في ملتقى الإبداع الشعري الأول
صنعاء/ بشير الحزمي :احتضنت العاصمة صنعاء وعلى مدى ستة أيام 50 شاعرا من مختلف محافظات الجمهورية شاركوا في فعاليات ملتقى الإبداع الشعري الأول الذي نظمته مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون بهدف تنمية المهارات الإبداعية وتحسينها ومحاولة لإنعاش التفاعل الشعري والمشهد الثقافي الذي يعاني من انتكاسة كبيرة جراء ما تشهده البلاد من أزمة .. صحيفة 14 أكتوبر التقت بالقائمين على تنظيم الملتقى وعدد من الشعراء المشاركين واستمعت الى آرائهم حول أهمية انعقاد هذا الملتقى....فإلى التفاصيل :-الدكتور عبدالولي الشميري رئيس مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون قال : أن المناخ المخيم على سماء اليمن مناخ مشحون بالسياسة والصراع السياسي في ظل الإعلام المسعور حول تأجيج القضايا وتكبير الصغائر فنحن أردنا أن نخترق هذه الأجواء بصوت الثقافة وبصوت الوعي وصوت الشعر وصوت الذوق ، فتجمع لنا خمسون من الشباب والشابات من معظم محافظات اليمن ومن سكان الأرياف والقرى النائية ، وكشفنا إبداعات رهيبة .. جديدة .. جميلة في كل فنون المعرفة من اجل ذلك عقد ملتقى الإبداع الشعري لمدة ستة أيام وتم فيه تدريس مواد يحتاجها المبدع والمبدعة من حيث اللغة ومن حيث علم العروض وعلم النقد وفن الشعر .وقد حاضر معنا في هذا الملتقى علماء إجلاء متخصصون من مدرسي جامعة صنعاء .وأضاف بالقول :دائما ما يكون اهتمام التاجر أن يعلم ابنه التجارة، والسياسي يعلم ابنه السياسة، والعسكري يعلم ابنه فنون الجيش والعسكرة والحرب. وبالتالي فإن الشاعر يعلم ابنه فنون الموهبة الإبداعية والشعر . وهؤلاء أبنائي وبناتي المشاركون أحببت أن أعلمهم مما أعلم ولذلك فإننا قد جعلنا في هذا اللقاء فهماً جديداً لعالم الإبداع وهو ألا يكون منحازا . فالمبدع هو سماء ويرى الناس كالأطفال يلعبون في مزابل السياسة و ينظر إليهم من علو لا يحمل حقداً على أحد، ولا يذم أحداً ، ولا يتعصب ضد أحد . وإنما يقدم الإبداع في شكله الرسمي المنطوق المسموع المغنى المكتوب وهكذا .وأوضح أن المؤسسة حرصت على تجنيب المشاركين الحديث عن السياسة لأنها تفرق ولا تجمع . فالشعر والأدب والفن تجمع ولاتفرق . الإبداع قاسم مشتركولفت إلى أن عملية الإبداع قاسم مشترك بين كل المشارب والمواهب ومن أجل هذا فان المشاركين والمتدربين لم يخوضوا أبدا إلا في قضية الإبداع والوجدان والحب للوطن والحب للأهل والحب للجمال وللطبيعة والمقدسات والإشادة بالقيم النبيلة ولم يتحدث أحد في السياسة ولا في مع أو ضد وكان الجو مفعما بالإخاء والمودة والاتحاد وبالتالي كان الملتقى ناجحا 100 % بل أكثر من المتوقع .وقال إن مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون فيها خلية وكوكبة من المثقفين والمبدعين والمبدعات يقيمون منتدى أسبوعياً ويحققو ن لمخطوطات ويصدرون دواوين شعرية ومؤلفات في التاريخ ، وقد انبثقت موسوعة الإعلام من مؤسسة الإبداع . ولدينا إدارة فاعلة وباحثون ومكتبة واسعة وهي تعتبر أكبر مؤسسة تضم أكبر مجموعة من الدوريات التي صدرت منذ 200 سنة في اسطنبول وفي زوربايا وفي ممباي وفي دمشق وبيروت وبغداد موجودة لدينا في هذه المؤسسة أكثر من 50 ألف مجلد . فهي مؤسسة رائدة وطبعا الأنشطة دائما حية سواء حضرت أو غبت فهناك من الشباب والشابات من يقوم بهذا العمل .عرس ثقافيمن جانبه قال الشاعر الحارث بن الفضل : هذا الملتقى هو عرس ثقافي ولما يمثله من نقطة فارقة في المشهد الشعري اليمني برمته، وعندما أقول هذا الكلام ليس على سبيل المزايدة لأنه سيأتي الشاهد . المشهد الثقافي اليمني اعتمد على شعراء ومثقفين يقعون في نطاق دائرة الضوء لكن عندما نخرج عن دائرة نطاق الضوء ونقصد بها أمانة العاصمة فقط لوجود الإمكانيات الإعلامية والإمكانيات الثقافية والإمكانيات الفنية وغيرها من الإمكانيات . فأمانة العاصمة كان يأتيها الشعراء من اغلب المحافظات الذين يتوافدون إليها ليقعوا في نطاق دائرة الضوء لكن هناك أماكن وهناك مساحات لم يكتمل لأصحابها الخروج إلى النور ولم يجدوا أي مساحة من الضوء لا إعلاميا عبر الصحافة ولا عبر الإذاعة ولا عبر التلفزيون ولهذا كانت فكرة الملتقى أن نأتي بشعراء من المناطق النائية والمناطق المحرومة والمناطق التي ليس فيها أي بصيص ضوء يمكن أن يسلط على الشاعر أو الشاعرة فيخرجهم إلى دائرة الضوء . عندما حاولنا أن نجمع هؤلاء بهدف تسليط الأضواء عليهم اكتشفنا أننا أمام قامات شعرية إبداعية مهولة أمام أسماء كان يجب أن يسلط عليها وهي من تستحق أن يسلط عليها الضوء أكثر من الأسماء المكرسة في الساحة وفي المشهد الشعري الثقافي اليمني وهي لا تستحق ولكن الله أكرمها أنها وقعت في نطاق الظهور وهي لا تستحق الظهور أحيانا.وأضاف بالقول : هذا الملتقى يحقق خدمة للشعراء من المناطق النائية أولا من خلال أن يقفوا على الأدبيات العلمية والمعرفية للبناء الشعري والنقدي واللغوي للنص الشعري وأن يقفوا ثانيا في إطار المواجهة الشعرية على المنصات الشعرية سواء فيستفيدوا من خلال تلاقح الأفكار لأنه لا يغذي الإبداع إلا الإبداع ويستفيدوا من مسألة الإلقاء . وقد تلقى المشاركون الكثير من المعارف .وأوضح أن كثيراً من وسائل الإعلام قد غطت الفعالية وهذه المساحة من الإعلام تدهش هذا القادم من الريف .. وقال نحن المتواجدون في المدينة أصبحت وسائل الإعلام لا تعنينا كثيرا لكن القادم من الريف تدهشه كثيرا أضف إلى ذلك أن يلتقي بقامات كبيرة مثل قامة الأب الروحي لليمن شعريا وثقافيا الدكتور عبد العزيز المقالح وأن يلتقوا بالشاعرة الكبيرة هدى ابلان نائب وزير الثقافة وأن يلتقوا بكوكبة من شعراء الإبداع الذين كرسهم ملتقى الإبداع الثقافي الذي كان يعقد كل يوم سبت من كل أسبوع على امتداد ما يقارب 13 عاماً من عام 2000 حتى عام 2013م .خطوة رائعةويقول الشاعر إسماعيل مخاوي من محافظة الحديدة : أنا مشارك في الملتقى كضيف شرف وكناقد لتقييم التجارب الشابة التي استمعنا إليها من بداية الأسبوع . وأنا سعيد جدا بأن هناك من يفكر بالمواهب القادمة ليرعاها ويثقفها ويقومها لكي تستقبل حياتها قادرة فعالة وهي خطوة رائعة تمنينا على كل المؤسسات والجهات الثقافية الرسمية أن تتبنى مثل هذه الملتقيات لكي يستفيد المبدعون المبتدئون حتى لا تتكرر المأساة التي عشناها نحن كجيل لم يجد من يمد له يد العون .وأضاف بالقول : الملتقى منذ البداية كان ناجحا جدا وقد التقينا بكثير من التجارب الرائعة التي سعدنا بها ونتمنى أن تستمر . وقد قدم الملتقى للمشاركين الكثير نقدا وتقويما واستماعا ورعاية والمطلوب من هؤلاء المشاركين الاهتمام بتثقيف أنفسهم بالقراءة ومواصلة الإبداع لان الإبداع هو مواهب ولكن المواهب تحتاج إلى صقل والى متابعة والى أدوات وهم أدركوا كثيرا من هذه الأشياء . وأنا كناقد تفاءلت خيرا لان الملتقى نجح واستطاع أن يقدم شيئاً للمبتدئين المبدعين ونتمنى أن يواصلوا سيرهم تجاه حرف أرقى وإبداع أنقى .وأوضح أن الوسط الثقافي يعيش حالة من الركود وهناك مؤسسات تتحرك نوعاً ما لكن ليس بالمطلوب وليس بالحجم المرغوب فيه والمتمنى .وقال إن الملتقى عبارة عن حجرة رمينا بها لنحرك المياه الراكدة وقد أدى ما عليه . وأتمنى أن يكون قادراً كفاية على تنبيه الجهات الرسمية حتى تستوعب أن عليها أن تتحرك .. فهذا تحرك خاص وهو يثير تساؤلنا أين وزارة الثقافة وأين اتحاد الأدباء وأين الجهات الأخرى ولكن يكفي أن يتحرك أحدهم لينتبه الآخرون . ويكفى أن يكون هناك نشاط ثقافي هنا وهناك حتى تتفاعل الحياة وتظهر المواهب ويجد الإنسان مسرحا ليقف عليه ومنصة ليلقي فيها في ظل هذا الخمود الثقافي.واكد وجود مواهب رائعة جدا و أصوات متألقة وشعراء يجب الإصغاء إليهم وهو ما يجعلنا لأجل ذلك نسعد كثيرا كتجارب سابقة حين نجد من يتبنى هؤلاء ويرعاهم وحين نجد فعالية ثقافية هنا وهناك تنعش الجو بعد ركود وتجدد حياة الإبداع والخطابة .مواهب مثيرةبدورها تقول الشاعرة أسماء المجيدي من محافظة إب : لقد استفدنا كثيرا من مشاركتنا في هذا الملتقى لأننا كنا مع نخبة من الشعراء تبادلنا ثقافات مختلفة بحكم أنها أتت من معظم المحافظات ومن داخل القرى تفاجأنا بمواهب مثيرة وتحتاج لمن يظهرها للنور وهذا ما قامت به مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون في عرض وتهيئة الشعراء بشكل جيد وأيضا تدريبهم وتأهيلهم على علوم الشعر من اللغة والعروض والبلاغة بشكل عام .وأضافت بالقول : في الملتقى استمعنا إلى أصوات الشعراء الشباب الذين كان توجههم جميعا للوطن وولاؤهم للوطن وهو ما وجدناه في طابع شعرهم كشباب وكشعراء ابهرونا بثقافة شعرهم، مؤكدة أن رسالة الشعر رسالة سامية ولابد للشعراء من أخذ الحيطة فيما يقولون من الشعر لأن الشعر رسالة تؤثر في نفوس الناس وتستنهض هممهم ومن الأفضل أن نوجه الشعر في جانب يستنهض همم الشباب لمصلحة الوطن وليس للإضرار به أو الإساءة إليه وهو ما وجدناه فعلا في الشعراء.وقال: إن إقامة مثل هذه الملتقيات مهمة جدا لبث ما في نفوس الشباب وفي نفس الوقت إخراج الكلمة لمعبرة عن حب الوطن وتجسيد قيم الحب والتسامح والإخاء والقيم النبيلة .تنمية الثقافةوختاما يقول الشاعر حمير محمد العزكي من محافظة المحويت : لقد أضفت مشاركتنا في الملتقى الكثير من الفوائد أبرزها التعرف على عدد من الشعراء الذين لم نكن نعرفهم بالإضافة إلى المادة العلمية التي تم إعطاؤها لنا في الملتقى ، وكذلك الاطلاع على تجارب الآخرين وهذا في نفسي يعد فائدة لا تقدر بثمن .وأضاف بالقول : في ظل ركود ثقافي وموت للحركة الثقافية في البلاد هذا الملتقى له دور يشكر عليه القائمون عليه ويدل على حس وطني وتوجه نحو تنمية الثقافة في البلاد .