آخر كـلام
توالى على كرسي محافظ محافظة عدن العديد من المحافظين الذين تربعوا على عرش ثغر اليمن منذ الاستقلال الوطني في الـ30من نوفمبر 1967م، ابتداءً من الأستاذ أبوبكر شفيق كأول محافظ لمحافظة عدن و انتهاءً بالمهندس وحيد علي رشيد، محافظ عدن الجديد و الذي يحمل الرقم (13) بين المحافظين الذين تعاقبوا على إدارة المدينة، والذي تمر علينا هذه الأيام الذكرى الثانية لتوليه منصب محافظ عدن.المحافظون الاثنا عشر الذين سبقوا المحافظ رشيد توزعوا بين (7) منهم قبل تحقيق الوحدة اليمنية، فيما تولى (5) منهم في عهد الجمهورية اليمنية، لكن الظروف التي ميزت التوقيت الذي جاء به المحافظ رشيد هو أنه جاء بعد تنصيب الرئيس عبدربه منصور هادي رئيساً للبلاد، إضافة إلى شغور منصب المحافظ لأكثر من عام، إثر الاحتجاجات الشعبية، ما و ضع «رشيد» أمام تحديات صعبة و آمال كبيرة تطلع لها الشارع العدني.استفاد المحافظ رشيد من عدة عوامل للنجاح ، منها الالتفاف الشعبي من مختلف الشرائح الاجتماعية و الشخصيات الاجتماعية و اتفاقها على ضرورة استتباب الامن وفرض النظام و إعادة تطبيع الحياة في المدينة، واستطاع المهندس (رشيد) تفعيل القيادة الجماعية للمحافظة من خلال تعميق الشراكة مع المجتمع و تحفيز الشخصيات و المنظمات والقوى السياسية والشبابية للقيام بدورهم، وإشراكهم في صنع القرار وكل ما يتصل بشئون المحافظة.بدا «رشيد» - نتيجة عمله السابق وكيلاً أول للمحافظة- على إطلاع تام بمشكلات المحافظة و أبرز ملفاتها المفتوحة وهذا ما سهل عمله لتمتعه بخبرة تزيد على (18) سنة، فتسلح بالعزيمة والإصرار، واتخذ من التفاؤل و الأمل شرعة ومنهاجاً، فلم يتسلل إليه اليأس و لم تضعفه الملمات، بل كان يخرج بعدها أكثر قوة وإيماناً، حمل مشروعاً نهضوياً متكاملاً وسار يرسم ملامحه، ويبشر به ليل نهار، و يرسي مداميكه بكل حرفة واقتدار، إنه مشروع (عدن المدينة) التي تستحق منا الكثير.أثار نشاط المهندس وحيد و تصدر تصريحاته و أعماله وسائل الإعلام، حفيظة جهات لم يرق لها التقدم لهذه المدينة الحالمة، وتعرض لحملة تحريض ظالمة لم تتوان في إلصاق أي إخفاقات وقعت في عهود سلفه، إضافة إلى افتعال الإضرابات و الاضطرابات الأمنية، و عدم الاعتراف بأي إنجازات تحققت على الأرض، ومحاولات إفشاله، و ذلك ليس انحيازاً لهموم الناس، إنما مناكفات سياسية وبحثاً عن مصالح الذاتية، فقالوا فيه مالم يقله مالك في الخمر، حتى وصل الأمر لمحاولة اغتيال جبانة ، كادت أن تخطف معها حلم الأجيال في إعادة الاعتبار لهذه المدينة وأبنائها. نجح رشيد -بشهادة الكثيرين - في تقديم نموذج للمسؤول الحكومي، والتغلب على كافة العراقيل والمعوقات، واستطاع أن يخلق من تلك التحديات فرصاً للنجاح، وحقق بمعية كل الشرفاء من أبناء المحافظة، و بعد فترة وجيزة تقدماً ملموساً في ملف الأمن والذي كان يتصدر سلم الأولويات للشارع العدني حيث لم تشهد محافظة عدن على مدى تاريخها المعاصر الانفلات الأمني المخيف و أعمال البلطجة و التقطع و السطو المسلح و انتشار العصابات في المدينة بشكل مخيف، وانتشار السلاح بيد الشباب والمراهقين، وهذا ما جعل من قضية إعادة الأمن و فرض النظام أولوية أمام السلطة المحلية الجديدة، ولعل تقدير الموقف بشكل دقيق من قبل المهندس رشيد مثل المفتاح الأول لحل هذه المشكلة.كما أحدثت حملة النظافة التي يذكرها أبناء عدن في بداية عهده ارتياحاً ملحوظاً بين الأوساط الشعبية، لأن الذاكرة العدنية مازالت مرتبطة بزعماء شعبيين مثل الرئيس الراحل «سالمين»، وغيره والتي كانت البساطة و البعد عن الرسميات هي ابرز سمات شخصيته، وعليه فإن مشاهدة مسؤول بدرجة محافظ وهو يحمل «المكنس» تعيد للأذهان مشاهد الزمن الجميل والتي لازالت محفورة في أذهانهم، واعتبرت تلك الخطوة بمثابة إعادة الثقة بين المسؤول و المواطن البسيط، وشعر الناس أنهم أمام رجل دولة من طراز جديد، وأصبح مكتبه مفتوحاً للجميع دون تمييز، باختصار لقد كانت الأولوية في ذهنية المحافظ هو المواطن الإنسان.وتجدر الإشارة إلى أن المحافظ رشيد جاء إلى محافظة عدن بمعية قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء الشهيد سالم قطن، و اللواء صادق حيد، فخطفت يد الإرهاب الأول، وأطاح الإهمال بالثاني، فيما بقي المهندس وحيد، وحيداً يقارع في وجه كل العراقيل والمعوقات، بصبر و رباطة جأش، أذهلت خصومه قبل مؤيديه.لقد مثل المهندس وحيد رشيد المسؤول القدوة، وجعل معيار النجاح لديه هو العمل و ليست المحسوبية، ويحق لكل أبناء هذه المدينة أن يفاخروا بانتمائه لها، وهو يحمل مشروعاً نهضوياً يحمل الخير لكل أبناء المدينة، بعيداً عن لغة المزايدات.. لكنها لغة الأرقام التي لا تكذب، إنهما عامان فقط بحسبة الزمان، لكنها عشرات الأعوام بحسبة الإنجازات والمواقف، وتبقى الطموحات دائماً أكبر من الامكانيات، ولا شك أن المراحل لاتزال طويلة، لكن القادم أفضل لعدن و أهلها بإذن الله.