إن كنت تعيش على هامش الحدث ، تشكو ظلام الدار وظلمة المسار ، تعاني سوء الحال وقلة الحيلة ، وتشعر بالخذلان لربيع طالما راهنت عليه ، فأزهر أشواكاً في حدائق آمالك القافرة ، وأحلامك الحائرة ، ترى الغروب في الضحى كما في غسق الدجى، وتبحث من حولك عن ذاتك ، فلا تجد لها وطناً إلا على خارطة مُلقاة على القارعة ، إن كنت كذلك ، فلك أن تضحك بملء فيك ، وتقهقه عالياً فتلك شر البلية ، والضحك عليها آية الحكمة . إن كنت كذلك - وهذا حالنا جميعاً - فدع عنك وقارك المتكلف عبثاً ، وحذرك الأجوف خوفاً ، ورصانتك المتجهمة بؤساً، وانضم إلينا في حزبنا القديم الجديد ، فعضويته لا تتطلب منك سوى أن تضحك ، وأن تبتسم ساخراً من الجور والجوار والحوار ، هازئاً بالسياسة والكياسة، ومحاذير الاجتماع والبلاغة ، فالعيش في ثلاجة الموتى، لا يخضع للقواعد وآداب الموائد ، ولا يعبأ بالضرورات وحجم الفوائد. إن كنت كذلك - وهو حالنا جميعاً - فاطرق وحيداً باب الله المفتوح ، بلا مذهبية عمياء ولا عصبية خرقاء واجتهادات جوفاء ، واشك له وحده - وعلى طريقتك - غائر الجروح ، وقل له بصوتك المبحوح: يا رب الأرباب ، ومالك المفاتيح والأبواب ، المطلع على الذهاب والإياب ، من لا تحده المسببات والأسباب ، الحاضر أبداً عند الغياب ، الموجود حقاً بلا ارتياب ، إن كان هذا حكمك فلك القضاء ، وإن كان ذنبي فمنك العفو ومني الرجاء ، فجاهل قومي سيدي ، والأبله إمامي وحاكمي ، واللئيم ولي أمري وجاري ، والنعل جُل مالي ، والهوان وردائي. إن لم تغير اللهم حالي ، وتصلح مقامي ، رحماك ربي عجل مماتي . إن كنت تحيا في ثلاجة الموتى ، فلا تحزن ، فبكاء الموتى كضحك الأحياء ، مجرد هباء ، وتجربة المجرب مراراً غباء. أنر شمعة في قلبك ، تضيء بها عتمة الصقيع في جوفك ، ولا تعبأ بالجليد من حولك ، إن لم تذبه نار أحشائك ، وارسم على جدران كهف اعتزالك ، ابتسامة تنير بها ساخراً سواد أيامك وعتمة توقعاتك .
العيش في ثلاجة الموتى
أخبار متعلقة