عاجل .. إلى وزارة التربية والتعليم
دفاع صالح ناجيكنا لا نزال صغاراً حين علقت في أذهاننا عبارة (مدرستي هي بيتي الثاني) وفي الحقيقة لم تكن عالقة في أذهاننا فقط، بل في سلوكنا وانتمائنا لذلك الصرح .. كانت مع إشراقة اليوم الأول لكل عام دراسي جديد تشرق وجوه أجيال عقدت عزيمتها على الجد والاجتهاد وتقف بإجلال لمعلم (كاد أن يكون رسولا) .. فلم اليوم هذا التدهور الواضح في علاقة الطالب بالمدرسة؟! وهل ما زالت المدرسة هي الدعامة الأساسية التي تمد المجتمع بالثروة البشرية المتعلمة القادرة على العطاء والإنتاج؟ في استطلاعنا الآتي نورد عدداً من الآراء التي تحدثت حول ذلك..[c1]لم تعد المدرسة بيتنا الثاني![/c]نبدأ أولاً بحديث الطرف الأهم في هذه القضية، الطرف الخاسر من فقدان المدرسة لوظيفتها التربوية والتعليمية، هذا الطرف هو (الجيل الجديد) الطلاب الذين من المفترض أن يكونوا مقبلين على العلم بحب وإرادة ويتطلعون لغد أجمل .. في استطلاعنا هذا نوجز آراءهم ونبدأ برأي الطالبة وفاء أحمد محمد - الصف التاسع التي قالت: «أصبحت العلاقة بين المدرسة والطالب ضعيفة لعدة أسباب أهمها الكثافة الطلابية وكثافة المنهج ووجود حشو في الكتاب المدرسي وعدم تطويره بما يواكب تطور العصر، وضعف العلاقة بين الطالب والمعلم والإدارة المدرسية مثل عدم تشجيع الطلاب على حب العلم وعدم تقدير ظرف الطالب أثناء الغياب وكثرة التوبيخ إضافة إلى ذلك فالمدرسة تفتقد لوسائل الراحة مثل (مظلة) للساحة المدرسية أثناء الطابور المدرسي وعدم وجود غرفة للإسعافات الأولية، وغياب المكتبات والمختبرات العلمية، وضعف الأنشطة المدرسية».وتقول الطالبة بثينة عادل عبدالرب - أن المدرسة أصبحت تفتقد لأهم المتطلبات التي يستطيع الطالب من خلالها أن يشعر بالأمان وبأن المدرسة هي بيته الثاني، وأن المدرسة أصبحت تفتقد لأبسط الوسائل التعليمية التي تمكن الطالب من استيعاب الدروس. وتشاركها الرأي الطالبة أماني فضل التي تؤكد أن المعلمين أو المعلمات لا يستطيعون توصيل المعلومة في ظل غياب الوسيلة، إضافة إلى عدم الاهتمام بمدى فهم الطالب. وتقول الطالبة نهى عبدالواحد علي - تاسع - أن هناك كثيراً من الأسباب التي جعلت الطالب يمل من المدرسة وينظر بحسرة وألم إلى المستقبل، وأهم هذه الأسباب - كما تقول - هي صعوبة المنهج المدرسي، وضعف التشجيع من قبل المدرسة والأسرة للاقبال على التعليم، وشعور الطالب بأن لا هدف من التعليم، والشعور بالإحباط بسبب عدم تقدير بعض المدرسين لجهود الطالب والتمييز بين الطلاب، وغياب التفهم من قبل بعض المعلمين والإدارة المدرسية لظروف الطالب وإهانتهم، إضافة إلى عدم قدرة بعض المعلمين على توصيل المعلومة وقلة الخبرة والتأهيل للمعلمين الجدد، والتعامل، بأسلوب الحفظ للدروس والحشو في ظل غياب الوسائل التعليمية، وكذلك غياب الدور التوعوي والترفيهي والاجتماعي الذي يجب أن تقوم به المدرسة.وتؤيدها في الرأي زميلتها مناف نبيل مقبل في أن التمييز بين الطلاب وعدم تشجيع الأسرة والمدرسة وعدم تقدير ظروف الطلاب والمعاملة السيئة أحيانا من قبل بعض المعلمين هي من أهم أسباب ضعف العلاقة بين الطلاب والمدرسة.الطالبة عهود خالد تقول إن ضعف المعاملة الطيبة تجاه الطالب من قبل المعلم أو المعلمة هي التي تجعل الطلاب يشعرون بعدم الرغبة في التعليم، وتضيف قائلة: «أيضا تكديس الدروس، والتعامل بالتمييز والمجاملات وعدم قدرة بعض المعلمين على توصيل المعلومة».الطالبة ريام صالح تضيف إلى حديث زميلتها وجود ضعف في التأهيل لدى الكادر التعليمي وغياب دور الإشراف الاجتماعي، إضافة إلى مجموعة من العوامل والضغوط النفسية التي يواجهها الطالب.أما الطالبة أسماء علي أحمد - مجمع خديجة التربوي - فترجع أهم الأسباب إلى قلة الوعي الأسري بأهمية التعليم وبالذات فيما يخص تعليم الفتاة.وتحدثت الطالبة رنا علوي عبدالله عن أمور كثيرة أدت إلى ضعف العلاقة بين الطالب والمدرسة أهمها التشديد الزائد من قبل الإدارة والنظام التعليمي الذي يستند إلى مناهج مكثفة تعتمد على الحفظ، وغياب الأسلوب التشويقي في التعليم، وتقول: «نتعلم الحاسوب دون أن يكون هناك تطبيق وتوجد مكتبة ولا توجد حصص خاصة بدخول المكتبة للاطلاع، ولا توجد وسائل تعليمية واضحة، المعلم يشرح وعلينا نحن أن نتخيل كل شيء، والطلاب ليسوا بنفس المستوى فهناك من يفهم بسرعة والبعض يحتاج وقتاً للاستيعاب ولكن المعلم لا يقدر ذلك، إضافة إلى المجاملات والتمييز، والاهانات التي يتعرض لها الطلاب من قبل بعض المعلمين، إضافة إلى أن المدرسة أصبحت بيئة غير نظيفة للأسف..وتحدثت أيضاً عن عدم اهتمام المدرسة بمواهب الطلاب والأنشطة المدرسية كالمسابقات الفكرية التي تنمي ذهن الطالب، كما أشارت إلى عدم وجود مطابقة بين ما يتعلمه الطالب والواقع المعاش.وذكرت الطالبة مها الخطيب بعض الأسباب المتمثلة بكثرة الواجبات المدرسية والأسلوب الروتيني في التعليم وصعوبة المنهج وعدم تبسيطه من قبل المعلم، إضافة إلى غياب النشاط المدرسي.وترى الطالبة نظرة حمود أن الحالة المادية أيضاً تلعب دوراً كبيراً في التأثير على الطالب وعلى المستوى التعليمي، وهذا ما يضطر كثيراً من الأسر التي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة إلى عدم تشجيع أبنائها على التعليم، وهي أيضاً ترى أن المناهج المدرسية مكثفة ومعقدة وهذا من أهم الأسباب التي أدت إلى شعور الطالب بعدم الرغبة في التعليم.من جانبها تقول الطالبة أحلام عبدالواحد - ثاني ثانوي - أن ضعف مستوى العملية التعليمية وضعف العلاقة بين الطالب ومدرسته، يرجع إلى عدة عوامل أهمها العوامل الاجتماعية عند أطراف العملية التعليمية (المعلم والطالب) وعوامل متعلقة بالمنهج الدراسي وكثافته وتعقيده.وتقول الطالبة يزيدة قاسم أن الأسرة تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية في قضية عدم رغبة الطالب في مواصلة تعليمه، وأشارت إلى الحالة المادية كجانب من الجوانب التي تعيق العملية التعليمية، كما أوجزت مجموعة من العوامل المتصلة بالمعلم منها سوء المعاملة وغياب الوسيلة التعليمية.ومن وجهة نظر الطالبة إيمان عبدالوهاب فإن أهم أسباب ضعف العلاقة بين الطالب والمدرسة هي عدم مراعاة الحالة النفسية عند الطالب، وعدم الاهتمام بنوعية وجودة التعليم.[c1]أمانة التعليم[/c]ويرى الأخ خالد مصطفى الكعكي - ولي أمر - أن التعليم أمانة يجب أن تؤدى على أكمل وجه، وأن المدرسة بمن فيها يشكلون أسرة واحدة ولابد أن يسود فيها الاحترام والعطف المتبادل بين المعلم والطالب والإدارة المدرسية، وكما يقول يجب أن تكون العلاقة وطيدة وقائمة على هذا الأساس، فالطالب حين يحب المعلم يحب المادة وبالتالي يحب التعليم.وهذا ما تراه الأخت نور - معلمة - فهي تؤكد على ضرورة توطيد العلاقة بين الطالب والمعلم والإدارة المدرسية من خلال الاحترام والتفاهم، وتقول أن هناك مسؤولية مشتركة يجب أن يتحملها المعلم والطالب والأسرة والإدارة المدرسية، فهي ترى أن على الطالب الاهتمام بالدراسة بشكل أساسي وعلى المعلم تجنب المعاملة السيئة مع الطالب، وعلى الأسر متابعة أبنائها في دراستهم، والإدارة المدرسية يجب أن تكون رشيدة في إجراءاتها وقراراتها.وتقول الأخت رويدا حسن عبدالله - معلمة - أن بعض المعلمين والمعلمات لا يحسن التعامل مع الطالب باللين والرفق ولا توجد مراعاة للمراحل العمرية للطلاب ومدى احتياجات كل مرحلة، وتضيف: «كما تعاني المدارس من ضعف الكفاءات الإدارية المتميزة، إضافة إلى مسألة هامة وهي غياب دور المجلس الطلابي في المدرسة والذي يشكل حلقة وصل بين الطالب والمدرسة، ويعاني الطلاب من التعنيف والتوبيخ ولا يعطى لهم الحق في التعبير عن رأيهم، إضافة إلى عدم تفعيل حصص البدنية والفنية وغياب الجانب الترفيهي في ظل وجود كثافة في المنهج الدراسي.[c1]تعليم خارج المدرسة [/c]الأستاذة تقية عبدالواحد نعمان - مستشارة تربوية - تحدثت عن رأيها في وظيفة المدرسة في الوقت الحالي، فقالت: «أعتقد أن المدرسة قد فقدت وظيفتها، فقد أنتقل التعليم إلى خارج المدرسة والدليل أن التلميذ (الطفل)، في الصفوف الأولية إذا لم يعلمه أهله في المنزل لن يتمكن من القراءة والكتابة، بينما نحن تعلمنا في المدرسة ولم نتعلم خارجها لأن أمهاتنا معظمهن أميات، ليس هذا فحسب وإنما أصبحت المدرسة فقط لتجميع التلاميذ، حتى أنها لم تعد مكاناً جاذباً للأطفال، ولهذا نجد أن التلاميذ هم من يحددون بداية الدوام ونهايته، ونجد الطلاب خارج المدرسة قبل انتهاء الدوام الرسمي وهم يحددون بداية العام الدراسي، فالوزارة تحدد التقويم المدرسي والإجازات ولكن على مستوى الواقع نجد أن الطلاب لا يلتزمون بها، فالمدارس فاضية في بداية العام الدراسي ، أضف إلى ذلك ضعف الأداء للمعلمين وعدم امتلاكهم الأدوات المناسبة للتعامل مع التلاميذ بشكل يكسب ثقتهم وعدم مواكبة الجديد في تقنيات التعليم والتعلم».وأكدت في ختام حديثها على ضعف أدوار كل من الأسرة والمجتمع والإدارة والإعلام إضافة إلى غياب التقييم وعدم تطبيق مبدأ الثواب والعقاب.وترى الأخت إشراق - معلمة أن كثافة المنهج المدرسي في جميع المواد الدراسية تعد أحد العوامل الرئيسية في ضعف العلاقة بين الطالب والمدرسة وتضيف:« أن عدم قدرة الطالب على استيعاب كم هائل من المعلومات يؤدي إلى كراهية الطالب للمنهج والمدرسة بشكل عام وكذلك لأن جميع المواد الدراسية تحتاج إلى الحفظ ، وضعف المواد العلمية وافتقار المدرسة للمعمل إضافة إلى عدم وجود علاقة أسرية بين المعلم والطالب والإدارة المدرسية وعدم التفهم لأوضاع الطلاب وحل مشاكلهم وخاصة في سن المراهقة ، وضعفدورالأسرة».[c1]أين دور الجهات الرسمية؟[/c]الأخ ماجد علوي عمير - معلم فيزياء - يتساءل عن دور الجهات الرسمية ومهامها في توفير المتطلبات الأساسية والفرعية للمدرس وكذا الخدمات التي تجذب الطالب للمدرسة كالملاعب والصالات الرياضية ووسائل الترفيه كالفنون والموسيقى ، وأكد على أهمية أن تكون لهذه الجهات أدوار أكبر بعيداً عن ا لدور الروتيني وضرورة مواكبة الأحداث فيما يخص توفير متطلبات التعليم الحديث وقال: «كذلك فالإدارة المدرسية غاب عنها الاهتمام بالطلاب من حيث عدم مراعاتها لجوانب عديدة ، واللامبالاة وعدم الاكتراث وضعف الجانب الإداري والتنظيمي والتربوي والذي أدى إلى التسيب وازدياد الفجوة بين الطالب والمدرسة ، أما العلاقة بين الطلاب وطاقم التعليم فهي علاقة سلبية ،من خلال عدم تكريس طرق حديثة في التدريس ومعاملة الطالب كإناء يحب أن يمتلئ بالمعلومات دون النظر إلى الجوانب المتعددة المساعدة في النمو العلمي للطالب وبالتالي فإن معظم الطلاب يرون أن المدرسة لم تعد تلبي احتياجاتهم وطموحاتهم وما يتطلعون إليه ، مما يولد لديهم اليأس ويرون أن الذهاب للمدرسة مجرد واجب يجب القيام به وإلا سيعاقبون «.كما أشار إلى أن دور الأسرة يشهد تراجعاً ملحوظاً في الاهتمام والمتابعة لأبنائها الطلاب.من جانبها تؤكد الأخت سهير - معلمة أن أساسيات العلاقة بين الطالب والمعلم إذا تلاشت يصبح المعلم مجرد آلة تضخ المعلومات دون مراعاة الجوانب النفسية والاجتماعية للطالب .وتضيف :» حين تبنى العلاقة على الخوف من قبل الطالب والتسلط من قبل المعلم تصبح العلاقة ذات صدى غير طيب وبالتالي يولد لدى الطالب شعور بعدم الرغبة في التعليم».وتقول الأخت أرزاق زي- معلمة- أن معظم المعلمين والمعلمات يتبعون أساليب العنف والعقاب والتسلط وهذا ما يجعل الطالب ينفر من المدرسة- من وجهة نظرها. تؤكد على كل ما سبق من كثافة في المنهج وغياب جوانب الترفيه وضعف طرق توصيل المعلومة ، وعدم مراعاة الجوانب النفسية للطالب وكما تقول فكل ذلك أدى إلى خلق العديد من المشكلات وجو من الفوضى في المدرسة.[c1]ظاهرة اجتماعية [/c]يرى د . سيف محسن عبد القوي - أستاذ علم الاجتماع والانثروبولوجيا المعاصرة - كلية الآداب جامعة عدن أن إشكالية نفور التلاميذ من المدرسة أصبحت ظاهرة اجتماعية تتطلب الوقوف إزاءها وقفة جدية ، ويقول : ( هذه الظاهرة تتطلب دراسات حقيقية فهي لم تعد جانباً خفياً ، فالطالب أصبح يشعر بالاغتراب بين ما يدرسه والواقع الاجتماعي المعاش والمعلم نفسه يشعر بالاغتراب بسبب وجود تناقض بين ما يعطيه للطلاب والواقع ، وكما تعرف فإن المدرسة تعد أهم ركائز التنشئة الاجتماعية بعد الأسرة ولذا وجب الاهتمام والتناغم بين المجتمع والمؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني من أجل مكافحة هذه الظاهرة ( شرود الطالب وإهمال المعلم ) ولأن هذه الظاهرة لا تخص فرداً أو مجموعة أفراد بل تخص المجتمع ككل فعملية التعليم والتعلم هي نظام يجب أن يتجدد دوماً ويواكب التطور التكنولوجي والمعرفي والمعلم بحاجة إلى تأهيل وإعادة تأهيل وهنا يأتي دور وزارة التربية والتعليم .إضافة إلى أن البيئة الاجتماعية للمدرسة أرى أنها ضعيفة وكذا القصور في الاهتمام البيئي والصحي في المدارس وكلها مجموعة تراكمات أدت إلى وجود هذه الأزمة غير العادلة التي تتطلب دراسات اجتماعية معمق إضافة إلى الدور المجتمعي الذي يجب أن يكون مؤثراً والدور المهم للأسرة التي تشكل ثنائياًمع المدرسة في متابعة أبنائها .بينما يرى د . سعد علي فهيد رئيس قسم علم النفس في كلية الآداب جامعة عدن أن الإشكالية لا تكمن في المنهج وإنما في طرائق التدريس والوسيلة التعليمية ولذا فهو يؤكد ضرورة الاهتمام بتأهيل المعلم وأن تعطى فرص التأهيل للكل بعيداًًَ عن المجاملات والمحسوبية - كما يقول- ويضيف أن الواجبات المدرسية أصبحت فوق طاقة الطالب وهذا ما يولد لدى الطالب شعوراً بالإحباط والخوف وأن هناك اضطهادا يمارس ضده وبالتالي يعاني نوعاً من الكبت وتقل رغبته في التعليم.[c1]عاجل[/c]من كل ما سبق يتضح أن أزمة التعليم تحيط بها عوامل عدة:منهج مكثف .. معلم فقد مكانته .. طالب فقد حبه للمدرسة إدارات مدرسية ينقص معظمها الخبرة في الإدارة الرشيدة..قصور في الإشراف الاجتماعي ...مجالس أولياء أمور غير مفعلة.. طرائق تدريس روتينية .. وسيلة تعليمية غائبة . مختبرات علمية مهملة .. أنشطة مدرسية ضعيفة وبيئة اجتماعية مدرسية غير متكاملة .. فهل تفقد المدرسة وظيفتها التربوية والتعليمية ؟! سؤال نوجهه لوزارة التربية والتعليم!!.