في ورقة عمل حول المياه والتنميـــة السياحيـــة
عرض / بشير الحزميأكدت ورقة العمل التي قدمها مدير عام الإدارة العامة للسياحة البيئية بوزارة السياحة حسين السكاب في الندوة التي نظمتها وزارة السياحة مطلع هذا الاسبوع بالعاصمة صنعاء بمناسبة اليوم العالمي للسياحة الذي احتفلت به بلادنا مع سائر بلدان العالم تحت شعار ( السياحة والمياه : نحو حماية مستقبلنا المشترك ) أهمية الدور الذي يلعبه الماء في المواقع السياحية والبيئية المتنوعة واعتبرته عامل جذب كبير في تنشيط الحركة السياحية المتنوعة باعتبار الماء أساس الحياة وشريانها وهو الثروة الواجب الحفاظ عليها.وذكرت الورقة الأهمية الكبيرة والدور الذي يلعبه الماء في تنشيط السياحة في الشواطئ والبحيرات والجزر والعيون والحمامات العلاجية التي يرتادها الناس لغرض الاستشفاء من العديد من الامراض بالإضافة الى السياحة الجبلية والسياحة الخضراء، ولغرض تطوير السياحة والارتقاء بالأداء الجيد للمنشآت السياحية يتطلب الاهتمام والبحث وتوفير برامج مختصة بترشيد واستهلاك المياه في المنشآت السياحية بطريقة علمية ومدروسة بدلا عن الاستهلاك المفرط والمدمر لثروتنا المائية . وأشار الباحث في ورقته إلى أن عملية الإسراف وهدر المياه وزيادة استخدام المواد الكيميائية الملوثة للتربة والمياه أصبحت تشكل خطرا على جميع سكان العالم الأمر الذي فرض الاهتمام بمواجهته .[c1]المياه في المنطقة العربية[/c]وعن وضع المياه في منطقتنا العربية قال الباحث أن قضية المياه العربية تعد من أهم القضايا وأكثرها خطورة لأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة الإنسان ووجوده من ناحية وتؤثر تأثيراً مباشرا على مستقبله الحضاري من ناحية أخرى. وقد كشف الدكتور عبد المالك التميمي إن المفارقة في قضية المياه تكمن في أن دولا تستهلك المياه ودولا تمتلك منابع هذه المياه وقد عجزت جميعها عن الاتفاق فيما بينها حول هذه القضية ويرى أن أزمة المياه في قرننا الحالي ستزداد خطورة في ظل النمو السكاني القائم والسعي الحثيث لرفع مستوى المعيشة والندرة النسبية في المياه في المنطقة العربية ولاسيما أن موارد المياه الطبيعية السطحية والجوفية لا تتطابق مع الحدود السياسية لدول هذه المنطقة وهذا ما يؤكد على أن المنطقة ستشهد صراعاً حاداً على المياه في المشرق العربي.[c1]الوضع في اليمن[/c]وعن وضع المياه في اليمن ذكر الباحث أن بلادنا التي تعتمد على مصادر الأمطار الصيفية وسيولها الجارفة تعد من أفقر البلدان بالمياه، بل إن الدولة عجزت عن حل أزمة المياه في المدن ووقعت مواجهات وصدامات بين أجزاء من المحافظات خشية من سحب المياه منها ، حيمة تعز التي كانت تشكل المخزون الرئيسي وغيرها من المناطق التي كانت ممتلئة بالأشجار والنباتات أصبحت جرداء .وقال إن التقدم التكنولوجي يؤدي إلى زيادة استهلاك المجتمعات للمياه ليس فقط للاستهلاك المنزلي بل ايضاً في الزراعة والصناعة وبالمثل فإن زيادة عدد السكان تعني زيادة كمية المياه المستهلكة ومن ثم الحاجة إلى المزيد من الماء العذب.ومن الجدير بالذكر التنويه إلى أن استخدام المياه في أي من القطاعات الثلاثة السابق ذكرها لا يعني بالضرورة استهلاكها نهائياً إذ أن جزءا كبيرا من ماء الري يمكن تجميعه في المصارف وإعادة الاستفادة منه ، كذلك المياه المستخدمة في الاستهلاك المنزلي يمكن تنقيتها وإعادة استعمالها مرات عديدة . وفي الدول الصناعية أو معظمها يمكن إعادة استخدام المياه المستعملة في الصناعة ما يزيد على خمسين مرة على أنه في جميع الحالات توجد نسبة من الماء تفقد بصورة نهائية من الوجهة العملية نتيجة للتبخر وفتح الحنفيات أو التسرب في باطن الأرض أو التلوث بدرجة تحول دون التنقية بتكاليف معقولة .[c1]ناقوس خطر[/c]ولفت السكاب في ورقته الى أن أزمة المياه التي تعاني منها عدد من المدن اليمنية لهو ناقوس الخطر الذي يدق للاهتمام بأهم مورد في حياتنا وهو الماء.إن تقدم الأرض في سنن هذا الكون لا يمكن أن يتواصل إلا بوجود مياه نقية عذبة وهذا ما تؤكده الحياة البشرية وما يرسخ في عقيدتنا. وقال إن الماء نعمة من نعم الله يجب علينا جميعاً الحفاظ عليها وحمايتها. فلا زراعة ولا صناعة بدون المياه ولا نشاط أو حركة إلا مع المياه وهذا أيضاً يسري على جميع الصناعات ومنها صناعة السياحة التي يرتبط وجودها ونشاطها بالمياه النظيفة والعذبة وبالمسطحات المائية المختلفة فالمياه والطاقة عاملان متلازمان لإحياء وإنعاش صناعة السياحة فبوجود الماء تنمو الزراعة وتعدد المنتجات وحيث يوجد الماء تظهر البحيرات والينابيع والعيون وتزداد المساحات الخضراء وترق القلوب ، وحيث تقل المياه وتندر تكون القلوب أشد قسوة من الحجارة فالماء رحمة من رحمات الله الواسعة بالإنسان وما يجري في عالمنا اليوم من نزاع على السيطرة على موارد الأمم ومنها الماء لدليل قطعي على ما تعانيه شعوب الشرق الاوسط خاصة من أزمة المياه وتلوثها والحروب تأكل الأخضر واليابس ولا يزال الناس يعيشون في غيهم وغفلتهم.[c1]عصب الحياة التنموية[/c]وأضاف السكاب بقوله : اننا عندما ندعو إلى ترشيد الماء نعني بذلك الاستخدام الامثل له بحيث يؤدي الى الاستفادة منه وباقل كمية وبأرخص الاسعار وعندما نتحدث عن ترشيد الماء نهدف الى توعية المستهلك بأهمية الماء كنعمة عظيمة وجوهرة ثمينة لغرض الحفاظ عليها لان الحفاظ عليها هو الحفاظ على حياة كل الكائنات الحية الموجودة في كوكب الأرض.وأوضح أن المياه هي عصب الحياة التنموية وخاصة التنمية السياحية وتجعل المناطق الجبلية الغربية والوسطى وعدداً من المناطق التي تحظى بالسيول مكسوة بالخضرة الزراعية والمساحات الخضراء حتى قمم الجبال وهذا المنظر الرائع والخلاب هو عامل الجذب الرئيسي الذي يعتمد على المياه فهل ندرك أهمية الماء ونعمة الله ورحمته لنشكر ونعمر ونقيم الخدمات اللائقة ذات الجودة العالية لزوارنا لنفتح أبواباً جديدة من أبواب الرزق الشريف الذي يخدم الأسرة والمجتمع.[c1]جهود وزارية[/c]وأكد السكاب سعي وزارة السياحة بجهود وزارية لخدمة مواقع المياه الحارة في حضرموت والحديدة وإب وغيرها من المناطق . وقال أن التنمية السياحية تشكل المياه فيها عنصر الجذب وعنصر صناعة الخدمات السياحية وعنصر الإعمار. كونه لا سياحة بدون ماء ولا حياة بدون ماء.واوضح أن التركيز على فحص الموارد والإمكانيات الرئيسية وإبراز العوامل المؤهلة لدفع عجلة التنمية وبلوغ غايتها تدور حول ثلاثة محاور رئيسية هي :البحث في مواقع الموارد الطبيعية المادية وتقويم الإمكانيات التي تنتجها موارد الطاقة والمياه بصورة رئيسية.معالجة الوضع الثقافي وما يتصل به من انساق سلوك وقيمة ثقافية ومدى تأثيرها سلباً وإيجابياً على التنمية المستدامة.تناول الجانب المؤسسي أي إدارة الحكمة وآلياته وأهميته بالنسبة للتنمية المستدامة وهي لا تستقيم وتزدهر لتوفير موارد طبيعية ونسق قيمي - ثقافي فقط ، بل لا بد من بناء وترسيخ إطار مؤسس يساعد على تحديد شكل استخدام الموارد المتاحة.[c1]أنماط سلوك معيقة[/c]ولفت إلى أن عدداً من أنماط السلوك التي تجاوزت القيم والأعراف قد أعاقت النمو السياحي كما تسبب الكثير في إهدار المياه الجوفية وإصابتها بضرر التلوث جراء السموم والأسمدة المستخدمة وأن معالجة هذا السلوك تتطلب جهداً إعلامياً وتربوياً وتعليمياً بمعنى أنه يرتبط بعدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية وكذلك الأسرة والمجتمع.وقال إن ترسيخ إطار مؤسس يساعد على تحديد شكل استخدام الموارد المتاحة ومنها المياه في صناعة السياحة ، والعمل على تقنين وترشيد استهلاكها في هذا القطاع يتطلب رؤية حكومية واضحة من قبل الدولة والحكومة تمكن وزارة السياحة من القيام بدورها بشكل إيجابي يخدم المستثمر والمجتمع والسائح المحلي والوافد.واكد أن إحياء المواقع السياحية والكشف عنها سيساعد على وجود عدد من البدائل والمقاصد السياحية أمام السائح ومنها مواقع الشلالات وعيون المياه الحارة وينابيع المياه الصافية والمساحات الخضراء الدائمة كما يساعد على توفير مصادر للمياه العذبة للتنمية السياحية فيها.واعتبر أن بلادنا لا زالت تتعرض لهدر المياه بصورة الإسراف والعبث والحفر العشوائي للآبار وهذا ما يزيد من تدمير المناطق الخضراء ويساعد على امتداد الصحراء ويزيد من أزمة المياه.وأشار السكاب الى أن الواقع فيه عناصر في خدمة التنمية السياحية من الموارد الطبيعية لكن تكافؤ الجهود الحكومية والشعبية وتحقيق الشراكة وإيصال منافع السياحة للمجتمعات المحلية حتى الآن لم يتحقق بغياب القناعة لدى الشركاء بأهمية السياحة.[c1]أبعاد التنمية السياحية[/c]وتطرق مدير عام السياحة البيئية بوزارة السياحة في ورقته الى أبعاد التنمية السياحية وهي:البعد الاقتصادي : زيادة الإيرادات السياحية من النقد الأجنبي ورفع نسبة إسهام السياحة في الناتج الوطني.البعد التنموي: توليد فرص عمل جديدة في مختلف أنحاء الوطن وتنمية مناطق الجذب السياحي.البعد الثقافي : الحفاظ على التراث التاريخي والإرث الوطني الإنساني المتميز والعمل على اغنائه بما يكفل إحياءه في ذاكرة المواطن والسائح.البعد الإعلامي : إبراز الصور الحضارية لليمن ونقلها إلى وسائل الإعلام في الخارج.البعد السياسي : التغلب على التأثيرات الدولية والإقليمية والمحلية التي تعيق حركة السياحة على اليمن وتحسين الصورة الإيجابية وإبراز المقومات السياحية والأبعاد الاقتصادية.ولفت إلى وجود العديد من الفرص الاستثمارية المعتمدة على المياه في بلادنا والتي اذا ما تم استغلالها ستحقق التنمية السياحية المطلوبة.