«الحب في الأرض بعضٌ من تخيلنا.. لو لم نجده عليها.. لاخترعناه...!!»
كتبت/ دنيا هانيهو شاعر عاشق ومنصف للمرأة منحها سيلاً من الحب من خلال ثنائه عليها وتغزله بها.. وكم أثراها في كلماته وشعره بكل جوارحه وبكل ما تحمل الكلمة من وصف ومعنى.. يتميز بحبه وعشقه للشعر ويحمل بداخله قاموساً شعرياً رائعاً وله تعابير ومعان انفرد بها عن غيره من الشعراء. وبرغم تنوع الأسماء الشعرية يظل متربعاً على عرش الشعراء المتميزين ولهذا لقب بشاعر النساء والغزل والحب..امتازت طفولته بحب عجيب للاكتشاف وتفكيك الأشياء إلى أجزائها ومطاردة الأشكال النادرة وتحطيم الجميل من الألعاب بحثاً عن المجهول الأجمل. عني في بداية حياته بالرسم، فمن الخامسة إلى الثانية عشرة من عمره كان يعيش في بحر من الألوان، يرسم على الأرض وعلى الجدران ويلطخ كل ما تقع عليه يداه بحثاً عن أشكال جديدة. ثم انتقل بعدها إلى الموسيقى ولكن مشاكل الدراسة الثانوية أبعدته عن هذه الهواية، كان الرسم والموسيقى عاملين مهمين في تهيئته للمرحلة الثالثة وهي الشعر، ففي عام 1939م عندما كان في السادسة عشرة توضح مصيره كشاعر حين كان مبحراً إلى إيطاليا في رحلة مدرسية. كتب أول قصيدة في الحنين إلى بلاده وأذاعها من راديو روما. ثم عاد إلى استكمال دراسة الحقوق.وهو من قال:وعندما تريد أن ترانيوعندما تحتاج كالطفل إلى حنانيفعد إلى قلبي متى تشاءفأنت في حياتي الهواءوأنت عندي الأرض والسماءاشتهر شعره بتميز واضح وإبداع متأثراً بكل ما حوله فكتب عن المرأة الكثير، كان لانتحار أخته بسبب رفضها الزواج من رجل لا تحبه، أثر عميق في نفسه وشعره، فتناول قضية المرأة والعالم العربي في العديد من قصائده، رافضاً شوفينية الرجال. نقلت هزيمة 1967م شعر نزار قباني نقلة نوعية: من شعر الحب إلى شعر السياسة والرفض والمقاومة فكانت قصيدته: «هوامش على دفتر النكسة 1967م» التي كانت نقداً ذاتياً جارحاً للتقصير العربي، ما أثار عليه غضب اليمين واليسار معاً.جمع في شعره كلاً من البساطة والبلاغة اللتين تميزان الشعر الحديث، وأبدع في كتابة الشعر الوطني والغزلي. وغنى من أشعاره العديد من الفنانين، كان أبرزهم أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة وفيروز وماجدة الرومي وكاظم الساهر ومحمد عبد الوهاب، واكتسب شهرة ومحبة واسعة جداً بين المثقفين والقراء في العالم العربي. بالإضافة إلى أنه كان يتقن اللغة الإنجليزية، خاصة وأنه تعلم تلك اللغة على أصولها، عندما عمل سفيراً لسوريا في لندن بين عامي (1952 - 1955م).[c1]حياته الشخصية [/c]هو نزار توفيق قباني ولد في 21 مارس 1923م في حي مئذنة الشحم أحد أحياء دمشق القديمة. تحصل على البكالوريوس من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق، ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرج فيها عام 1945م وعمل فور تخرجه بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية السورية، وتنقل في سفاراتها بين مدن عديدة، خاصة القاهرة ولندن وبيروت ومدريد، وبعد إتمام الوحدة بين مصر وسوريا عام 1959م تم تعيينه سكرتيراً ثانياً للجمهورية المتحدة في سفارتها بالصين. وظل نزار متمسكاً بعمله الدبلوماسي حتى استقال منه عام 1966م.طالب رجال الدين في سوريا بطرده من الخارجية وفصله من العمل الدبلوماسي في منتصف الخمسينات، بعد نشره قصيدة شهيرة بعنوان (خبز وحشيش وقمر) أثارت ضده عاصفة شديدة وصلت إلى البرلمان.وعن دراسته يقول نزار في هذا المنحى: مدرستي الأولى هي الكلية العلمية الوطنية في دمشق دخلت إليها في السابعة من عمري وخرجت في الثامنة عشرة أحمل شهادة البكالوريا الأدبي (القسم الأدبي) ومنها انتقلت إلى مدرسة التجهيز حيث حصلت على شهادة البكالوريا الثانية (قسم الفلسفة) وحصلت عام 1945 من الجامعة السورية في دمشق على الليسانس في الحقوق لم أقبل على دراسة القانون مختاراً وإنما درسته لأنه مفتاح عملي إلى المستقبل وأتقن اللغة الفرنسية التي تعلمتها أثناء دراستي في الكلية العلمية الوطنية واللغة الإنكليزية أثناء عملي في السفارة السورية في لندن (1952-1955) واللغة الإسبانية أثناء عملي الدبلوماسي في مدريد (1966-1962) ولم أمارس المحاماة ولم أترافع في قضية قانونية واحدة، القضية الوحيدة التي ترافعت عنها ولاتزال هي قضية الجمال.. والبريء الوحيد الذي دافعت عنه هو الشعر..[c1]حالته الاجتماعية[/c]بالنسبة لحالته الاجتماعية فقد تزوج شاعرنا مرتين، الأولى كانت من سورية تدعى زهرة وأنجب منها هدباء وتوفيق وزهراء. وقد توفي توفيق بمرض القلب وعمره 17 سنة، وكان طالباً بكلية الطب جامعة القاهرة.. ورثاه نزار بقصيدة شهيرة عنوانها (الأمير الخرافي توفيق قباني) وأوصى نزار بأن يدفن بجواره بعد موته وأما ابنته هدباء فهي متزوجة من طبيب في أحد بلدان الخليج.والمرة الثانية التي تزوج فيها كانت من العراقية بلقيس الراوي.. التي قتلت حينذاك في انفجار السفارة العراقية ببيروت عام 1982م وترك رحيلها أثراً نفسياً سيئاً عند نزار ورثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها، حمل فيها الوطن العربي كله مسؤولية قتلها.. وله من بلقيس ولد اسمه عمر وبنت اسمها زينب. وبعد وفاة بلقيس رفض نزار أن يتزوج. وعاش سنوات حياته الأخيرة في شقة بالعاصمة الإنجليزية وحيداً.[c1]إنجازاته[/c]اصدر نحو 35 ديواناً كتبها على مدى نصف قرن أهمها: (طفولة نهد) و(الرسم بالكلمات) و(قصائد) و(سامبا) و(أنت لي) وله عدة كتب نثرية أهمها: (قصتي مع الشعر) و(ما هو الشعر) و(100 رسالة حب). أسس دار نشر لأعماله في بيروت تحمل اسم (منشورات نزار قباني).غنى بعض المطربين عدداً من قصائده، منهم: أم كلثوم ونجاة الصغيرة وعبدالحليم وفايزة أحمد وفيروز وكاظم الساهر وماجدة الرومي وأصالة وغيرهم. وقد أثار شعر نزار قباني الكثير من الآراء النقدية والإصلاحية حوله، لأنه كان يحمل كثيراً من الآراء التغريبية للمجتمع وبنية الثقافة، وألفت حوله العديد من الدراسات والبحوث الأكاديمية وكتبت عنه كثير من المقالات النقدية.وشكلت السنوات الأخيرة من حياته صخباً من المعارك والجدل والقصائد السياسية الساخنة وخصوصاً في عقد التسعينات من القرن العشرين. وقد قاوم مشروعات السلام والتطبيع مع إسرائيل وعبر عن ذلك في قصائده الشهيرة: المهرولون، والمتنبي، ومتى يعلنون وفاة العرب.. الخ. وتوفي في لندن يوم 30 /4/ 1998م ودفن في دمشق وترك أشعاره يرددها الناس حتى الآن.[c1]مقتطفات من روائع القباني:[/c]اقرأيني لتحسي دائماً بالكبرياءاقرأيني كلما فتشتِ في الصحراء عن قطرة ماءاقرأيني كلما سدّوا على العشاق أبواب الرجاءأنا لا أكتب حزن امرأةٍ واحدةٍإنني أكتب تاريخ النساء****إن كنت صديقي .. ساعدني كي أرحل عنكأو كنت حبيبي .. ساعدني كي أشفى منكلو أني أعرف أن الحب خطير جداً ما أحببتلو أني أعرف أن البحر عميق جداً ما أبحرتلو أني أعرف خاتمتي .. ما كنت بدأت**** [c1]«الولادة على سرير أخضر»[/c]يوم ولدت في 21 آذار (مارس) 1923م في بيت من بيوت دمشق القديمة، كانت الأرض هي الأخرى في حالة ولادة.. و كان الربيع يستعد لفتح حقائبه الخضراء. الأرض و أمي حملتنا في وقت واحد.. ووضعتنا في وقت واحد.هل كانت مصادفة يا ترى أن تكون ولادتي هي الفصل الذي تثور فيه الأرض على نفسها، و ترمي فيه الأشجار كل أثوابها القديمة؟ أم كان مكتوباً علي أن أكون كشهر آذار, شهر التغيير والتحولات؟كل الذي أعرفه أنني يوم ولدت كانت الطبيعة تنفذ انقلابها على الشتاء.. و تطلب من الحقول و الحشائش و الأزهار و العصافير أن تؤيدها في انقلابها.. على روتين الأرض.****[c1]«خبز وحشيش وقمر»[/c]ما الذي عند السماء؟ لكسالى ضعفاء يستحيلون إلى موتى إذا عاش القمرويهزون قبور الأولياء..****[c1]«كبري عقلكِ»[/c]كبري عقلكِ ياعمري إن ما تحكينه عن وجود امرأةٍ ثانية هو تأليف روائـي وشطحات خيال.. إنك الأولى وما يتبقى من نساء الأرض ذرات رمال.. كبري عقلكِ ياعمري.. لا لاتخافي لالا ما هناك امرأة بيضاء أو سمراء أو شقراء تستدعي اهتمامي.. أنـا لا أرقص في الحب على خمسين حبلاً.. لا ولا أشدو علــــى ألف مقام.. أننـي أؤمـن بالإخلاص في دنيا الهوى.. فضعي رجليك في الثلج ونامي.****[c1]«زيديني عشقاً»[/c]زيديني عشقاً.. زيدينييا أحلى نوبات جنونييا سفر الخنجر في أنسجتييا غلغلة السكين..زيديني غرقاً يا سيدتيإن البحر ينادينيزيديني موتاً..عل الموت إذا يقتلني يحييني..****[c1]«رسالة من امرأة»[/c]لا تدخلي ..لا.. و سددت في وجهي الطريق بمرفقيكوزعمت أن الرفاق أتوا إليك..أهم الرفاق أتوا إليك؟ أم أن سيدة لديكتحتل بعدي ساعديكوصرخت محتدماً “قفي”والريح تمضغ معطفيلا تعتذر أبداً ولا تتأسفأنا لست آسفة عليكلكن على قلبي الوفي..قلبي الذي لم تعرفهيا من على جسر الدموع تركتنيأنا لست أبكي منك.. بل أبك عليكماذا لو أنك يا رفيق العمر قد أخبرتنيأني انتهى أمري لديك.****[c1]«مع جريدة»[/c]- أخرج من معطفه الجريدة.. وعلبة الثقابودون أن يلاحظ اضطرابي.. ودونما اهتمام تناول السكر من أمامي..ذوب في الفنجانِ قطعتينذوبني.. ذوب قطعتينوبعد لحظتين ودون أن يرانيويعرف الشوق الذي اعتراني..تناول المعطف من أمامي وغاب في الزحاممخلفاً وراءه.. (الجريدة)وحيدة مثلي أنا.. وحيدة..****ونختم رحلتنا مع الشاعر المتفرد بكلماته بقوله:عندما قررتُ أن أقتل آخر الخلفاءوأعلن قيام دولةٍ للحب..تكونين أنتِ مليكتها..كنتُ أعرف..أن العصافير وحدها..ستعلنُ الثورةَ معي..وكانت آخر قصيدة كتبها نزار وأوصى بها أن تنشر بعد وفاته بعنوانرسالة من تحت الترابمن هــا هــنا..من عالمي الجميل..أريد أن أقول للعرب..الموت خلف بابكم ..الموت في أحضانكم..الموت يوغل في دمائكم..وأنتم تتفرجون..