ثمة معتقد راسخ لدى المواطنين الذين يعتاشون من قطاع الصنوبر في المتن الأعلى ومناطق جزين والشوف وعاليه، أن الصنوبر الأخضر يقوِّي ذاكرة الإنسان، مستندين إلى الموروث الشعبي وهو نتاج تراكم خبرات طويلة، لا سيما وأن الصنوبر يستخدم في مجال الاستطباب قديما، فأوراقه الإبرية على سبيل المثال كانت تحرق ويتنشق المريض دخانها للعلاج من السعال و«الشهقة»، فيما يستفاد من عسل الصنوبر لعلاج العديد من الأمراض، فضلا عن الاستطباب بجذوره وعصارته الصمغية في تركيب الأدوية الشعبية.إلا أن الصنوبر يبقى في عرف المتنيين مقوياً للذاكرة، وراح بعضهم إلى حد «التأكيد» أن الصنوبر الأخضر المعروف باسم «كرز الخيار» وهو الثمرة الأم التي تتجمع بداخلها حبوب الصنوبر قبل النضوج يقي من مرض «الزهايمر».ويبدو أن ما خبره الأجداد عبر تجاربهم مع شجرة الصنوبر جاء ليؤكده العلم والأبحاث المختبرية، فقد حصلت شركة أميركية مؤخراً على براءة اختراع لمركب مكون من ثمار الصنوبر الخضراء (أكواز الصنوبر)، من الممكن أن يبطئ نمو الزهايمر.وأفادت شركة الطب والعلوم الانسانية في نيويورك في مينيابوليس بأنها حصلت على براءة اختراع لمركب مكون من ثمار الصنوبر الخضراء من الممكن أن يبطئ نمو الزهايمر.وقال الرئيس والمدير التنفيذي لقسم العلوم الانسانية رونالد زينك إن قسم العلوم الانسانية في نيويورك حصل على براءة اختراع دعمت تعاوناً جرى بهدف إنجاز بحث طويل المدى استغرق سنوات عدة يرمي إلى تطوير مركب مستخلص من ثمار الصنوبر وبذور العنب يدعى «إن آي ٍسي 15-5».وأضاف زينك «أثبتت دراسات سريرية وتجربتها على الحيوانات فعالية المركب في الوقاية من تشكل صفائح أميلويد بيتا». ويعتقد الباحثون أن صفائح أميلويد سبب رئيس في مرض الزهايمر.وقال زينك «نحن مسرورون لأن مركب «إن آي ٍسي 5 - 15 قطع أشواطاً طويلة»، مضيفاً «لا بد من العثور على عوامل آمنة وفعالة تؤثر في المرض لتخفف من أعراض مرض الزهايمر، على أمل أن ينجح مركب «إن آي ٍسي 5- 15» في تلبية هذه الحاجة».وعادة ما يعمد المواطنون إلى قطف أكواز صنوبر خضراء في أواخر الصيف وبداية الخريف، وحبوبها البيضاء سلسة المذاق على حموضة مع رائحة عطرية صنوبرية، لكن الحصول عليها ليس بالأمر السهل، فالأمر يقتضي الصعود إلى أشجار الصنوبر الباسقة، إلا أن الأولاد غالباً ما يصوبون عليها بالحجارة أو ببندقية الصيد، فيما يبحث البــعض منهم عن الأشجار الصغيرة التي يمكن ارتقاؤها بسهولة.ولا يباع كرز الصنوبر الأخضر في محلات الخضار والفاكهة، لكن المواطنين يطلبون من التاجر بعضاً من الاكواز فيؤمنها لهم عبر مزارعي الصنوبر، «لا نعرض الاكواز الخضراء للبيع لأنها تتصلب بسرعة ولا تعود صالحة للاستهلاك» يقول سامي الاحمدية صاحب «بسطة خضار»، ويضيف: «(كوز الخيار) يؤكل بعد قطفه مباشرة فيكون أطيب مذاقاً وأسهل مضغاً تماما كما يتناول المرء اي نوع من الخضار أو الفاكهة».والغريب في الأمر أن سمة الصنوبر كمنشط للذاكرة من «المسلمات»، ولا يجادل بها، ويشير رئيس «نقابة وعمال مزارعي الصنوبر في لبنان» فخري المصري أن «هناك دراسات تؤكد أن الصنوبر (الحب الأبيض) يقوي الذاكرة»، لكنه استدرك أن «الدراسة الحديثة التي تقول بأهميته لجهة أنه يقي من (ألزهايمر) لم نطلع عليها، لكن لا نفاجأ طالما أن للصنوبر تأثيرا ايجابيا على ذاكرة الإنسان وهذا مثبت بتوارث التجارب من سنوات طويلة».كوز الصنوبر الأخضر يتطلب دراية في «تقشيره» لان قشرته الخارجية وان كانت خضراء إلا أنها صلبة بعض الشيء، لكن الأمر يستأهل هذا العناء إذا عرفنا فوائده الصحية، فإذا كان الأولاد يحبون مذاقه الطيب، فإن الكبار يرغبونه لما له من فوائد صحية ولا سيما في معالجة نزلات البرد وتقوية جهاز المناعة، فضلاً عن انه يستخدم كعلاج للاتهابات الرئوية.ويؤكد طارق أبو الحسن الخبير في التداوي بالأعشاب والطب المكمل أن «حبوب الصنوبر الخضراء مدرة للبول وتفتت الحصى وتعالج امراض الكلى والمثانة والامراض العصبية، والاهم انها تعالج امراض الغشاء المخاطي والصدر لذلك فهي بمثابة مقشع طارد للبلغم تستعمل ايضاً في حالات التهابات القصبات الهوائية».ويؤكد أن حب الصنوبر الأخضر يحوي أحماضا ذهنية غير مشبعة، يستعمل في تنشيط الدورة الدموية في الدماغ، ويعالج الفالج والنشاف في الدماغ، ومرض الرعاش الباركنسوني، وهو مفيد في معالجة أمراض الكبد والريقان، ينشط الكبد، فاتح للشهية يزيل الضعف والارتخاء مع العسل وخافض لمستوى السكر بالدم.ويبقى «كرز الخيار» محط اهتمام المواطنين، لمذاقه وكثرة فوائده.