه مؤتمر الحوار الوطني مشكلاً خطوة كبيرة قياساً بالأوضاع التي عقد في ظلها المؤتمر. ورأى أن من الضروري أن تستكمل فعالياته بعقد مؤتمر تكميلي لدعم مخرجاته بغية إحداث انطلاقة كبيرة في مسار التطور اللاحق لليمن الجديد، لافتاً إلى أهمية أن تلعب كافة الفعاليات والأنشطة المجتمعية دورها التاريخي في خلق ثقافة وطنية تشكل العامل الأساس في بناء الدولة اليمنية الحديثة في ظل هذا الاتحاد المنشود ووضع مشروعه النهضوي والتنموي في مختلف الميادين وعلى كافة الصعد وهو ما يتطلع إليه الشعب اليمني بعد تجارب عدة خاضها.. وهاكم حصيلة اللقاء : ما أثر تغيير قواعد اللعبة الدولية على التطور اللاحق في اليمن؟ بعد أحداث 2011م في اليمن اتفق المجتمع الدولي والإقليمي على ضرورة انتقال غير عنيف للسلطة في اليمن باعتبار إن أي انتقال عنيف قد تكون له انعكاسات سلبية على الوضع الإقليمي أي أن الجميع قد وجدوا لهم مصلحة في وجود عملية انتقالية سليمة. هل يمكن أن تستمر هذه الرؤية ؟ وما مدى ايجابيتها وسلبيتها على الوضع في اليمن؟ احتمال أن هناك مصالح أخرى قد يكون لها أثر سلبي على رؤية المجتمع الدولي حول الوضع في اليمن وبالتالي لابد لليمنيين أن يعتبروا أن الانتقال السلمي للسلطة واستمرار عملية هذا الانتقال هو الآمن لهم من اللجوء إلى أية خيارات أخرى كارثية. وهل في اعتقادكم أن اليمنيين لديهم مشروع لذلك ؟ مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي انعقد بصنعاء خلال الفترة المنصرمة وتمخض عن مخرجات وهو ما يمكن تسميته برؤية اليمنيين لضرورة الانتقال الطبيعي إلى بناء الدولة اليمنية الحديثة وأياً كان الأمر، فمؤتمر الحوار شكل خطوة كبيرة قياساً بالأوضاع التي عقد في ظلها المؤتمر .. أي أن الأطراف والجهات المتناقضة قد بحثت كل المسائل في طاولة واحدة وفي حقيقة الأمر فإن الحوار قد نزع فتيل الحرب والدخول في أتونها بين الأطراف المتصارعة وربما رأت هذه الجهات أنه ليس بمقدور أحد أن يحسم الأمر لصالحة، وهو ما يعني أنها لم تكن مقتنعة بأن الحوار الوطني هو السبيل الأنجع، ولذلك نرى الآن موجات صراع عنيف بين أطراف كانت قد جلست على مائدة حوار في طاولة واحدة. يا ترى ماهو المخرج الآن لما يدور في الساحة وما يعتمل من وجهة نظركم؟ المشكلة إن مؤتمر الحوار الوطني في الوقت الذي جلست فيه الأطراف المتصارعة على مائدة الحوار لم تشترك قوى فاعلة في هذا الحوار وبالذات من المناطق الجنوبية وعلى الرغم من أننا لا نقلل من أهمية ما توصل وما تمخض عنه مؤتمر الحوار إلا أننا نرى أنه من الضروري عقد ما يمكن أن يطلق عليه المؤتمر التكميلي بغية استقطاب من لم يكن له حضور في مؤتمر الحوار، والقصد من هذا الموضوع ضرورة إشراك كل القوى السياسية في عموم الساحة اليمنية لإنجاح مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والانطلاق نحو مستقبل التنمية في اليمن لاسيما بعد ثلاثة أعوام عاشها ويعيشها اليمنيون في ظل مرحلة انتقالية لا تساعد في انتقال طبيعي للسلطة جراء الوضع الأمني. كيف تنظرون إلى ما خرج به مؤتمر الحوار والاتفاق على تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم وحل للقضية الجنوبية؟ نحن اليمنيين جربنا دولتين في اليمن وفشلنا. لم نوجد تنمية حقيقية في الشطرين ولكن دخلنا في عدة حروب، وأعلنا وحدة اندماجية في عام 90م ولم نربط هذه الوحدة بمشروع تنموي كبير وكل مافي الأمر أننا دمجنا نظامين شموليين في نظام واحد أثبتت الأيام فشله لهذا لا ينبغي لأحد أن يجرب المجرب لذلك فإن قيام يمن اتحادي جديد مبنى على أقاليم يمكن أن يشكل مخرجاً مناسباً لإيجاد تنمية شاملة لليمن، لاسيما إذا ما ربطنا تجربة الأقاليم الجديدة بنقل السلطة من المركز إلى الأقاليم أي إتاحة الفرصة للناس أن يديروا أمورهم وشؤونهم بأنفسهم في إطار دولة اتحادية ولا أرى أي سبب للخوف من عملية تقسيم اليمن إلى أقاليم. وماذا عما يدور حول عودة العطاس والبيض وبعض القيادات الجنوبية إلى الوطن؟ القضية ليست قضية عودتهم ولكن بأي عقلية ينبغي أن تكون هذه العودة .. لأن الذي حدث بعد أحداث 94م أوجد انقساماً كبيراً وخطيراً في المجتمع اليمني، وللأسف أن كثيراً من السياسيين قد أججوا هذه الانقسامات بين أفراد الوطن الواحد وكنا نتمنى أن لا يقدم الجنوبيون كل هذه التضحيات على شعارات وأهمية ، وينبغي أن تكون هذه العودة وأن تأتي في ظل نظرة بأفق وبعد استراتيجي ليمن اتحادي جديد بمعنى إن اليمن ينبغي أن تصبح دولة اتحادية. في اعتقادكم في ظل بروز الأهمية الإستراتيجية التي تحيلها اليمن بالنسبة للمجتمع الدولي ترى ماهي الخطى التي يمكنها التسريع من عملية انتقال سلس للسلطة والبدء بتطبيق مخرجات الوطن؟ هو من الناحية العملية الانتقال تم وبالإجماع تم انتخاب فخامة المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، المهم في الأمر هو في أن تستكمل خطى عملية الانتقال من خلال استكمال كتابة الدستور الذي يشكل أساساً قانونياً لولادة الدولة الاتحادية الجديدة، وفي نفس الوقت على اليمنيين أن لا يقولوا على إن المجتمع الدولي معهم بل المهم في المسألة هو قناعة اليمنيين أنفسهم بالنظام الاتحادي الجديد فالتجمع الدولي لا يمكنه أن يبني اليمن الاتحادي الجديد نيابة عن اليمنيين، أنت إذا أردت الحق فإن المسألة مرتبطة بك بدرجة رئيسية، وعلينا نحن اليمنيين أن ندرك أن من الممكن أن تتضارب المصالح الدولية في مهمة ما وبالتالي تنشأ صراعات نيابة عن الآخرين على مستوى الساحة اليمنية. هل يمكن أن تنشأ ثقافة وطنية يمكنها أن تشكل العامل الرئيس ليمن اتحادي جديد ؟ عملية الانتقال إلى الدولة الاتحادية الجديدة المرتكزة على الأقاليم يمكن أن تنشئ ثقافة وطنية أفضل من ماهو وما كان سائداً باعتبار أن الأقاليم ستشرك المواطنين في عملية إدارة شؤونهم وفي الوقت نفسه الاهتمام بالخصائص المعنية لكل إقليم بالتالي سيشعر المواطن في هذا الإقليم أوذاك بأنه شريك في السلطة وشريك في الثروة ومتى ما شعر المواطن بهذا الشعور سيتكون الشعور الوطني العام بأهمية الحفاظ على هذا الاتحاد، وبالمناسبة أن اليمن تطورت حضارته على التنوع ويمكن أن يشكل عاملاً إيجابياً مهماً الآن. ما الفعاليات والمكونات التي يمكنها أن تلعب دوراً مهماً في خلق الثقافة الوطنية نحو يمن اتحادي جديد ؟ اليمن الميزة التي تميزه هو أنه قد مارس التعدد الحزبي وصحيح إن هذا التعدد قد كان ضعيفاً وأن هذا الوضع لعب دوراً في المسار السلمي للانتقال الجديد في اليمن عكس بعض الدول وما جرى فيها من تحول سياسي وعرفت خلال هذه الفترة نشوء منظمات مجتمع مدني، وصحيح إنها ليست مؤثرة تأثيراً كبيراً في الحياة السياسية وفي المجتمع اليمني ولكن وجودها كان إيجاباً ويمكن أن تلعب هذه المنظمات المدنية وكذلك الأحزاب دوراً مهماً في خلق ثقافة وطنية في اليمن الاتحادي الجديد وأهم ما يمكن القول عنه في هذا الاتجاه هو التأكيد على تجسيد ثقافة القبول بالآخر لأنه بدون ذلك لا يمكن الحديث عن قيام دولة اتحادية جديدة. ختاماً نظرتكم لمستقبل الوطن اليمني الاتحادي ؟ المستقبل سيكون واعداً إذا ما فكرنا في تناول مشكلاتنا بنظرة عميقة تأخذ بعين الاعتبار المصلحة العليا لليمن الاتحادي الجديد.