حتى لا نظل نمشي ( رقص الحَمام ) !!
عندما قرأت أول من أمس ( الأحد المنصرم ) رد فعل البرلمان على حديث الأخ الرئيس حول الإجراءات التي يزمع اتخاذها لوقف التدهور الاقتصادي؛ وضعت يدي على قلبي؛ مخافة أن تدفع هذه الإشارة التي أعلن بها البرلمان تأييده المطلق لذلك .. أن تدفع فخامة الرئيس ـ في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، والحاجة لإجراءات اقتصادية سريعة لإعادة عجلة الاقتصاد إلى مسارها، وبالتالي حل أزمة المشتقات النفطية التي تعمل قوى الفساد متضافرة مع قوى تخريبية أخرى على تفاقمها ـ أن تدفعه إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، متسرعة، وغير محسوبة العواقب والنتائج؛ ولاسيما في ظل ما تشهده الساحة من أوضاع مشحونة بألغام الكيد السياسي، وناسفات الثأرات، والضغائن المتراكمة؛ التي لم تبقِ موطئاً لكلمة شرف، أو لعهد، أو اتفاق أكيد يحترمه كل الفرقاء العاملين في الساحة إجماعاً، ولو من أجل عيون الوطن، ومستقبله المأمول؛ الذي صار البعض يضعه ـ حقيقة ـ في آخر سلم الأولويات، التي لا أدلة عليها سوى اللعب المبتذل، الآني في ساحة العمل السياسي العابث، وهي الساحة الأشبه اليوم برمال الصحراء التي لا يُعلم لها ثباتاً، ولا قراراً .ولكن .. ويا لحكمة اليمني الأصيل !! فقد كان الأخ الرئيس بحق أباً للكل .. لا يأبه بشيء؛ إلا بقدر ما فيه من مصلحة للوطن والإنسان .. كان أكبر من أن يقع في هذا، أو ذاك من المنزلقات التي قد يستغلها المرضى، والفاسدون لاستثارة البسطاء والتدليس عليهم، بل ترجم بحق حكمة اليمنيين الأصيلة، وعميق حِلمهم في التعامل مع المعضلات بكل هدوء، وأبان هذا أعظم تبيان، وذلك لدى ترؤسه ( الاثنين ) المنصرم اجتماعاً لرئاسة البرلمان، ورؤساء الكتل البرلمانية، ورئيس الوزراء؛ فقطع حبال كل المخاوف من الوقوع في كيد الحاقدين على الدولة الجديدة، وعلى اليمن الاتحادي الديمقراطي الحديث .. أولئك الذين يحاولون العودة بالبلد والشعب إلى مربعات العنف، والشتات، أو الخنوع، والخضوع لعقليات التخلف الإمامية، السلالية، أو الطائفية، أو المناطقية، أو القبلية؛ فأكد ـ بما يقطع الشك باليقين ـ عدم اتخاذ أي قرارات إلا بالتوافق، والتكامل بين المؤسسات، قاطعاً بذلك الطريق على وساوس الشياطين، وتدبيرات القابعين في الظلام، وخلف الأستار، المهووسين بزراعة النكبات، والأزمات من قوى الفساد، والتخلف، ومجاميع الرعب العاملة تحت عباءة الديمقراطية، والمسيطرة على مفاصل الحركة في تحالف ( القاعدة ) الدخيل، الأسود، ومسمياته المختلفة من المهرة؛ حتى صعدة . ليس ذلك فحسب؛ بل أكد كذلك أهمية الانسجام والتنسيق بين مؤسسات الرئاسة والبرلمان والحكومة، وأن تكون مصلحة البلد هي الهدف الأسمى، من أجل الخروج بالوطن والإنسان إلى بر الأمان، منيطاً بالحكومة، والنواب، والأحزاب مهمة دراسة خيارات معالجة أزمة المشتقات النفطية كأزمة خانقة يمتد كثير من تفاصيلها، وعروقها إلى دهاليز بعض الأحزاب والقوى المستفيدة من نشوب، وتفاقم هذه المشكلة في إطار الصراع والكيد السياسي، ومحاولات معسكر القديم العودة إلى المربع الأول، وإفشال جهود التسوية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، ونسفها من الداخل . وكما يبدو جلياً؛ فإن الأخ الرئيس قد أدرك ببصيرته الثاقبة ليس فقط مسار الخروج من هذا المأزق المفتعل؛ بل والخروج كذلك من معضلات، وتشابكات، وتداخلات الأزمة الاقتصادية ككل؛ والتي يراد من خلالها كما يبدو الانقضاض على أمل جماهير الشعب في التغيير، والوصول إلى منجز الدولة الاتحادية .. هذا الكيان الوليد الذي غدا قاعدة عقد اجتماعي جديد لكل القوى .. ومحل إجماع وطني ودولي .وهكذا؛ فقد وجه فخامته الحكومة في هذا اليوم ( الاثنين ) بالعمل على تسريع تنفيذ مصفوفة الإصلاحات الشاملة، وتوفير متطلبات الناس وتنظيف السجل الوظيفي بالتالي من الأسماء الوهمية، وتطبيق نظام البصمة وهو إن نفذ شاملاً في كل المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية ( ودون استثناء ) فإننا سنكون بحق قد وضعنا أقدامنا بكل ثقة ومصداقية على طريق اليمن الجديد، المتطور، والمزدهر؛ فكيف إذا تمت العملية شفافة، وعلى كل صعيد، وطالت أوكار كل الفاسدين في المناقصات، وفي المشاريع الكرتونية المفرغة من مضامينها جراء مقاولات مقاولات مقاولات الباطن التي قد تصل إلى الدرجة الخامسة من مقاولات هذا النوع ؟ وكيف لو تمت الإصلاحات بحد العدالة ؟ ونور المحاسبة؛ فوضعت النقاط على الحروف ؟ وعلى كل حال؛ فقد أثلج فخامة الرئيس الصدور بتوجيهاته القيمة .. علم الداء، وأدرك الدواء بخبرة الحكيم، وهاهي الكرة الآن في مرمى الجميع، معاً لا انفراداً، وعلى الكل أن يدللوا على إخلاصهم لوطنهم وشعبهم، وأن يتحملوا المسؤولية كاملة معاً أيضاً ـ في إطار مقتضيات الوفاق الوطني، بعيداً عن النزاعات والكيد، ومن أجل الخروج من نفق المرحلة الانتقالية؛ إلى آفاق العمل المؤسسي؛ في الدولة المدنية الحديثة .. دولة النظام والقانون .. دولة العدالة، والمواطنة المتساوية، وكل في موقعه، وحسب مقدرته، فلا مكان بعد الآن لرمي المسؤولية على الآخرين، ولا مكان لمن يقول : وأنا مالي ؟! فالمال مالي والعيال عيالي !! ما لم .. فستظل اللعبة إلى ما شاء الله، وإلى أن توجد أجيال جديرة بالحياة، وجديرة بالإنتماء إلى اليمن، وما لم .. فسنظل نحن ـ كما كنا ـ نندب الحظ، ونمشي كما قالوا ( رقص الحمام ) !! [email protected]