الإخوة والأخوات أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل المحترمون إنكم وأنتم تضعون النقاط على الحروف لصنع فجر جيد ومستقبل وطن جديد يبشر بالخير تسود فيه الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية وينعم أهله بالحياة السعيدة والكريمة الخالية من المنغصات والمكدرات والقمع والاستبداد والفساد والتسلط وانعدام الهدوء والأمن والاستقرار .. إن المجتمع المحلي الإقليمي والدولي يتطلع إليكم وانتم تضعون اللبنات الأولى لوطن مزدهر يأخذ مكانه بين الأمم المتطورة والمتقدمة والمزدهرة وتضيفون إبداعاً جديداً متميزاً إلى إبداع أجدادنا وأسلافنا العظماء الذين صنعوا حضارات سبأ وحمير ومعين وقتبان وأوسان وحضرموت ويمنات مستلهمين المنهج الحواري والشوروي و الديمقراطية لملكة سبأ القائلة لقومها كما جاء في القرآن الكريم « يا ايها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون»..وكان رد قومها عليها بثقة الواثق من نفسه الذي لا يجد حرجاً أو حساسية تجاه امرأة تحكمه « ( قالو نحن أولو قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين) 32 - 33 من سورة النمل.وقد أخبرنا القرآن الكريم عن حكمة وحنكة ودهاء هذه الملكة التي قادت قومها إلى الإسلام مع سليمان بعد أن كانوا يعبدون الشمس من دون الله وكيف تعاملت بسياسة حكيمة مع قوة ضاغطة عليها وجبارة من خارج وطنها ومن ملك ونبي ورسول كريم هو سليمان عليه السلام الذي أعطاه الله القوي المتين ومنحه قوة خارقة ومنعة جبارة وخيراً كثيراً لم يملكه أحد بعده من العالمين. وتمر الدهور والأزمنة والحقب التاريخية حتى نصل إلى هذا الزمن الذي يسمونه بعصر العولمة هذا الزمن الذي يعمل على تقليص العالم ويجعل اقتصادياته ومجتمعاته وثقافاته متجانسة وتصبح كل الأمكنة متشابهة لا تعود الحدود مهمة وتختفي المسافة وتغيب الدولة القومية ويتحول العالم الكبير إلى قرية صغيرة نتيجة هذا التقلص للعالم. إن العولمة هي عملية تتراجع فيها قيود الجغرافيا على التنظيمات الثقافية الاجتماعية ، فالعولمة هي مفهوم الانضغاط الزمكاني الذي سيفتقد العالم فيه للتنوع بسبب الترابط المتزايد بين الشعوب وتقارب الثقافات وبسبب نشر الأفكار والنظريات والممارسات من خلال عوالم التجارة وثقافة المجتمعات المهيمنة والشركات العابرة للقارات وفرض تلك الأفكار والقيم والممارسات على الآخرين والتي لا تكون مناسبة دائماً للذين فرضت عليهم.إن العولمة تجعل أي جزء من العالم غير متميز عن الجزء الآخر وهي التواصل المتزايد ونقل البضائع والخدمات والأشخاص والأفكار حول العالم . إن الناس في حاجة إلى الناس والناس في حاجة إلى المغامرة، قادت هاتان الفكرتان إلى ما وصلنا إليه في العالم هذه هي الظاهرة المعروفة بالعولمة،إنها الاختفاء التدريجي لوهم الفضاء الذي أنشأته المسافة المادية من خلال تكنولوجيات عديدة اخترعها الجنس البشري.العولمة هي الوعي التدريجي للجنس البشري بأن وجوده مرتبط جوهرياً حتى بأصغر الجسيمات في الكون وان حيواتنا وأفعالنا تعتمد على كل شيء يحيط بنا .. يبدو ان هذا الزمن العولمي سيجعل الدولة غير قادرة على نحو متزايد على مواجهة العولمة وتحدياتها وأن سيادة هذه الدولة ستتآكل من الأعلى والأسفل لدرجة أن هناك من يعتقد في الوقت الراهن بأن الدولة القومية ستعوض في النهاية بحكومة العالم وهذا معناه اقتراب نهاية الدولة القومية أو موتها في ظل هذه العولمة وهناك من يعتقد غير ذلك.الإخواة والأخوات أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل إننا هنا نذكركم بهذه الخواطر المهمة حول العولمة حتى لا تغيب عن أذهانكم وأنتم تصنعون لبنة وحجر الأساس للدولة المدنية الحديثة وهذه الخواطر تذكير لزملائكم الذين ما زالوا يتشبثون بالعقليات الانعزالية التي تظن أنها تعيش في كوكب آخر غير كوكبنا المتعولم لذلك فإن تلك العقليات ما زالت مسكونة بوهم ونظرية المؤامرة ولم تؤمن بعد بأن العالم بأسره قد تقلص في هذا الزمن إلى قرية صغيرة وتقاربت الشعوب والأمم والمجتمعات وتشابكت مصالحها وما زالت تلك العقليات تظن بأن هناك غزواً فكرياً من الآخر المتقدم وأنه يخترق سيادة الدولة الأخرى المتخلفة وتناست تلك العقليات المتقوقعة في مناطقها الجزئية النائية بأن الخالق العظيم قد خلق الناس وجعلهم شعوباً وقبائل لكي يتعارفوا ويستفيد بعضهم من بعض فليرتق الجميع إلى أن يكونوا إنسانيين ويستفيدوا من ثمار عولمة العصر.
رسالة إلى أعضاء مؤتمر الحوار
أخبار متعلقة