حتى لا نظل نعيش على الأوهام، يجب تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية، ونذهب بإرادتنا إلى التساؤل، هل مجلس التعاون الخليجي، قابل لأن يتحول من التعاون إلى الاتحاد، وما هي الشروط ونوعية التمثيل، وكيف يتم ربط الأساسيات بالفرعيات بحيث يكون هناك اقتصاد واحد، وجيش ووسائل أمنية واحدة، وسياسة خارجية ترسم على المصلحة العامة وليس على مبدأ السيادة الذاتية؟!لسنا ضد أن يكون لكل دولة مجلس أمة، أو شورى، أو برلمان، لأن السياسات الداخلية هي حق سيادي خاص لكن بعد ثلاثين عاماً لم يحقق المجلس أكثر من حصول مواطن هذه الدول على الدخول والخروج بالبطاقة الخاصة، وما عداها ظل تحت التداول حتى إن مجرد انفتاح أمريكا على إيران شهدنا زيارات متبادلة، ودفء عواطف، وهذا أيضاً ممكن في حدود ٍيفترض أن يتم التنسيق عليها مقدماً لا أن تنفرد كل دولة بأخذ الاتجاه المضاد لما قد نسميه توحيد الاتجاهات قبل السياسات..القمة في الكويت لن تكون عادية، لأن عُمان صارحت هذه الدول بنوايا الانسحاب إذا لم تتطابق سياساتها مع الدول الأعضاء، وهناك خلافات مستترة بين بعض الدول، وهذا يعني تفجير المجلس من داخله، وهذا ليس تخرصاً وإنما هو من واقع الأحداث الجارية الآن، وعلى هذا الأساس فنحن أمام منعطف حرج، فإما أن تكون المكاشفة صريحة وبلا مراعاة خواطر باسم الأخوة والتقاليد والتراث إلى آخر المعزوفة، أو أن نكون إيجابيين بقبول بعضنا تحت مظلة ما تفرضه الأحداث، وإلا سيظل المجلس يدور في نفس الحلقات، استقبالات وتوديع وبيان ختامي ينتهي للحفظ تماماً كما عرفناه من خلال العقود الثلاثة الماضية..صحيح أن محفزات التكامل الجغرافي، وما يلحقها من إمكانات متعددة تفرض إيجاد كيان متجانس واحد، لكن هذا مجرد أماني وباعتراف القيادات أن إيجاد صيغة يُتفق عليها تزيد تعقيداتها كل عام، والأسباب ليست مجهولة للمواطن قبل غيره، لأن التأسيس حدث في ظرف تاريخي ربما من وجهة نظر بعض الدول أنه انتهى، وأن المجلس يجب أن يبقى شكلاً بلا مضمون، وهذا غير صحيح، فإما القبول بإعادة النظر بكل المسلّمات القديمة، أو جعل كل دولة تتصرف بما يتفق وأهدافها العليا والدنيا، ولذلك فقمة الكويت يجب أن تكون الحاسمة وبدون مواربة، لأن إطالة أزمنة عقود تقبل ثم تنتقض، واتفاقات تبرم ويأتي من يعارضها لا توفر الأجواء الصادقة لتتحول هذه الدول إلى عمل يتفق ومبدأ نشأة المجلس..هناك شكوك وريبة، وهناك عدم ثقة في أي مشروع مقدم للمجلس بل ما يجري في داخل اللجان والمجالس الوزارية والاجتماعات المتعددة من تنافر بالأفكار والطروحات أكثر من الاتفاقات، وربما أن عقد الأخوة الطاغي عليه المجاملات، هو الذي منع أن تسمى الأشياء بأسمائها الحقيقية، ووضع كل دولة في ميزانها الموضوعي، وهذا لا يُنقص من سيادة دولة أو أخرى، وإنما يحقق التوازن الجغرافي والسكاني والاقتصادي..دول التعاون تعيش حالة الهاجس الأمني، ولكنها تتعامل معه بالجزم المطلق بالحماية الدولية سواء أكان ذلك على شكل قواعد عسكرية، أم مظلة أمنية، وهذه تجربة نجحت في الماضي، ولكن التحولات التي نشهدها الآن قد تنهي هذا الشكل من التواجد العسكري، ومع ذلك فالحالة مقلقة وعملية التغيير في المفاهيم والواقع تحتاج إلى إرادة، وهذا ما نعتقد أنه غير متوفر..
هل تكون قمة نهاية المجاملات؟!
أخبار متعلقة