الرئيس السابق علي ناصر محمد في حوار تنشر ه بالتزامن صحيفتا « 14 اكتوبر» و «26سبتمبر»:
لا يمكن فصل الحديث مع الرئيس السابق علي ناصر محمد عن ثورة 14 أكتوبر باعتباره واحداً من أبرز قيادات الجبهة القومية لتحرير الجنوب المحتل التي فجرت الثورة واستلمت السلطة بعد الاستقلال عقب اعتراف الحكومة البريطانية بها كممثل شرعي لشعب الجنوب ودخولها في مفاوضات مع الجبهة القومية في جنيف أسفرت عن إعلان وثيقة استقلال الجنوب وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية التي تحولت لاحقاً إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، وصولاً إلى اندماجها مع الجمهورية العربية اليمنية التي تأسست في شمال الوطن بعد ثورة 26 سبتمبر 1962 وإعلان قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990 . وفي هذا الحوار الذي تحدث فيه الرئيس السابق علي ناصر محمد إلى صحيفة «14أكتوبر» وصحيفة « 26سبتمبر» بالتزامن بمناسبة العيد التاسع والأربعين لثورة 14 أكتوبر يجد القارئ الكريم آراء وأفكارا مثيرة للجدل تتناول بعض المحطات الصعبة في مسيرة ثورة 14 أكتوبر والوضع الراهن [c1]- ثورة 14أكتوبر 1963م ثورة تحررية عظيمة في تاريخ اليمن المعاصر.. ماذا يعني لكم شخصياً العيد الـ49 للثورة الاكتوبرية باعتباركم أحد أبرز رموزها النضالية؟[/c]- - قامت ثورة 14أكتوبر1963م لتشكل الأمل الوحيد في التخلص من ربقة استعمار بريطاني دام 129سنة، ولم تأت من فراغ، بل نتيجة لمعاناة مختلفة وانتفاضات شعبية متعددة وفقدان للسيادة الوطنية على أرضنا، وتحكم الانجليز بموقعها الاستراتيجي الهام، كما لم تكن معزولة عن أحداث المرحلة آنذاك سواء في الشمال أم في الوطن العربي، فقد كان لمصر عبدالناصر دور ريادي في دعم الثورة، ولكن التضحيات التي قدمها شعبنا والشهداء الذين سقطوا في سبيل التحرر هي الرافعة الأساس التي انبنت عليها أهداف الثورة ومقتضياتها حتى جلاء آخر مستعمر بريطاني من أرض الجنوب وقيام الدولة المستقلة وذات السيادة، ولكوني شاركت في الثورة وشهدت التضحيات التي قدمت في سبيلها، كما أسهمت في بناء الدولة فإن الثورة تعني لي قيمة عظيمة نستمد منها كل القيم الوطنية وهذا ما يجعلنا نتحسر على ما حدث فيما بعد من مشكلات ونزاعات متعددة ممتدة من 67م وحتى اليوم الذي نشهد فيه انتكاسة لأهداف ثورة أكتوبر.. ولذلك اعتبرت في تصريح سابق أن انتصار الحراك الجنوبي السلمي بالرغم من اختلاف قيمه عن ثورة أكتوبر من جهة النضال السلمي والكفاح المسلح يعتبر إعادة اعتبار لثورة 14 أكتوبر المجيدة .[c1]إعادة الاعتبار لثورة أكتوبر - وما هي دلالات ومعاني هذه المناسبة بالنسبة لشعبنا في ظل التحولات والمعطيات والمستجدات الراهنة؟[/c]- - لقد رفع ثوار الحراك الجنوبي صور شهداء ثورة 14أكتوبر وكذلك قيادات جنوبية سقطت حتى في إطار النزاعات التي حصلت في الجنوب وقد استوحوا ذلك بتقديري من ثورة 14أكتوبر المجيدة رغبة منهم في إعادة الاعتبار لها كما استلهموا من حركة التصالح والتسامح حراكهم السلمي الذي انطلق في2007م، فالشعب يدرك تاريخه وتضحيات الشهداء وبات يعرف المطبات التي واجهتنا ويقوم بمحاكمتها على طريقته وهذه الإرهاصات الراهنة تأتي في سياق تاريخي متعرج امتلأ بالأخطاء وبعضها كارثية وخاصة فيما يتعلق بالهرولة إلى الوحدة ثم الحرب وصولاً إلى الهروب منها وفقاً لإرادة المهرولين أنفسهم ولكننا نثق بأن الشعب سيستفيد من الماضي ودروسه وسيبني الحاضر والمستقبل على هدى بعيداً عن التطرف والعنف والعنف المضاد.[c1]في سجن دثينة- أين كان المناضل علي ناصر محمد يوم 14أكتوبر 63م.. وكيف تصفون اندلاع الثورة من قمم جبال ردفان الشماء في ذلك اليوم؟[/c]- - قبل الاعلان عن قيام ثورة 14أكتوبر بأربعة عشر يوماً كنت في السجن بولاية دثينة مع رفاقي وأصدقائي حسين الجابري، هيثم بنقح، حسين سعيد، صالح الجابري محمد الحمزة وآخرين، حيث جرى اعتقالنا على خلفية تحريضنا للطلبة في دثينة بالتظاهر ضد سلطات الاحتلال التي رفضت دخول لجنة تقصي الحقائق المنبثقة عن لجنة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة إلى عدن وهذا الأمر سبب ازعاجاً للسلطات المحلية في مودية، واتذكر أنه كلما مرت القوافل العسكرية بمودية في طريقها إلى المحميات الشرقية أو في طريق عودتها كان الطلبة يهاجمونها ويرشقونها بالحجارة وكان الجنود العرب يرشقون الطلاب بقطع البسكويت والتي مع الأيام أصبحت عادة مع الطلبة. فقد كان الحماس قد بلغ ذروته في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي، وكان الشعب متأثراً بالثورات العربية في كل من مصر والجزائر وغيرها من الدول العربية التي نالت استقلالها، وكان لحركة القوميين العرب مع عدد من الفصائل التي تشكلت منها الجبهة القومية دور فاعل في عملية التحضير والاعداد للثورة في الجنوب. وفي دثينة توسـع نشـاط الحركة في أوسـاط المدرسين والطلاب والفلاحين وبعض الشـخصيات الاجتماعية المؤثرة فيها، ومن أبرزهم محمد علي هيثم، وعلي جازع، ومحمد صلاح، وسعيد محمد امفقيرية، وسعيد عثمان عشال، وعبدالله ناصر الجونه، وعلوي حسين فرحان، وأحمد مسعود العلواني، وعبدالله ناصر مسعود، وعلي الشيخ عمر، ومحمد عبدالله البطاني، وعبدالله عمر البطاني، وعلي سليمان علي، ومحمد سليمان ناصر، وعبدالله أحمد عنبر، وعبدالرحمن العود، وناصر عمر الشيخ وغيرهم وكانت الخلية القيادية لحركة القوميين العرب في دثينة تطالب القيادة في عدن بالكفاح المسلح اضافة الى العمل السلمي والجماهيري. وقد شاءت الظروف ان تنطلق الثورة المسلحة من ردفان وعلينا ان نعترف بأن قيادة الجبهة القومية برئاسة قحطان الشعبي التقطت هذا الحدث، وكان استشهاد راجح بن غالب لبوزة شرارة انطلاقة الثورة في 14أكتوبر عام 1963م.[c1]بنينا دولة مهابة - ماذا يمكنكم الحديث للمناضلين وأسر الشهداء وثوار اكتوبر ولأبناء الجنوب عموماً عن انجازات هذه الثورة التحررية خلال 49 عاماً؟[/c]- - ان التضحيات والدماء التي سالت من أجل استقلال الوطن لم تذهب هباءً، فقد استطعنا وبإمكانياتنا المحدودة وبفضل دعم الأشقاء والأصدقاء أن نبني دولة قوية ومهابة، دولة أرست القانون والعدل أساساً لها، دولة لا مكان فيها للثأر والفساد ولا مكان للمحسوبية ولا للطائفية، دولة حققت إنجازات على الصعيدين الداخلي والخارجي يشهد لها الأصدقاء والأعداء، دولة كان المواطن أساسها فأمنت له التعليم المجاني والتطبيب المجاني وفرص العمل والسكن المناسب والحياة الكريمة وغيرها من الانجازات، وهذا لا يعني أن التجربة لم تخلُ من السلبيات بسبب المزايدات والتطرف التي رافقت بناء الدولة منذ الاستقلال وحتى قيام الوحدة عام 1990م . [c1]علاقات كفاحية- هناك من يعتبر ثورة 14أكتوبر.. وحدوية النهج والنضال.. كيف ترون ترابطها الجدلي مع ثورة 26سبتمبر ؟[/c]- - نحن لا ننكر انه كان لثورة 26سبتمبر تأثيرها على نضال الشعب في الجنوب، فقد اتخذنا من تعز والبيضاء وقعطبة والراهدة ومآرب وغير ذلك من المعابر منطلقاً إلى جبهات القتال بعد التدريب الذي كنا نتلقاه في معسكر صالة بتعز الذي كان تحت اشراف كبار الضباط المصريين والمدربين المجربين في حروب العصابات وكانت مصر قد قدمت كافة اشكال الدعم السياسي والمعنوي والمادي للثورة في الجنوب بعد أن أعلن جمال عبدالناصر من مدينة تعز أن على الاستعمار البريطاني أن يحمل عصاه ويرحل من عدن.. وأنا لست مع من يتحدث عن الثورة الأم ولا مع الأصل والفرع، فلكل ثورة خصوصيتها فثورة سبتمبر سبقتها محاولات وقامت بساعات واستمرت حروبها لسنوات، وثورة أكتوبر استمرت لسنوات، ولكن العلاقات الكفاحية والنضالية بين قيادة هاتين الثورتين كانت علاقات تعاون وتفاهم وتنسيق. وبحكم انشغال قيادة النظام الجمهوري في صنعاء بحروب الجمهوريين والملكيين فقد اعتمدت الثورة في الجنوب في بدايتها على الدعم المصري أو ما سمي حينها بعملية صلاح الدين التي كان يشرف عليها كبار الضباط المصريين. [c1]ارتجال البيض وصالح - بأية صيغة ترون التجسيد الحقيقي لواحدية النضال اليمني والثورة اليمنية 26سبتمبر و14أكتوبر؟[/c]- - التجسيد الحقيقي لواحدية الثورة يكمن في الاعتراف أن قيام الثورتين في الشمال والجنوب مهد الطريق لقيام الوحدة عام1990 فهدف تحقيق الوحدة كان متضمناً في أهداف ومبادئ سبتمبر وكان أيضاً من أهم أهداف أكتوبر وكانت الوحدة محوراً للثورتين وللدولتين، ومعظم الخلافات والصراعات والحروب كانت بسبب الموقف من الوحدة وكيفية تحقيقها، وفي الأخير تم الإعلان عنها ليس بالحرب لأنه خيار فاشل ولكن بالسلم ولكن بطريقة مرتجلة أيضاً من حيث المبدأ أي طريقة الإعلان عنها بإرادة شخصين (علي صالح وعلي سالم) ومن حيث النتيجة من خلال حرب 94 وآثارها الممتدة إلى اليوم.[c1]فرقت بيننا السلطة- ماذا تتذكرون من مواقف واحداث فريدة من تأريخ الثورة والنضال، لم تنشر من قبل..؟[/c]- - كانت فترة صفاء وشفافية واخلاص في تعامل المناضلين بعضهم مع بعض، ففي عام1965م التحقنا بدورة في مدرسة الصاعقة في انشاص بالقاهرة وشارك فيها كل من: عبدالله المجعلي وهاشم عمر اسماعيل ومحمد احمد البيشي وعبدالله مطلق وعبدالكريم الذيباني وبخيت مليط وعبدالرحمن راشد اليافعي وعلي سالم البيض وعلي ناصر محمد، تعلمنا فيها كافة اشكال القتال وحروب العصابات لنعود إلى تعز ومنها إلى جبهات القتال. وبعدها بعامين عدت الى القاهرة للالتحاق بالكلية الحربية ولاسباب سياسية لم نلتحق بها، وهناك التقيت محمد علي هيثم، فضل عبدالله عوض، أحمد الفقيرية، محمد أحمد الحييد، محمد صالح مطيع.. فكنا ستة جمعتنا شقة واحدة في القاهرة، وعشنا مجموعة أصدقاء، بل أخوة ورفقة سلاح وأصدقاء عمر، وفرقنا الزمن والسياسة والسلطة فيما بعد. كنا في ريعان الشباب، وفي قمة الصحة والسعادة. لم نكن نملك مالاً، لكننا كنا نملك ما هو أثمن من المال، كنا نملك المحبة في قلوبنا، محبة بعضنا بعضاً، وكانت تلك المحبة كافية لتجعلنا نشعر بالسعادة ونتمناها لبعضنا وللآخرين أيضاً.. في هذه الشقة الصغيرة الواقعة في العجوزة عشنا حياة بسيطة وجميلة. نقتسم الطعام وأكثر من ذلك المودة والمحبة والإخاء.. انتهت أيام إقامتنا في القاهرة في منتصف عام 1967م وعدنا إلى الوطن ونحن نملك الذكرى الطيبة بيننا، لكن دوام الحال من المحال كما يقال، فقد فرقت بيننا السلطة فيما بعد وتفرقت بنا السبل .[c1]المؤرخ ناجي - بكل تأكيد تابعتم ما تم تدوينه وتوثيقه عن تاريخ الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر..كيف يمكن تصحيح هذا التاريخ وإعادة كتابته بتجرد وأمانة؟[/c]- - الندوات التي نظمت لكتابة التاريخ وشارك فيها عدد من المناضلين كانت خطوة طيبة على طريق كتابة التاريخ، وقدموا فيها تجاربهم وذكرياتهم كل بطريقته، ولكن أرى أن كتابة التاريخ تتطلب أن يشارك بعض الاكاديميين المهتمين ومن الذين عاصروا التجربة ولم يرتبطوا بالصراعات والخلافات حتى ننقله إلى الاجيال القادمة بكل تجرد وبدون اهواء. واتذكر انني كنت اشرف على لجنة لكتابة التاريخ العسكري برئاسة الكاتب والمؤرخ والمجتهد سلطان ناجي وكان اعضاء اللجنة يتفقون ويختلفون حول سير التطورات والاحداث والصراع بين الجبهة القومية وجبهة التحرير، وحاول فريق اللجنة المؤيد للجبهة القومية كتابة التاريخ برؤيته، ولكن سلطان ناجي الذي عاصر الاحداث وشارك في بعض محطاتها كان يعترض وينصح ويصحح بعض الوقائع والحقائق التاريخية واتذكر انه قال مازحاً «اعطونا كلمة أو كلمتين في هذا التاريخ»، وقلت له اكتب ما تريد فقد كان- رحمه الله- محسوباً ومتعاطفاً مع جبهة التحرير. [c1]نتيجة الحسم- كيف تصفون أهم وأبرز محطات الثورة اليمنية 14 أكتوبر.. ولماذا بريطانيا سلمت مقاليد الحكم للجبهة القومية دون سواها؟[/c]- - بريطانيا لم تسلم السلطة للجبهة القومية لان الأمور حسمت على الارض بعد سقوط المحميات (ما يعرف بسقوط المناطق) وانحياز الجيش للجبهة القومية في 6 نوفمبر 1967م وأتت مفاوضات جنيف التي كللت بالاستقلال نتيجة ذلك الحسم، ولاشك ان البريطانيين كانوا مضطرين للقبول بهذه النتائج ليس حباً في الجبهة القومية ولكن كراهية بعبد الناصر الذي كان يدعم جبهة التحرير. [c1]حركة القوميين العرب- ما دور حركة القوميين العرب في ثورة أكتوبر؟[/c]- - كما ذكرت لك انفاً فقد كان لحركة القوميين العرب في اليمن شمالاً وجنوباً تأثير على مسار الحركة الثورية في اليمن وعلى الثورة المسلحة في الجنوب بحكم العلاقة التاريخية بينها وبين الرئيس جمال عبد الناصر بعد انفصال سوريا عن مصر، وكان فرع الحركة في الجبهة القومية هو القوة المحركة والمؤثرة وهذا لا يقلل من دور بقية الفصائل المؤسسة والمشاركة في الجبهة القومية، كما ساهمت فروع الحركة في الوطن العربي خاصة الكويت بدور كبير في دعم الثورة سياسياً ومالياً. [c1]خلافات الدمج- ما هي خفايا الصراع الذي حدث بين الجبهتين القومية والتحرير.. وهل كانت هناك أجندة خارجية أججت ذلك الصراع؟[/c]- - إن أحد اسباب الصراع والخلاف بين الجبهة القومية وجبهة التحرير هي الطريقة التي تمت بها عملية الدمج القسري دون اللجوء إلى الحوار والتشاور بشأن ذلك مع أمينها العام قحطان الشعبي أو حتى مع قيادات الجبهة القومية، ولهذا فقد رفضت هذه العملية من قبل معظم القيادة والقواعد وقيادات جبهات القتال التي انقسمت على بعضها، ونحن لا نشك في نوايا من فكر في عملية الدمج وإنما كان اعتراضنا على القرار المفاجئ، فقد تم الدمج تحت اشراف القيادة المصرية التي كانت تقدم المال والسلاح حيث أن مصر كانت حينها تفكر في الانسحاب من الجمهورية العربية اليمنية بعد اللقاء بين الرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل في جدة، ولهذا سعت الى وحدة المناضلين في جبهة واحدة في ساحة الجنوب لتحقيق النصر على قوات الاحتلال البريطاني وقيام الدولة في الجنوب، ولا يخفى على أحد أن جوهر الصراع بين الجبهتين كان من سيحكم الجنوب بعد انسحاب بريطانيا من عدن، ولا يمكن أن ننكر أن هناك قوى خارجية لها اجندة حقيقية للوصول الى السلطة في عدن عبر بعض تلك التنظيمات المتواجدة على الساحة، ولكن الأمور حسمت على الأرض لصالح الجبهة القومية كما اشرنا سلفاً. [c1]صعوبة التعايش- ماذا كان سيحدث إذا استمرت عملية دمج الجبهة القومية مع جبهة التحرير؟[/c]- - كان من الصعب التعايش بين القيادتين في جبهة التحرير بسبب الصراع والخلاف بين القيادات القومية المتأثرة بالحركة وحزب البعث العربي الاشتراكي والموقف من السلاطين وكان من الافضل لو اتخذت الجهات التي كانت وراء الدمج طريقاً آخر بأن يحتفظ كل فصيل بقيادته وبرنامجه كما هو حال منظمة التحرير الفلسطينية ولهذا سمي بالدمج القسري كما هو حال الوحدة اليمنية اليوم. - هل لنا معرفة أهم خفايا واسرار ثورة 14أكتوبر التي لم تنشر بعد لاسيما بعد نصف قرن على قيامها؟- - اعتقد انه لا توجد اسرار بعد هذا التاريخ الذي مر عليه 49 عاماً ونحن نشرف على اليوبيل الذهبي للثورة واذا كان من سر فإنني استطيع ان أؤكد بان الجبهة القومية كانت واجهة لحركة القوميين العرب لان بعض عناصرها وقيادتها كانت منضوية في الفصائل الاخرى المكونة للجبهة القومية، وعلينا ان نعترف بان الثورة المسلحة كانت ترعاها مصر عبدالناصر، وكانت الثورة (26سبتمبر) قد ساعدت بعد قيامها بأن يكون الشمال منطلقاً للثورة في الجنوب إلى جبهات القتال.[c1]هما السبب - هناك من لا يزال مشدوداً إلى الماضي.. إلى ماقبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر.. كيف تقرؤون مثل هذه المواقف لبعض القوى الفاعلة في الوطن في المرحلة الراهنة؟[/c]- - الوضع اليوم في اليمن اسوأ مما كان عليه قبل قيام الثورتين فالعداء اليوم بلغ ذروته ليس ضد الوحدة التي كانت تهتف لها الجماهير ولكن ضد ابناء الوطن الواحد فاصبحت الكراهية بين المواطنين الذين لا ذنب لهم الا انهم وقعوا ضحية قيادات اوصلتهم الى هذا المصير من الفرقة والفوضى والحقد والكراهية، مع الاسف أن الذين وقعوا على الوحدة هم سبب في كل ما يعانيه الشعب من تمزق في الشمال والجنوب. [c1]التصدر للشباب- اليوم الشعب اليمني في شماله وجنوبه يتطلع الى يمن جديد وحكم رشيد ويقف على نقيض من المشدودين الى الماضي.. انتم اين تقفون الآن مما يعتمل داخل الوطن من صراع بين القوى المدنية والقوى التقليدية المعطلة لبناء الدولة الحديثة؟[/c]- - نقف كلياً مع إرادة شعبنا وخياراته ولذلك لا نريد أن ندخل في حلبة الإملاءات التي ملّها الشعب وسئمها وجربها، وقد أوضحت موقفي من كل القضايا الراهنة وحتى التاريخية في أكثر من مناسبة وأنا مع أن تتاح الفرصة للقوى الصاعدة والدماء الشابة لتتصدر المشهد على مختلف المستويات.. مع ضرورة إعادة الاعتبار والتعويض لمن تضرروا من الصراعات والحروب لاسيما حرب 94م التي على إثرها نشهد كل هذا الاحتقان والكراهية والنزاع الجديد بأثر رجعي وفي ظل واقع مأزوم يريد البعض من خلاله أن يعيد الماضي بأخطائه وفقاً لحساب المصالح الضيقة وتصفية الحسابات والتطرف والنفاق والمزايدة والمصادرة على أشكالها .[c1]ما يتفق عليه الجنوبيون- رؤيتكم التي خرجتكم بها في مؤتمركم الأخير الذي عقد في القاهرة بشأن حل القضية الجنوبية.. هل هي الرؤية نفسها التي ستشاركون على أساسها في مؤتمر الحوار الوطني القادم..أم أن ثمة جديداً سيطرأ على هذه الرؤية؟؟[/c]- - مايتفق عليه الجنوبيون من رؤية موحدة هي الأساس لمؤتمر الحوار الوطني.[c1]مع مصالحة جنوبية- كيف ستتم مشاركتكم في مؤتمر الحوار الوطني القادم كمكونات وقيادات متعددة للحراك الجنوبي؟[/c]- - لا نزال عند موقفنا في أهمية انعقاد مؤتمر مصالحة وطني جنوبي يخرج بمقررات واضحة ويزيل غشاوة التعدد على قاعدة عدالة القضية الجنوبية وتقرير المصير باستفتاء الشعب على كل الخيارات المطروحة لحل القضية الجنوبية.[c1]لا لقاء مع البيض وياسين- يتردد بأنكم التقيتم مؤخراً الدكتور ياسين سعيد نعمان الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني والاستاذ علي سالم البيض.. حول ماذا تكرس هذا اللقاء..؟[/c]- - كانت لنا لقاءات مع الاخ علي سالم البيض في العام 2011 وكنا نأمل من ورائها اقناعه بالمشاركة في مؤتمر القاهرة وأن يرأس هذا الاجتماع، كما طالبنا أن يرأس القيادة التي ستنتخب من هذا المؤتمر الذي شارك فيه عدد كبير من الطيف السياسي الجنوبي وكان هذا آخر لقاء.. أما ما تتحدثون عنه عن لقاء جمعنا مع السيد علي سالم البيض والدكتور ياسين سعيد نعمان في بيروت مؤخراً فلا أساس له من الصحة ونحن لسنا ضد أي لقاء أو تواصل مع الأخ علي سالم البيض أو مع غيره.[c1]متواصلون مع الجميع- وماذا عن تواصلكم ببقية قيادات معارضة الخارج الجنوبيين؟[/c]- - نحن على تواصل مستمر مع كافة الشخصيات والقوى السياسية من الذين حضروا مؤتمر القاهرة أو غيرهم وفي مقدمتهم الاستاذ عبدالله الاصنج والسيد عبدالرحمن الجفري والشيخ عبدالعزيز المفلحي والشريف حيدر الهبيلي.. وانا على تواصل مع كافة الشخصيات ليس في الجنوب فحسب وانما على مستوى اليمن.[c1]نحن مع الحوار-وجهة نظركم انتم وحيدر العطاس إلى مؤتمر الحوار الوطني الشامل تحمل مشروع الفيدرالية بين شطرين كيف توضحون هذه الرؤية؟[/c]- - نحن مع الحوار، ومقرارات مؤتمر القاهرة تؤكد ذلك وسبق وان اكدنا أن نجاح الحوار الوطني يتطلب معالجة القضية الجنوبية وفي المقدمة اثار حرب 1994م وسبق وان قدمنا مقترحات بالمعالجات أثناء لقائنا مع لجنة الاتصال للحوار الوطني وكذلك مع وفد سفراء الاتحاد الأوروبي وكذلك لجنة ادارة الأزمات.[c1]نرفض أي تهديد للحراك - بعض القوى السياسية في الساحة اليمنية ترفض النظام الفيدرالي والدولة المدنية الحديثة الامر الذي جعل العديد من فصائل الحراك الجنوبي والقوى الحية في الوطن غير متفائلة بما سيتمخض عنه الحوار..ما هي البدائل والمخارج لمثل هذه الاشكالية..برأيكم ؟[/c]- - نحن مع الحوار، ونرفض أي تلويح أو تهديد بالحرب ضد الحراك وشعبنا في الجنوب، والذي أوصلنا إلى هذا الوضع الخطير هو التطرف في المواقف التي الحقت ضرراً كبيراً بالوحدة اليمنية والتعايش بين أبنائها لأن مثل هذه الاساليب تعمق الحقد والكراهية، ولهذا نؤكد على استخدام لغة الحوار بدلاً من لغة السلاح التي جربناها ودفعنا ثمنها غالياً . - هناك إجماع إقليمي ودولي على ضرورة انجاح الحوار ومشاركة جميع اطراف العملية السياسية في صنع انجاز جديد من اجل يمن جديد لا يوجد فيه ظالم او مظلوم.. هل فعلاً هناك خطوط عامة لأجندة الحوار الوطني تم اقرارها من قبل الاشقاء والاصدقاء كما يتردد؟- - من خلال لقائنا مع مندوبي الاتحاد الاوروبي وبعض السفراء الاوروبيين ومع لجنة الحوار الوطني اكدنا لهم بكل وضوح ان لا سقف للحوار وانه يجب حل القضية الجنوبية بما يرضي الشعب في الجنوب الذي ظلم كثيرا منذ حرب صيف 1994، وكذا المعالجة التامة لآثار الحروب الست التي شنت دون وجه حق على اهلنا في صعدة.[c1]ندعو لنبذ الخلافات- تيارات ومكونات الحراك الجنوبي تعاني من الانقسام وعدم التوحد..وهناك اطراف ترفض الحوار وتطالب بفك الارتباط ..ما هي وجهة نظركم تجاه انقسام الحراك الجنوبي؟[/c]- - هناك صعوبات جمة في عملية التخاطب مع الحراك وهو بهذه الحالة من الانقسام التي تصب في مصلحة أعداء القضية الجنوبية، فقد أكدنا سابقاً ونؤكد ان قوة الحراك في وحدته وضعفه ومقتله في تمزقه، وانا ادعو كافة التيارات والاطراف إلى نبذ الخلافات وتوحيد الصفوف ورصها ليحصل اصطفاف جنوبي واسع، وأن الحراك السلمي هو نتاج لقضية عادلة، ومهما اختلفت الآراء وتباينت وجهات النظر ازاء القضية الجنوبية فإنه لا يقلل من اهمية حلها حلاً عادلاً يرتضيه الشعب في الجنوب. [c1]إلى أين؟!- حتى الآن لم تستكمل عملية انتقال السلطة بموجب المبادرة الخليجية ولازالت هناك عوائق كثيرة.. إلى أين في اعتقادكم يمضي الوطن؟[/c]- - المبادرة الخليجية متركزة بشكل أساسي على عملية انتقال السلطة وهي عملية لم تستكمل بعد كما لم تستكمل المبادرة مقتضياتها وبرنامجها المزمن الذي لم يتم الالتزام به، ومن هنا فإن الجواب عن سؤال إلى أين يمضي الوطن مرهون بانتقال السلطة والتخلص من ازدواجية القرار وعقلية التقاسم والمحاصصة وهي عوامل توفر بيئة صراع أكثر من بيئة وفاق، وأيضاً بنجاح الحوار الوطني والتهيئة الملائمة له.[c1]زيارة ناجحة - كيف تقيمون زيارة الرئيس هادي الأخيرة لأمريكا وبعض دول الإتحاد الأوروبي والسعودية..؟[/c]- - من خلال اطلاعنا على تصريحات الرئيس المشير عبدربه منصور هادي فان زيارته لكل من الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية والسعودية قد تكللت بالنجاح، ومن خلال مشاركته الشخصية أيضاً في مؤتمر المانحين قد استطاع الحصول على الدعم السياسي والمادي لانقاذ الوضع الاقتصادي المتردي في اليمن، والمهم برأينا أن تفي هذه الدول بالتزاماتها ووعودها لأن من شأن ذلك أن يساهم في معالجة الأزمة السياسية والاقتصادية. [c1]مواجهات تضر التسوية - المواجهات العنيفة بين الإصلاح والحوثيين وكذا الاصلاح والحراك..كيف تنظرون إلى مخاطرها على التسوية السياسية وأمن واستقرار البلاد..؟[/c]- - نتابع الأنباء عن مثل هذه المواجهات، وهي تؤثر سلباً على التسوية السياسية وتعكس حالة من عدم الاستقرار، ونحن نأمل أن تتدخل الدولة لوضع حد لمثل هذه الصراعات لأنها المعنية بمعالجة المشاكل بين كافة الاطراف في اليمن شمالاً وجنوباً، وأن لا تسمح بالفوضى والانفلات الأمني الذي يضر بحياة المواطن ويؤثر على عملية التنمية في البلاد.[c1]تصريحات تعمق الكراهية- ما هو تعليقكم على تصريحات الشيخ صادق الأحمر في ما يسمى بمؤتمر تحالف قبائل اليمن الذي عقد مؤخراً ويلوح فيها بالحرب على الحراك الجنوبي..؟[/c]- - هذه التصريحات أحدثت سخطاً واسعاً في أوساط الجنوبيين. وإن أية أقوال أو أفعال ذات طابع حربي لا تخدم التسوية السياسية والسلم الأهلي وتدفع إلى الاقتتال بطبيعة الحال، وسبق وأكدت اننا نرفض التلويح بالحرب ضد اي طرف كان ، فكيف اذا كان التلويح بالحرب ضد الجنوب الذي لا يزال يعاني من حرب 1994م واثارها المدمرة للوحدة الوطنية واليمنية، وإن من شأن هذه التصريحات تعميق الكراهية وتأجيج الصراع وتعطيل عملية الحوار أو أي حل سلمي، ومثل هذه اللغة لم تعد مجدية فالأولى ان يسهم الجميع في دعم لجنة الحوار الوطني في تنفيذ مهامها الوطنية لا تعقيد الامور اكثر مما هي معقدة. [c1]يهمنا إنقاذ الوطن- في حال نجاح الحوار الوطني المرتقب هل لديكم نية للترشح في الانتخابات الرئاسية عام 2014م لاسيما وان شعبيتكم تتزايد يوماً عن يوم في عموم الوطن؟[/c]- - ما يهمنا في الوضع الراهن هو المساهمة في انقاذ الوطن من وضعه المتردي وانجاح الحوار الوطني ولا اعتقد ان هناك شخصية سياسية تشغل نفسها في التفكير أو الدخول في لعبة الانتخابات قبل وضع العملية السياسية في مسارها الصحيح.. ما يهمنا الآن هو العمل مع الشباب لنجاح ثورتهم بكل اهدافها وايجاد حل عادل للقضية الجنوبية وقضية صعدة، وانا لا ابحث عن دور شخصي بقدر ما أبحث عن حل لمشاكل الوطن فقد جربنا السلطة من أدناها إلى أقصاها.[c1]استعادة الأهداف العظيمة- كلمة تودون قولها عبر صحيفتي «26سبتمبر» و«14اكتوبر»؟[/c]- - اهنئ الجميع وكل المناضلين بأعياد ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، واتمنى ان نستعيد الألق والاهداف العظيمة للثورتين حتى لاتذهب تضحيات الشهداء والمناضلين هباء، ونطالب بالاهتمام بأسر كل من ضحى من أجل الوطن خلال كل المراحل والافراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين ومعالجة الجرحى وتعويض كل من يستحق . [c1]وكل عام وأمتنا بألف خير ... والمجد والخلود للشهداء[/c].