سان بطرسبورغ / سبأ: انطلقت في مدينة سانت بطرسبورغ الروسية أمس قمة قادة دول مجموعة العشرين التي تستمر يومين.ويتضمن جدول أعمال الاجتماعات استعراض مستجدات الاقتصاد العالمي، وإطار النمو القوي والمتوازن والمستدام، وتعزيز البنية المالية الدولية، والنظام المالي العالمي، وتعزيز الحوكمة المالية العالمية ، وتقوية المصادر المالية العالمية.كما يتضمن مناقشة موضوعات تتعلق بالبيئة والأمن الغذائي العالمي، ودور التجارة بوصفها مصدراً لإيجاد الوظائف، وتجنب سياسات الحمائية .إلا أن كل الشواهد تشير إلى أن ملف القضية السورية سيكون محل نقاش حاد في اللقاءات الثنائية والقاعات المغلقة.. في ظل حضور جميع الأطراف، بمن فيها صقور الولايات المتحدة وأوروبا، بالإضافة إلى حلفاء واشنطن الإقليميين، وكذلك دعاة الحل السياسي واحترام القانون الدولي.واقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء افتتاح القمة مناقشة الملف السوري خلال مأدبة العشاء.وقال بوتين في كلمته الافتتاحية: إن «بعض المشاركين (في القمة) طلبوا مناقشة مسائل السياسة الدولية التي ليست مدرجة في جدول أعمالنا، بما في ذلك الوضع في سورية».وأضاف: «أقترح القيام بذلك أثناء مأدبة العشاء.. والآن سنناقش القضايا التي اجتمعنا من أجل بحثها أصلا، والتي تعتبر رئيسية بالنسبة إلى دول مجموعة العشرين».وكان بوتين قد حذر قبيل بدء محادثات القمة بأن اتخاذ أي عمل عسكري دون موافقة الأمم المتحدة سيكون «عدوانا».لكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قال إن مصداقية المجتمع الدولي على المحك.ومن بين زعماء الدول الذين وصلوا للمشاركة القمة، الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الصيني شى جين بينغ.ويعد تهديد الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية ضد سوريا يزيد من خطر عرقلة القمة لمجموعة العشرين، التي ينبغى أن تركز على الاقتصاد العالمي، وإخراجها عن مسارها.فمن الواضح أن القمة قد جعلت من تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل هدفين رئيسيين لها، ولكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يعتزم اغتنام هذه الفرصة ليطرح القضية السورية خلال القمة ويسعى لحشد الدعم لخطط واشنطن العسكرية ضد سوريا.ويحاول أوباما إقناع تحالفه الذي سئم الحرب بدعم قراره..وقد بين انه يواجه مهمة صعبة.فقد قرر البرلمان البريطاني عدم الانضمام إلى الولايات المتحدة في تحركاتها العسكرية ضد سوريا، ما شكل صفعة كبيرة لأوباما.وعدل الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، الذي أعرب عن دعمه للعملية العسكرية، عدل عن رأيه وقال إنه ينبغى التشاور مع المشرعين الفرنسيين قبل شن أي هجوم.أما بالنسبة لألمانيا، فمازال قادتها يلتزمون الحذر قبل الانتخابات العامة المرتقبة المقرر إجراؤها يوم 22 سبتمبر الجاري.وتعامل أوباما بجفاء مع بوتين عندما رفض عقد اجتماع ثنائي معه على هامش القمة عقب قرار بوتين منح لجوء مؤقت لإدوارد سنودن محلل المعلومات السابق لدى هيئة الأمن القومي الأمريكية .وعند أخذ سياسة بوتين الواضحة حول سوريا ومعارضته الشديدة لعمل عسكري بقيادة الولايات المتحدة في الاعتبار، يتبين أن أوباما سيقف أمام مهمة صعبة لتوضيح السبب وراء عزم واشنطن القيام بهذا العمل والمخاطرة بسيطرة الجهاديين على سوريا.وقد قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الثلاثاء الماضي «دعونا نأمل في حدوث بعض التغيير في النفوس خلال القمة»، وهو ما يعنى خفوت حدة النبرة تجاه روسيا.ويلزم أوباما التحدث مع زعماء آخرين من المجتمع الدولي خلال القمة لان تنفيذ عملية عسكرية أحادية الجانب بقيادة الولايات المتحدة يمكن أن يبعث بإشارة خطيرة للعالم، إذ إنها ستعمل على تهمش دور مجلس الأمن الدولي.فقد أوضح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي -مون أن أي عمل عسكري ضد سوريا لا بد أن يحصل على تفويض من قبل مجلس الأمن الدولي، معلنا أن الأمر سيستغرق من محققي الأمم المتحدة عدة أسابيع لتحديد مرتكبي الهجوم بأسلحة كيميائية في دمشق.وقطعا، تعد قمة مجموعة العشرين منتدى حيويا للقادة للمضي قدما نحو إتخاذ المزيد من الإجراءات لدفع الاقتصاد العالمي في وقت يفتقر فيه نمو الاقتصاد العالمي لقوة دفع ولا يخمد فيه التأثير عميق الجذور للأزمة المالية العالمية.لذلك، سيكون من المؤسف حقا إذا ما حاولت الولايات المتحدة إخراج القمة عن مسارها بما يتفق مع مصالحها في وقت يتطلع فيه المجتمع الدولي لاستجابة اقتصادية ناجحة وفعالة من الاقتصادات الكبرى.وكانت لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي قد وافقت عشية اجتماع القمة على استخدام القوة العسكرية في سوريا، ردا على هجوم كيماوي قيل إنه وقع في سوريا.وتواجه الحكومة السورية تهمة استخدام أسلحة كيماوية عدة مرات خلال الصراع المستمر لـ30 شهرا، وكان آخر تلك المرات هجوم على نطاق واسع قيل إنه وقع في 21 أغسطس المنصرم في ضواحي العاصمة السورية.وقد نفت حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ضلوعها في هذا، وحملت مسلحي المعارضة مسؤوليته.وقدرت الولايات المتحدة عدد القتلى في الهجوم بـ1429 شخصا، غير أن دولا أخرى تحدثت عن أرقام أقل، وقالت الولايات المتحدة إن ما لديها من أدلة يشير إلى ضلوع القوات السورية.وقال الرئيس الروسي إنه «غير معقول» أن يستخدم الرئيس السوري بشار الأسد، حليف روسيا - أسلحة كيماوية، في وقت يحرز فيه تقدما على مسلحي المعارضة على الأرض.