آخر كـلام
الحكمة التي يتشبث بها الأخ رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي تمثل ترجمة رفيعة للغة الثورة الشبابية السلمية الحضارية التي تفجرت عطشاً في 11 فبراير 2011م لتغيير الواقع المزري، رافعة سلاح الورود، والزهور في مواجهة الطغيان، والغطرسة، وانتقاص حقوق الناس، وحرياتهم .والحقيقة أن المرء ربما يلاحظ للوهلة الأولى؛ وهو يرى رد فعل الدولة ممثلة بالأخ الرئيس، ويرى تعاملها مع كثير من الأحداث، والوقائع، والمواقف .. ربما يلاحظ؛ وكأن الدولة ورئيسها يقدمان تنازلات مجانية، متواصلة لقوى الفساد، والثورة المضادة، ولمن هب ودب من طلاب السلطان والاستحواذ، والسيطرة،وقطاع الطرق، وكأن الأمر لا نهاية له إلا في الهاوية .ولكن .. يكفي نظرة فاحصة بسيطة لجلاء الحقيقة، وكشف الحجاب، ورفع كل سحب اليأس السوداء؛ عندها سنرى الصورة كما ينبغي، ودون تشويه؛ فإن الأخ الرئيس وهو يسلك هذه الوديان الوعرة؛ إنما يعطي ـ كأي أب يقدر مسؤوليته ـ الفرصة تلو الفرصة لتلك القوى، والمسميات الميتة، المنتنة؛ لترجع عن غيها، وتراجع نفسها، أو يراجعها الآخرون داخل الوطن، أو المجتمع الدولي؛ وهو إذ يفعل ذلك إنما يترجم بحرص حسن النوايا الذي ينبغي أن يكون في هذه المرحلة ( الانتقالية ) ويترجم طبيعة هذا التغيير الحضاري الذي بدأ سلماً، وينبغي أن يستمر سلماً، ولا سيما أن هذه القوى قد دخلت مع الجميع شريكة في مسيرة الحوار الوطني لبناء الدولة الاتحادية اليمنية الحديثة .وإذا كان الواجب، بل السياسة كذلك يقتضيان التقاط مثل هذه المبادرات، والتعامل مع هذه النوايا بإيجابية، ومسؤولية؛ فإن التفريط، أو السلبية الكائنة في تعامل هذه الأطراف لن تكون معيبة في حقها فحسب؛ بل هي أيضاً مكلفة، وباهظة، وربما قاتلة، ومدمرة لا محالة . إن هذه الأطراف، أو القوى؛ وهي تمارس سلوك التعامي، والغطرسة لفرض الأمر الواقع، والانقضاض على مخرجات الحوار، حد التحالف غير المعلن مع القاعدة، وأعداء الوطن، ورفض تسليم السلاح للدولة جملة، وتفصيلاً، وفكرةً، مع أن ذلك مطلب أساسي في مخرجات الحوار ؛ التي وقعوا عليها في أعظم إجماع وطني نهاية العام المنصرم، وحد مقاومة السلطات، ورفع السلاح الثقيل المنهوب في مواجهة الجيش والأمن، واقتحام المواقع العسكرية، والمدن المسالمة بالأسلحة، إنما هي في الحقيقة تلف، وتطوي الحبالات الخانقة حول رقابها في مشنق حماقات محزن، بل تصنع سقوطها المدوي مجدداً، ولكن هذه المرة دون حراك ، وإلى الأبد، وإلى مزبلة التاريخ إن شاء الله .هذا الطرح لا أقوله من فراغ، أو دون أساس من الواقع السياسي الحي؛ بل انطلاقاً من معطيات معلومة لكل متابع بالضرورة، ويفترض أنها لا تغيب في الأصل عن أذهان هذه القوى المنبوذة، المتهالكة، المتهافتة؛ التي لا هم لها سوى الانقضاض على رأس الدولة، وتمريغ وجوهها، ورمزها في التراب، وتشويه تاريخها الوطني، النضالي، الطويل، وإجهاض، ووأد عملية التغيير الثورية، وحرق كل منجزات الحوار ومخرجاته لفتح الباب على مصراعيه لحروب مناطقية، قبلية، مذهبية، سلالية مقيتة، قد لا تنتهي على مدى عشرات السنين السوداء . ويجب أن ندرك أن هذه القوى التي لا تفقه سوى سفك الدماء، وحصد البشر، وتخريب الممتلكات العامة، والخاصة، واستعباد الجميع، والاستيلاء بأسنة الموت، ولغة الرصاص؛ على العقول، والعقائد، والأموال، والثروات؛ لا مستقبل، ولا مكان لها في مجتمعنا الساعي للحرية، والتغيير، والانعتاق من أسر العبودية، والكهنوت، وأن الرئيس عبد ربه منصور هادي، أصبح اليوم يمتلك رصيداً جماهيرياً عظيماً، وتأييداً شعبياً وثورياً كاسحاً يكفيه ليقف بكل ثقة، وفي اللحظة المناسبة؛ ليقول لهؤلاء : كفى عبثاً بمستقبل البلد، ولا ينبغي بعد ذلك نسيان المؤسسة العسكرية والأمنية .. حماة الثورة والوطن، ثم التأييد الإقليمي، والدولي ممثلاً بقرارات مجلس الأمن الحازمة، والتي ما زالت حتى الآن رهن هذه الأناة، والحكمة التي لا نتمنى كذلك أن تطول كثيراً؛ وحتى لا يتحول الباطل إلى حق، ويتحول الحق إلى باطل بفعل المعاناة الاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية، والمعيشية؛ التي تحاول هذه القوى التركيز عليها، وإشعال النار من خلالها؛ لإيصال الوطن إلى شفير الهاوية، لا قدر الله ذلك . فليحذر اللاعبون بالنار، وليعلموا أن الوطن الذي تنسم عبير الحرية؛ لا يمكن أن يرضى بالعودة مرة أخرى إلى مدافن الموتى المنتنة .. هذه نصيحة خالصة لمن كان له عقل يفكر، وضمير يعاقب ويزجر، ما لم فسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون . [email protected]