[c1]تطورات الأزمة السورية في الصحف البريطانية[/c]اهتمت عناوين الصحف البريطانية الصادرة امس بالشأن السوري، فتحدثت إحداها عن انشقاق قيادات في الثوار السوريين، وكتبت أخرى عن تحول التوازن في الصراع، وكتبت ثالثة عن تأثير الأوضاع الأمنية في تأجيل نقل الأسلحة الكيميائية خارج البلاد.فقد كتبت صحيفة ديلي تلغراف أن بريطانيا وحلفاءها شهدوا نكسة جديدة في محاولاتهم لتشكيل تحالف عسكري موال للغرب لمحاربة الرئيس بشار الأسد وتنظيم القاعدة بانشقاق ثلاث قيادات في صفوف الثوار. اثنان منهم، هما أحمد عيسى الشيخ وزهران علوش، قائدان جديدان لما يعرف بالجبهة الإسلامية الجديدة، وهي مجموعة تمثل الفصائل الإسلامية من غير تنظيم القاعدة.أما الثالث فهو صدام الجمال قائد المنطقة الشمالية الشرقية للائتلاف الوطني.وذكرت الصحيفة أن القادة الثلاثة نشروا وثيقة جاء فيها أنهم لم يعودوا جزءا من المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر، المنضوي تحت الائتلاف الوطني السوري.وأشارت الصحيفة إلى أن الجبهة الإسلامية الجديدة يمكن أن تكون قوة معتبرة ضد القاعدة، خاصة إذا تحالفت في النهاية مع بقايا الجيش السوري الحر واستمرت في تلقي التمويل والذخيرة من السعودية والدول الخليجية الأخرى الداعمة.وفي سياق متصل كتبت صحيفة إندبندنت في افتتاحيتها أن سوريا صارت الآن أزمة إقليمية وأن اللاعبين الخارجيين -إيران وتركيا والسعودية وروسيا والولايات المتحدة- ليس لديهم فقط أجندات متضاربة إلى حد كبير، بل إن ميزان القوى بدأ يتحول أيضا.وقالت الصحيفة إن المكاسب على الأرض ستعزز فقط عدم رغبة الأسد في الاستسلام، بينما تُستنزف المعارضة المعتدلة على الجانب الآخر من الطاولة في جنيف باضطرارها لخوض حرب على جبهتين، ضد النظام وضد المتطرفين بتنظيم القاعدة المتمركزين الآن في مساحات شاسعة من الشمال والشرق.وقالت الصحيفة إنه في بداية الحرب السورية كان يُنظر إلى مزاعم الرئيس الأسد، بأنه لم يكن يقاتل شعبه بل يقاتل إرهابيين أجانب، كذريعة طاغية لتفادي تنازلات لأعدائه، واليوم بعد نحو ثلاث سنوات أصبحت تلك المزاعم حقيقة بشكل مأساوي.وأضافت أنه مع القوة المتنامية لتنظيم القاعدة في البلاد، من ناحية الاستقرار الإقليمي، أصبح الأسد أهون الشرين تقريبا.وترى الصحيفة أن أشد الأمور شؤما، سواء بقي الأسد أم ذهب، هو أنه في حال نجاح مؤتمر جنيف فإنه قد يمثل فقط نهاية حرب لتبدأ أخرى، حيث يتحد النظام مع المعارضة المعتدلة ضد القاعدة. ومن ثم فإن «نهاية المعاناة تظل أملا بعيد المنال لبلد منقسم وشعب مدمر».وفي سياق متصل أيضا بالأزمة السورية نقلت صحيفة إندبندنت عن رئيسة مهمة تدمير الأسلحة الكيميائية قولها إن الاستعدادات تسير في مجراها لنقل معظم الغازات السامة من المواقع الموجودة فيها داخل سوريا إلى ميناء اللاذقية لكن هناك قضايا أمنية خطيرة على الطرق الرئيسية.ومن هذه القضايا الحالة الأمنية السيئة على الطرق السريعة التي تربط دمشق بمدينة حمص الشمالية، التي تعتبر شرياناً رئيسياً في الطريق إلى اللاذقية.يذكر أن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) كشفت الخميس الماضي عن تجربة ستجريها هذا الشهر لمعدات قد يمكن استخدامها في تدمير أشد الأسلحة الكيميائية السورية سمية في البحر، ولكن لم يتضح بعد حتى الآن أين ستنقل الكيميائيات للسفينة الأميركية كيب راي، ولا أين سيجرى التدمير بالبحر؟وتعمل الوزارة حاليا على تركيب وحدتين كبيرتين لمعادلة التأثير الكيميائي تحت سطح السفينة الأميركية كيب راي، للقيام بما يسمى التحلل المائي، لجعل المواد الكيميائية السامة آمنة بدرجة تكفي للتخلص منها في مواقع تجارية.[c1]مانديلا ترك بصمته في العالم[/c]حظيت وفاة زعيم جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا باهتمام افتتاحيات ومقالات الصحف البريطانية، وأدلت كل واحدة بدلوها في استعراض جانب من حياة مانديلا الذي ترك بصمته في العالم أجمع وباتت معلومة للقاصي والداني.فقد كتب القس الأميركي جيسي جاكسون في تعليقه بصحيفة غارديان أن الرئيس مانديلا كان بحق قوة تحويلية غيرت مجرى التاريخ في جنوب أفريقيا والعالم.وقال جاكسون إن هذا الرئيس، الذي وصم بأنه إرهابي، أصبح أكثر من شخصية تاريخية. فعلى الرغم من سجنه في جزيرة روبين طوال 27 عاما لم يفقد مانديلا إيمانه أبدا في الانتصار لحرية شعبه.وأشار الكاتب إلى أن مانديلا كان يمتلك من الشجاعة والذكاء والحجة الأخلاقية ما جعله يختار المصالحة على الثأر، وبهذا غيّر مجرى التاريخ، والآن يتعين على جنوب أفريقيا والولايات المتحدة إتمام هذه المهمة.كذلك علقت غارديان في افتتاحيتها بأن مانديلا كان زعيما فوق كل الآخرين، وأن شخصيته وحياته التي أبقته خلف الكواليس أنتجت مزيجا يكاد يكون فريدا من الحكمة والبراءة، الحكمة في قدرته على توجيه تاريخ بلاده نحو التحرر، والبراءة كانت نتيجة سنواته التي قضاها في السجن حيث عاد إلى الحياة السياسية بفهم للحياة متأصل بأيديولوجية كانت قد تغيرت وأصبحت غير واضحة بينما كان بعيدا.وترى الصحيفة أن مانديلا لم يكن وحده بين قادة التحرر بالقرن العشرين ليحقق مكانة رفيعة بالسجن. فالسجن يمكن، كما لاحظ جواهر لال نهرو أحد زعماء حركة الاستقلال في الهند، أن يكون نوعا من التحضير للدراسات العليا في عالم السياسة.ومن جانبها، كتبت صحيفة ديلي تلغراف في تعليقها أن مانديلا حارب آخر حملة عظيمة في تاريخ حياته التي انتهت بسقوط نظام الفصل العنصري، وكانت بدايتها إلغاء الرق والكفاح من أجل حق الانتخاب للجميع ودحر الفاشية وإنهاء العزلة وسقوط الشيوعية. وقالت إنه سيكون هناك من الآن فصاعدا فجوة وفراغ يمكن لرجل واحد فقط، بكفاحه، أن يملأه.أما افتتاحية صحيفة إندبندنت، فقد اعتبرت مانديلا الزعيم العالمي الذي يتطلع إليه كل الآخرين.واعتبرت الصحيفة أنه بإنهاء التمييز العنصري بجنوب أفريقيا لم يفكك مانديلا نظاما فقط كان قد وصفه بأنه إبادة جماعية أخلاقية، بل إنه وضع أسس دولة جديدة وتحولت العملية برمتها إلى انتصار للتسامح والمصالحة السلمية الذي قد يكون غير مسبوق في تاريخ البشرية الحديث.وبقيامه بهذا الدور، أثبت أنه الزعيم العالمي الذي يتطلع إليه كل الآخرين كمضرب للمثل في الأخلاق والإنسانية والحنكة والرؤية والتوقير الذي نما مع تقدمه في السن.وقالت الصحيفة إن مانديلا منذ بداية حياته كان قائدا بالفطرة حيث كان يتمتع بالانضباط الذاتي واستشعار القدر الذي مكنه من مقاومة السجن لعقود، وظل ثوريا حتى آخر أيامه.وفي سياق متصل، كتبت الصحيفة نفسها أن مانديلا كان يؤمن بأنه من خلال القيادة الفردية النموذجية يستطيع وضع معيار ذهبي لقيادة أفريقيا. وبالنسبة له كانت النزاهة الأخلاقية للقائد ركيزة أساسية، ولهذا السبب كان موقرا حتى بين معارضيه. وترى الصحيفة أن واقع جنوب أفريقيا الحالي مغاير لما كافح مانديلا من أجله.ومن زاوية أخرى، علقت الصحيفة نفسها بأن خروج مانديلا من السجن جسد كيف أن الخير يمكن أن ينتصر على الشر في النهاية. وأشارت إلى أنه لم ينحن ولو مرة واحدة لإرادة خطافيه خلال السنوات الطويلة التي قضاها في سجنه بجزيرة روبن.
عالم الصحافة
أخبار متعلقة