في ترجمة شعرية بالإنجليزية
ديترويت (الولايات المتحدة)/ طارق عبد الواحد:حاملة عنوان إحدى قصائده المنشورة في ديوان (صلاة الوثني)، صدرت عن دار (غريوولف) بولاية مينيسوتا الأميركية مجموعة شعرية للشاعر العراقي سعدي يوسف باسم (أيها الحنين، يا عدوي!)، ترجمها وقدم لها الشاعر والمترجم العراقي المقيم في الولايات المتحدة سنان أنطون بالتعاون مع الشاعر الأميركي بيتر موني.وتضم الطبعة الإنجليزية خمسين نصاً شعرياً اختارها المترجم من أعمال يوسف المنشورة في الفترة التي تمتد من غزو العراق واحتلاله من قبل الأميركيين عام 2003 وحتى عام 2011، حيث تتبدى بوضوح تأثيرات هذه المرحلة على أسلوب يوسف ومناخات نصوصه، بحسب سنان أنطون.ويقول المترجم العراقي مع أن ربع القصائد المترجمة يتمحور حول العراق وما آل إليه، فإنني حرصت على إعطاء صورة شمولية عن نتاج يوسف الغزير والمتنوع، وقد كان المعيار الأساسي في اختيار القصائد هو الوقع الجمالي وجودتها وتفردها).وأشار أنطون إلى مشاركة الشاعر الأميركي بيتر موني -وهو أحد تلامذة الشاعر المعروف آلن غينسبرغ- في تحرير القصائد المترجمة، (مع أنه لا يعرف العربية، ولكنه يعرف شعر يوسف ومكانته في المشهد الشعري العربي).وفي مراجعتها للمجموعة، كتبت الشاعرة ماريلين هاكر (إن سعدي يوسف أصبح وعبر تحولات تاريخية وقابلية ذهنيته للانفتاح، ليس فقط شاعرا من العالم العربي، بل شاعرا في الكون الإنساني).ونال يوسف المولود في أبي الخصيب بالبصرة عام 1934، والذي غادر العراق في سبعينيات القرن الماضي، جوائز شعرية عالمية مرموقة منها: الجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلينية، وجائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلف أجنبي عام 2005، وجائزة المتروبولس في مونتريال في كندا عام 2008.إن تجربة سعدي يوسف الحياتية الفريدة واطلاعه الموسوعي وانفتاحه على العالم، أغنى تجربته الكتابية بمؤثرات فارقة تجلت ملامحها في تأثيره على أجيال من الشعراء العرب.مؤثرات فارقةويحسب لتجربة يوسف الشعرية في منفاه الاختياري بلندن، عدم تأثرها بأشهر ظاهرة شعرية عربية في عالم المغتربات، وهي الظاهرة المعروفة بالشعر المهجري، حيث يتحول الحنين إلى عدو لدود بدل أن يكون حاملا لأشواق المغتربين والمنفيين يؤرق لياليهم ويقض مضاجعهم.ويمكن رصد هذا المعنى والتماسه بالعودة إلى قصيدة «أيها الحنين، يا عدوي!» التي حملت عنوان الترجمة الإنجليزية، والتي يقول يوسف في أحد مقاطعها: قلتُ: الطريقُ طويلٌ؛وأخرجتُ من كيسيَ الخيشِ خبزاً وقطعةَ جبنٍ…وإذ بي أراكتقاسمني الخبز والجبنَ!كيفَ انتهيتَ إلي؟وكيف انقضضت علي كما يفعلُ الصقر؟وأغنت تجربة يوسف الحياتية الفريدة واطلاعه الموسوعي وانفتاحه على العالم، تجربته الكتابية بمؤثرات فارقة تجلت ملامحها في تأثيره على أجيال من الشعراء العرب، كان من بينهم الشاعر الأشهر محمود درويش الذي أقر بتأثير سعدي يوسف عليه وعلى قصيدته.وتأتي ترجمة سعدي يوسف الأخيرة إلى الإنجليزية في سياق تنامي ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الإنجليزية ونشاطها الملحوظ في العقد الأخير بالولايات المتحدة، مع التأكيد في الوقت نفسه أن هذه الحركة تواجه تحديات كثيرة، لأن المركزية الأوروبية -بحسب أنطون- هي حقيقة تتجلى آثارها في كل مكان.ويقول أنطون الذي حصل على الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة هارفرد الأميركية ويدرس الأدب العربي في جامعة نيويورك، إن «هناك من يترجم من العربية لأسباب لا علاقة لها بالأدب، بل بالإكزوتيكية والتجارية والاستشراق، وهذا ما تبحث عنه دور النشر الكبيرة، ولكن ولحسن الحظ هناك عدد محدود من دور النشر الصغيرة والمستقلة تنشر أعمالا أدبية مرموقة، وهناك أيضا قراء يتابعون الأدب العربي ويتذوقون الشعر العالمي ويتابعون جديده».