الحرب العالمية الأولى وسلطنات الجنوب العربي يتميز الجنوب العربي بموقع جغرافي فريد يمتد من باب المندب غرباً وجبل الشيخ سعيد من على امتداد المداخل الجنوبية للبحر الأحمر ومداخل المحيط الهندي ما جعله يكسب أهمية إستراتيجية جعلته نقطة صراع منذ الحقب التاريخية للتنافس والحماية للمصالح الإستراتيجية والتجارية في المحيط الهندي وباب المندب،وجسراً دولياً في وسط المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط. وبهذه المكانة الإستراتيجية للجنوب العربي وجد هذا الشعب نفسه داخل حلقة الصراع الدولي للسياسة التي أفرزتها الحربان العالميتان من بروز سمة جديدة للعصر في الصراع السياسي في ذلك الوقت (المعسكر الاشتراكي - المعسكر الرأسمالي) وهذا الصراع أدى إلى بروز حركة التحرر الوطني من الاستعمار في حق تقرير المصير للشعوب والتي أقرتها الأمم المتحدة لتصفية مخلفات الاستعمار لنيل الاستقلال لهذه الشعوب.وثورة 23 يوليو في مصر 1952م لعبت دوراً بارزاً في التأثير على مجريات الأمور في الوطن العربي والشرق الأوسط عموماً سواء من حيث المفاهيم والمنطلقات الفكرية التي طرحتها كمنهاج وخطة عمل على الصعيد الداخلي أو بالنسبة لمجمل تحالفاتها وعلاقاتها مع القوى والأنظمة القائمة ونظرتها لطبيعة التحالف مع القوى الخارجية.والواقع أن تأثير الثورة على الحركة القومية العربية كان كبيرا لدرجة أنه ما من حزب قومي إلا وطلب ربط مصيره بمصير ثورة مصر التي قادها عبدالناصر وكانت حركة القوميين العرب الأكثر تأثراً بالثورة المصرية. ودخل الجنوب العربي ضمن هذا الصراع القومي لمفهوم الوحدة العربية ويمننة الجنوب على طريق قيام الدولة العربية الموحدة من خلال إنشاء الحركة الوطنية والمتمثلة في مجموعة من التنظيمات السياسية للعمل الوطني وتفعيل دورها مع كافة الشرائح في المجتمع المدني المتمثل في النقابات العمالية والمهنية وغيرها من التحالفات الشعبية لكي تلعب دوراً كبيراً في توعية الشعب نحو حركة التحرر الوطني ودعوة إلى دمج إمارات الجنوب العربي مع اليمن على طريق الوحدة العربية وبانتصار ثورة يوليو ودعمها للقوميين قدر لهذا الشعب أن يسجل صفحة من صفحات الدمج القسري لهوية وتاريخ وثقافة شعب الجنوب العربي المتأصل في جذور التاريخ الإنساني والحضاري في مملكاته الأولى مثل مملكة حضرموت التي سادت قبل ثمانية عشر قرناً قبل الميلاد ومملكة قتبان التي تعتبر أول دولة أسست نظاماً برلمانياً في العصر القديم الذي يعتبر بمثابة نظام البرلمانات الحديث. أًسس مبدأ القرار الجماعي وكان ذلك بداية العصر الميلادي وكذلك شق الطرقات وترصيصها بالأحجار وحفر الأنفاق لتسهيل طرق القوافل التجارية. وبهذه الدعوة القومية وبحسن النوايا لشعب الجنوب التواق لوحدة الأمة تخلى عن كل هذا التاريخ ليقدم للأمة أروع صور التضحية والحب قوبلت بالجحدان والنكران وطمس الإنسان. عاشت الدول العربية والإسلامية قبل عام 1918م تحت إدارة الخلافة العثمانية وبهزيمة العثمانيين منحت بعض الدول استقلالها مثل مناطق أقاليم شبه الجزيرة العربية التي منحت فيها تهامة وزبيد استقلالها عن الخلافة العثمانية وذلك بحسب الاتفاقية التي أبرمت في 25 ذي الحجة سنة 1336هـ الموافق 31 ديسمبر 1918م عقدت الهدنة بين دولة تركيا والمملكة البريطانية وحلفائهما وقد قبلت تركيا بلا قيد أو شرط بعد هزيمتها هذه الاتفاقية وقد حددت الاتفاقية بين الأتراك والبريطانيين على مسالة الحدود وتسليم الحكم في اليمن إلى الإمام يحيى بعد أن تكبدوا خسائر في حربهم إلى جانب ألمانيا وقد هاجم قائد الجيوش التركية علي سعيد باشا سلطنة لحج العبدلية في 22 شعبان من عام 1333هـ وفي الساعة الحادية عشرة ظهراً بدأت تتجمع القوات العثمانية حول لحج وفي الساعة الرابعة عصراً هاجم الأتراك مدينة الحوطة وأطلقوا عليها المدافع وفي صباح يوم الاثنين الساعة العاشرة أبيحت المدينة للناهبين ثلاثة أيام وأصبحت المدينة خراباً وأهلها فقراء ففشت المجاعة في البلاد وضجت العباد حتى فتحت الطريق إلى عدن وفي ليلة غرة شهر رمضان توفي السلطان علي بن أحمد بن علي سلطان لحج وخلفه ابن عمه السلطان عبدالكريم فضل بن علي وقد شنت الحرب تحت فتوى شيخ الإسلام في الأستانة الذي صرح لهم إباحة أموال المسلمين المهاجرين لأنهم فروا من بلاد المسلمين للنصارى والمراد بها عدن وهو الميناء الرئيسي لسلطنة لحج التي سقطت تحت يد الانجليز في ذلك الوقت وتركيا تحارب لصالح ألمانيا وهي حرب ليس للمسلمين فيها لا ناقة ولا جمل على ما ذكرت في المصادر.وقد سعى السلطان (عبدالكريم )بدور كبير في جعل من اليمن دولة موحدة مستقلة تضم كل من الشوافع والزيود في اليمن تحت سيادة الإمام يحيى معارضا قيام دولتين أحداهما في صنعاء وأخرى في تعز وفي مارس 1919م انسحبت كافة القوات التركية وبهذا تم تعيين الإمام يحيى بن حميد الدين ملكاً على المملكةالمتوكلية وذهب في توسعه ناقضاً كل الاتفاقيات والمساندة في دعمه من أشقائه في الجنوب والسلطان عبدا لكريم في لحج وبدأ يفرض سياسة أمر الواقع من أجل احتلال سلطنة لحج العبدلية وهي إحدى سلطنات الجنوب المهمة.وفي عامي 1926-1925م بدأت مسألة مناقشة اتفاقيات الحدود مع الإمام يحيى فرفض الاعتراف بهذه الاتفاقيات وأدخل إمارات الجنوب العربي والملكة المتوكلية في دوامة الصراع السياسي المدعوم لصالح قوى أخرى.لقد تعرض سلاطين إمارات الجنوب العربي إلى هجوم كبير بوصفهم دعاة للانفصال والفرقة وبالخيانة لأوطانهم وأن هذه القوى المدعية متناسية الحقائق التاريخية لهذا الشعب الذي يشكل مجموعة إمارات ومشيخات ووجودها وجود تاريخي يؤكده العصر الإسلامي الذي نشأت فيه أكبر دول في الجنوب العربي اشتهرت بتراثها التاريخي العظيم. وفي عام 1948م وبعد قيام جامعة الدول العربية تقدمت السلطنة العبدلية بمذكرة إلى هذه المنظمة العربية طالبت قبولها عضواً أو تمثيلها في اللجنة الثقافية أسوةً ببلاد المغرب فاعترضت حكومة اليمن على ذلك الطلب بحجة أن لحج محمية بريطانيا وجزء مقتطع من اليمن ولا يمكن بأي حال أن يكون لها ممثلون في الجامعة العربية وعلى هذا الأساس فليس لحضرموت أو لحج أن تعتبر نفسها سلطة قائمة بذاتها وأن تثبت وجودها في الخارج كهيئة أو حكومة ذات سيادة مستقلة.وقد اثار ممثلو اليمن زوبعة كبيرة ضد سلطنة لحج على الرسالة التي قدمها السيد محمد علي الجفري مستشار عظمة سلطان لحج لصاحب الدولة رئيس الوزارة المصرية بتاريخ 8 ربيع الثاني سنة 1367هـ الموافق 18 فبراير عام 1948م وضح فيها مزاعم المعارضين لتمثيل لحج في الجامعة العربي بحجج قاطعة لا تدع مجالاً لأولئك الذين يحلمون بضم إمارات الجنوب العربي إلى اليمن.وهذا نص المذكرة السياسية التي أرسلتها سلطنة لحج إلى الجامعة العربية والوفود التي حضرت جلسات الجامعة في شهر فبراير 1948م.[c1]حضرة صاحب الدولة..[/c]بعد الإجلال والاحترام اطلعنا اليوم على اعتراضات أبداها حضرة مندوب حكومة اليمن على انضمام سلطنة لحج إلى بعض لجان جامعة الدول العربية عامةً كما اطلعنا على نشرات أخرى غير صحيحة نشرتها جريدة المصري حول هذا الطلب وإني بصفتي مستشار عظمة السلطان وقد انتدبني لتمثيله في الجامعة أتشرف بأن أقدم لدولتكم المذكرة الآتية:أولا: أن سلطنة لحج مستقلة منذ مائتين وثلاثين عاماً وقبل أن يكون للانجليز أي تدخل في السياسة العربية وقبل أن تستقل اليمن بمائتي سنة.ثانياً: أن سلطنة لحج ليست محمية بريطانية ومعاهدتها مع الانجليز معاهدة صداقة وود وقد سلمنا الصورة الرسمية عنها إلى معالي الأمين العام.ثالثاً: أن عظمة السلطان لا يتقاضى مرتباً من الانجليز ولكن بريطانيا فيمقابل استثمار ملاحات بلدة الشيخ عثمان ومقابل المياه الحلوة المستغلة منها تدفع نحو أربعين ألف روبية.رابعاً: أن سلطنة لحج مستقلة استقلالاً داخلياً كاملاً ولا يوجد فيها مستشارون إنجليز ولا أي موظف إنجليزي ولا أي مندوب من قبل بريطانيا في أي دائرة ولا المحاكم الشرعية.خامساً: أن سلطنة لحج مستعدة لتنفيذ الرغبات العربية القومية ولكنها لا تقبل الانضمام إلى حكومة لا تقوم على أساس نظامي من دستور أو قانون وتطلب من جامعة الدول العربية انتداب لجنة تكون ضيفة عليها لتحقيق الأوضاع الحاضرة في لحج واليمن وترى الفرق الشاسع بينهما في النظام وحكم الشورى والحرية الشخصية وحالة التعليم والصحة وغير ذلك من المرافق العامة.فمن هذا يتضح ما في تلك الأقوال من مغالطات غير صحيحة، كما أننا نطلب سماع ردنا عليها والوقوف على وجهة نظرنا في مواجهة حضرة مندوب حكومة اليمن الذي لم يراع الأصول السياسية المتعارف عليها بين الحكومات وبعضها.وفي الختام أرجوا أن تتفضلوا بقبول فائق الاحترامهذا وإني أختم كلمتي بأنه ليس هناك طريق للوحدة اليمنية وتنفيذ الرغبات القومية العربية إلا الطريق الذي ألمحت إليه آنفاً، أن تقوم في اليمن حكومة نظامية مدنية تعترف بوجود العلم والفن ولا تعتبر الجامعات والكهرباء والراديو والطيارات من عمل الشيطان،،.محمد علي الجفري[c1]الحركة الوطنية ويمننة الجنوب العربي[/c]ظلت عدن بعد سقوطها في أيدي البريطانيين تابعة لحكومة بومباي وكانت بريطانيا تهتم بالميناء فقط فهي تسعى لزيادة التبادل التجاري مع الأقاليم المحيطة وكانت تركز اهتمامها لتعزيز التجارة بين الشرق والغرب في ميناء عدن ولم يتدخل الإنجليز في شؤون إمارات الجنوب العربي إلا بعد معاهدات الحماية دون تدخل فعال في شؤونها وفي أول إبريل عام 1937م فصلت عدن عن الحكومة الهندية كولاية تابعة لها إلى مستعمرة تابعة للتاج الملكي البريطاني مع استمرارها كميناء حر وجاء هذا التغير في سلسلة المتغيرات الإستراتيجية التي حكمت بين الشرق والغرب لهذا عملت بريطانيا لنقل كافة مهام السلطة الإدارية إلى وزارة المستعمرات تحسباً لأي متغيرات دولية وكذا استقلال الهند التي نالته في عام 1947م وكل هذه الظروف والمتغيرات في معطيات أمور الجنوب العربي أدت إلى بروز المشاركة الفعلية في الصراع مابين دعاة الاستقلال بالثورة السلمية في نيل حق تقرير المصير وبين دعاة الثورة المسلحة في الجنوب نحو تحقيق الوحدة العربية اليمنية.وعلى هذه المتغيرات بدأت بريطانيا في عام 1947م على تأسيس مجلس تشريعي يضم ثمانية من الموظفين وثمانية آخرين من غير الموظفين يتولى الحاكم العام تعيين أربعة من الفئة الأولى مع أفراد الفئة الثانية ودخلت عدن ومع إمارات الجنوب مرحلة جديدة من العمل السياسي تجلى ذلك في ظهور منظومة الأحزاب السياسية وإنشاء الجمعيات والنقابات وفي بداية الخمسينات تكونت الجمعية العدنية وحزب رابطة أبناء الجنوب العربي وكذا مجموعة من الأحزاب الصغيرة التي لم تنجح في الاستمرار مثل الحزب الوطني الاتحادي والمؤتمر الدستوري وحزب الأمة والحزب الشعبي.وفي يوليو عام 1955م طالبت الجمعية العدنية وحزب الرابطة بانتخابات فعلية للمجلس التشريعي في عدن وقد تم تحديد عدد المرشحين للانتخاب في بعض الأعضاء لأول مرة أن يعتمد الترشيح على أربعة وقد تحصلت الرابطة على ثلاثة مقاعد من الأربعة المرشحين وبهذا ظل الحاكم العام يملك الصوت المرجح في المجلس وفي مايو 1956م قدمت الرابطة مجموعة من المقترحات لتحقيق مزيد من الخطوات في طريق الحكم الذاتي وإقامة مجلس تشريعي منتخب ووزارة منتخبة والاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية والعمل على تخفيض عدد الموظفين الانجليز في المستعمرة للمناصب العليا وفي نوفمبر 1957م أعلنت الحكومة البريطانية عن تغييرات دستورية جديدة في المجلسين التنفيذي والتشريعي ونص الدستور الجديد الذي تحول إلى قانون في نوفمبر 1958م على أن يضم المجلس التشريعي الجديد أثني عشر عضواً منتخباً وخمسة أعضاء بحكم مناصبهم في الحكومة وستة معينين ورئيساً يعينه الحاكم العام وقد أزالت هذه الترتيبات الجديدة الأغلبية التي كانت للموظفين في المجلس التشريعي وعهدت بالمسؤولية دوائر التعليم والأشغال العامة والمواصلات والعمل والخدمات الاجتماعية والصحة إلى خمسة من أعضاء المجلس التشريعي على أن يكون ثلاثة منهم منتخبين وظل الحاكم محتفظاً بالسلطات التشريعية والتنفيذية في يديه إلا أن اللغة العربية أصبحت للمرة الأولى اللغة الرسمية والبديلة عن الانجليزية في المجلس التشريعي.وبدخول رابطة أبناء الجنوب العربي انتخابات المجلس التشريعي وجهت لها ضربة سياسية قوية في سمعتها في ذلك الوقت من قبل أعضائسها الذين أيدوا المقاطعة وقد اشتعلت بينهما الاختلافات وأظهرت التناقضات. وبهذا الموقف عملت القوى الوطنية على تجميع النقابات في عدن وقد كانت توجد في عام 1955م ثلاث نقابات وازداد عدد هذه النقابات فيما بعد إلى 25 نقابة حتى بلغت عام 1956م إلى 30 نقابة وفي نفس هذا العام أنشئ مؤتمر عدن للنقابات (المؤتمر العمالي) ويضم فيه اتحاد عمال الميناء والبترول، والوظائف المتنوعة الحكومية والمواصلات والبريد والوظائف المهنية والوظائف المتنوعة. وفي عام 1962م شكل حزب الشعب الاشتراكي كواجهة للعمل السياسي بما يسمى مؤتمر عدن للنقابات وتعتبر هذه المرحلة هي مرحلة البدايات للثورة بمفهومها الشامل كمقدمة إستراتيجية للعمل السياسي والشعبي تحت نظريتين، معركة التحرير للجنوب العربي متمثل في الثورة السلمية، ومعركة الثورة المسلحة المتمثلة في أيدلوجية الفكر القومي للوحدة العربية ويعتبر حزب الشعب الاشتراكي هو الحزب السياسي الوحيد الذي أنشئ في ذلك الوقت وقد برز على أنقاض حزب الرابطة بعد هزيمته السياسية على كافة الجوانب الشعبية والنقابية بغض النظر عما حققه من انجازات سياسية على صعيد العمل السياسي وتقديم قضية الجنوب العربي في المحافل الدولية والأمم المتحدة.باندلاع الانتفاضة المسلحة بقيادة الشيخ غالب بن راجح لبوزة من ردفان بدأت التناقضات على الساحة السياسية بين مؤيد ومعارض فالأحزاب التي نادت بالعمل السلمي لانتزاع الاستقلال باعتباره الأسلوب الوحيد الذي يلبي مطالب جماهير الشعب وأهدافه وآماله مثل حزب رابطة أبناء الجنوب العربي الذي انطلق من أن الجنوب العربي شعب مستقل عن ما يسمى بالتراب اليمني وهو يعتبرها نظرية خرافية لأنه لا يوجد شيء اسمه طين يمني متميز بملامح وسمات وخصائص وصفات عن التراب العربي ويعتبرون هذا الموضوع موضوعاً جدلياً لا طائل تحته ولا جدوى إطلاقا من إثارته معتبرين أن الجنوب جنوب عربي ليس من حيث شكل التسمية ولكن من حيث الجوهر والمحتوى والدلالات التاريخية وقد شجبت الرابطة النضال المسلح واعتبرته خطراً يهدد الجنوب بالدمار.أما حزب الشعب الاشتراكي يعتبر النضال المسلح وسيلة رئيسة للضغط على الاستعمار من أجل الوصول إلى حلول سياسية أفضل وليس لإحراز انتصار عسكري حاسم وقد أيد ذلك الطرح حزب البعث في الجنوب والتزاماً بذلك الخط مضمونا ومحتويا وسلوكاً.[c1]الاتجاه الثاني: تيار الثورة المسلحة ينقسم إلى قسمين[/c]بدأت فكرة الثورة عبارة عن تيار نظري ولم تكتمل لدى الثورة أية خطة عمل إستراتيجية للعمل السياسي والعسكري والشعبي وكما ذكرنا سابقاً أن المؤتمر العمالي للنقابات لعب دوراً كبيراً في تحريك الشعب للمظاهرات والاحتجاجات والإضرابات والعصيان المدني وفي خلال هذه الفترة تمت لقاءات بين القوى الوطنية دعا إليها بعض رجال القبائل البارزين وممثلون من ضباط الجيش الاتحادي وممثلون عن حركة القوميين العرب واستطاعت هذه الشخصيات أن تتزعم الدعوة لاجتماع القوى الوطنية في دار السعادة بصنعاء وذلك في تاريخ 24فبراير سنة 1963م وفي هذا الاجتماع الذي حضره أكثر من ألف شخص من القبائل ومن الجنود ومن الضباط الأحرار وممثلي حركة القوميين العرب استقرت الرؤى على تشكيل لجنة تحضيرية لتقوم بإعداد مشروع ميثاق في صيغة نداء إلى الفئات الوطنية لكي تلتقي في جبهة واحدة أطلق عليها في البداية جبهة تحرير الجنوب المحتل وانتخبت لجنة تكونت من 11 عضواً تم اختيارهم من الحاضرين وكان من أبرزهم قحطان الشعبي وناصر السقف وعبدا لله المجعلى ومحمد على الصوماتى وثابت علي المنصوري ومحمد أحمد الدقم وبخيت مليط وأحمد عبدا لله العولقي وعيد روس حسين قاضي وعلي محمد الكازمي وعبدا لله محمد الصلاحي. وعقدت اللجنة التحضيرية عدة اجتماعات توصلت بعدها إلى إعداد مشروع ميثاق تمت الموافقة عليه في 8 مارس سنة 1963م وأقره الحاضرون من رجالات القبائل والضباط والجنود الأحرار وممثلي القوميين العرب ويتكون الميثاق من مقدمة ومن نقاط عريضة حددت الأهداف والمبادئ التي تناضل من أجلها.وفي 19 أغسطس 1963م صدر بيان رسمي بقيام الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل وشكلت قيادة للجبهة مكونة من ستة ممثلين عن قطاع القبائل وستة ممثلين عن حركة القوميين العرب وقد لعبت أحداث 14 أكتوبر 1963م التي حدثت بين قبائل ردفان والسلطات البريطانية عندما وجه إنذاراً إلى قبائل ردفان بتسليم السلاح وبدأ التحدي بإرسال قوات ضخمة مدعمة بالمصفحات والدبابات وطائرات لقصف قرى ردفان وتأديب قبائلها ما أثار الشيخ غالب بن راجح لبوزه ودفعه في دخول معركة مسلحة مع القوات البريطانية مما جعل الجبهة القومية أمام أمر واقع فاستغلتها الجبهة القومية وأعلنت في بيان لها اندلاع الثورة المسلحة وأنها المسئولة عن أحداث 14 أكتوبر وبهذا الموقف قضت الجبهة القومية على كافة معارضيها في قيام الجبهة المسلحة للتحرير وقد قرأ البيان من صنعاء أثناء وجود بعض كبار المسئولين العرب في صنعاء وطلبت الجبهة القومية تدعيمها بالسلاح والإمكانيات الضرورية لاستمرار الثورة فوافق المسئولين العرب على أمداد الجبهة ببعض المتطلبات على أن يدرس الموضوع في القاهرة وبعد ذلك عززت جبهة ردفان ببعض الإمكانيات لتقوية استمرارها وأرسلت الجبهة القومية ممثلاً عنها ليتولى قيادة الجبهة وهوا لشيخ عبدا لله المجعلي وذلك بعد استشهاد الشيخ غالب بن راجح لبوزة في أول يوم لاندلاع الثورة في ردفان وبهذا أصبحت ثورة ردفان شعلة للثورة الشاملة في ربوع الجنوب العربي كله وقد عملت الجبهة القومية على توسيع نشاطها في تلك الفترة وبدأت تستقطب بعض التجمعات السرية التي ظهرت في المنطقة قبل قيام الثورة المسلحة وبدأت في السعي لانضمام هذه التجمعات مثل جبهة الإصلاح اليافعية والجبهة الوطنية والمنظمة الثورية لتحرير الجنوب وتنظيم الضباط الأحرار والجبهة الناصرية وبهذا أصبحت الجبهة القومية مكونة من سبعة تنظيمات سرية استطاعت بالفعل أن تتوسع وأن تتغلغل في كافة صفوف الجماهير وأن تقطع دابر تلك التشكيلات والأحزاب السياسية التي لها موقف من الثورة المسلحة.أما الأحزاب السياسية الأخرى مثل حركة القوميين العرب والبعثيين والشيوعيين رغم حجم كل منهم ودوره فقد ساهمت إلى حد ما فكرياً في تعميق أسلوب النضال المسلح في أوساط الجماهير في المنطقة وقد التزم حزب البعث في الجنوب بخط حزب الشعب الاشتراكي.[c1]الدمج القسري وجبهة التحرير[/c]في 23 /12 /1963م دعا الرئيس جمال عبدا لناصر إلى مؤتمر القمة العربية الأول ومن أجل ذلك عمل على توحيد الصف العربي وتنقية الأجواء وكانت هذه الخطوة بمثابة تنشيط لدور الجامعة العربية وفي يوم 5 /7 /1964م عقدت بمبنى الجامعة العربية بالقاهرة وتحت رعايتها مؤتمر وطني للجنوب المحتل حضرة الأمين العام المساعد للجامعة وعدد من الأحزاب والهيئات والشخصيات المستقلة وحزب الشعب الاشتراكي وحزب رابطة أبناء الجنوب العربي والمؤتمر الشعبي بحضرموت والاتحاد الشعبي الديمقراطي والسلطان علي عبدا لكريم العبدلي والسلطان أحمد عبدا لله الفضلي ومن المشايخ محمد أبوبكر بن فريد وشخصيات مستقلة مثل السيد عبدا لقوي مكاوي وعمر شهاب وقد عبر الأمين العام في كلمته عن غرض الرئيس إلى هذا اللقاء وهو الوقوف صفاً واحداً في مواجهة الاستعمار واتخاذ خطة موحدة لدعما لنضال الوطني والتوجه يداً واحدة إلى لقاء اللجنة الفرعية لتصفية الاستعمار التي تزور القاهرة لتستمع إلى أبناء الجنوب العربي المحتل. وقد أصدرت الأطراف المجتمعة بياناً مشتركاً وتحديد إطار العمل الوطني في مواجهة الاستعمار يداً واحدة والنضال المقدس وشجب مؤتمر لندن اللادستوري والمطالبة بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالجنوب المحتل.وفي يوم 30 /7 / 1964م وقعت الأطراف على الميثاق الوطني الذي نص على إقامة مجلس تنسيق يمهد لقيام تكتل وطني في الجنوب. وفي 1 /10 /1964م شكلت قيادة من 12 عضوا لتكوين المنظمة لتوحيد النضال وقيام المنظمة وتم التوقيع من قبل الأطراف المشتركة على دستور منظمة تحرير الجنوب المحتل مقرها الجنوب المحتل ولها فروع داخل العالم العربي وخارجة وحدد الدستور الأعضاء المؤسسين للمنظمة: حزب رابطة الجنوب العربي، حزب الشعب الاشتراكي، هيئة تحرير الجنوب اليمني وشخصيات من الجنوب وكذا السلطان علي عبدا لكريم. والسلطان أحمد عبدا لله الفضلى. ومحمد عيد روس اليافعي والشيخ محمد أبوبكربن فريد.في 13 يناير 1966م وقع بيان عن منظمة تحرير الجنوب المحتل والجبهة القومية وعرض البيان لأبرز أسباب قيام جبهة التحرير بأنها تطورات جديدة للموقف الاستعماري وأن القوى الوطنية تقف ممزقة ومتصارعة أمام الاستعمار ومخططاته ولهذا اتفقت الجبهة القومية ومنظمة التحرير على الاندماج في تنظيم ثوري واحد لقيادة الشعب يحمل اسم جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل وفي اليوم الثاني أعلن السيد قحطان محمد الشعبي الأمين العام للجبهة القومية بلاغاً إلى الصحافة حدد فيه موقف الجبهة من حدث الدمج ونفى قيام الدمج بين التنظيمين وأن الذي وقع على بيان الدمج هو عضو واحد من الجبهة القومية وهو إجراء غير شرعي قام به وأنه مخالف للميثاق الوطني والنظام الداخلي وأن أي اندماج لا يقرره المجلس التنفيذي أو المجلس الوطني بل أنه من صلاحيات المؤتمر الوطني الذي يضم المجلس التنفيذي والمجلس الوطني وممثلين لكل قواعد الجبهة العسكرية والشعبية وأكد البلاغ أن الجبهة القومية مستمرة في قيادة الثورة بتنظيماتها العسكرية والشعبية والفدائية .[c1]الحرب الأهلية والاستقلال[/c]إن الخلاف بين الجبهتين أدى إلى ضرب الجبهتين وتعميق الخلاف بينهما وسنلخص وجهة نظر الجبهة القومية على أساس أن تكون الوحدة الوطنية على تنسيق عسكري وسياسي فقط أما الاسم فهو الجبهة المتحدة لتحرير الجنوب اليمن المحتل أن تكون نسبة التمثيل 50 % لكل من الجبهتين أما جبهة التحرير فكانت وجهة نظرها أن الجبهة لا تمانع أن تكون الوحدة الوطنية على أساس التنسيق العسكري والسياسي على أن تحقيق الوحدة كاملة بين قواعد وقيادة الجبهتين وأن الاسم لا يقدم ولا يؤخر وإن كانت تحرص على اسم جبهة التحرير نظراً لاعتراف الدول العربية والصديقة بها أما التمثيل فأكدت جبهة التحرير أن هذا ليس مشكلة أساسية وتوافق عليها على المستوى السياسي أما المستوى العسكري بنسبة 6:2ثلثين لجبهة التحرير وثلث للجبهة القومية وقد رفضت الجبهة القومية هذا الاقتراح وانتهت المحادثات الأولى بالفشل وبدأت المعارك بين الجبهتين وخرجت كافة الزعامات الوطنية والدينية وفئات الشعب تنادى بإيقاف الاقتتال الأهلي واستجابت الجبهتين لهذه النداءات وفي يوم 1967/10/3م حددت الجبهتين موعد ومكان الاجتماع في القاهرة خارج نطاق الجامعة العربية لمناقشة النقاط الأربع التي نص عليها الاتفاق السابق وقد ابتدأ القتال في 29 /9 /1967م وفي 10 /10 /1967م بدأت اجتماعات الوحدة الوطنية من جديد في القاهرة وتعثرت المحادثات من الوهلة الأولى ووصلت إلى موقف متأزم عند مناقشة مسئولية الحكم وقد انفض الاجتماع بين الطرفين دون جدوى .وفي 23 /10 /1967م أعلنت بريطانية الانسحاب من الجنوب العربي وقررت الانسحاب خلال الأسابيع الثلاثة القادمة أي قبل شهرين من الموعد المقرر لمنح الاستقلال للجنوب العربي في 9 يناير المقبل عام 1968م وقد بادرت كلاً من الجبهتين بإعلان بيان رسمي يعلن فيها لاتفاق على جميع المسائل التي تم بحثها لمطالبة الشعب والجيش الوقوف بصلابة في وجه ما من شأنه الإضرار بثورته وفي 1967/11/2م وقعت اشتباكات بين القومية والتحرير طوال يوم استخدمت فيها كافة الأسلحة التي بحوزتهم وفي يوم 4 /11 /1967م وجهت القومية والتحرير نداءً مشتركاً من القاهرة تطالب الوطنيين في عدن بإيقاف القتال وفي يوم 7 /11 /1967م أعلن الجيش تأييده للجبهة القومية وتدخل بالفعل لصالح الجبهة القومية وحسم الموقف وفي 9نوفمبر 1967م أعلن سيف الضالعي رئيس المكتب السياسي للجبهة القومية أنه يجب على بريطانيا أن تعترف بسيادة الجبهة القومية على الجنوب وأن تبدأ بالتفاوض معها بشأن نقل السلطة إليها بعد الاستقلال ويعتبرها الممثل الوحيد للشعب وفي يوم 11 نوفمبر 1967م أعلن متحدث في لندن باسم وزارة الخارجية البريطانية أن بريطانيا قد ردت على طلب الجبهة القومية بالاعتراف بها رسمياً باعتبارها الحكومة الفعلية في عدن وبعدها بدأ الحوار فعلاً بين الجبهة القومية والحكومة البريطانية وفي 21 /11 /1967م بدأت المباحثات الخاصة بالاستقلال للجنوب العربي برئاسة قحطان الشعبي ممثل الجبهة القومية وكلاً من فيصل عبدا للطيف الشعبي وسيف الضالعي وعبد الفتاح إسماعيل ومحمد أحمدالبيشى واستمرت المفاوضات حتى 27نوفمبر 1967م والوفد البريطاني برئاسة لورد شاكلتون وهكذا ففي 30 من نوفمبر 1967م ولدت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وفي اليوم نفسه أصدرت القيادة العامة للتنظيم السياسي للجبهة القومية بياناً أعلنت فيه الجبهة القومية السلطة العليا في الجمهورية وأعلن في البيان عن أتباع الشكل الرئاسي للحكم وعين قحطان محمد الشعبي رئيسا للجمهورية ورئيس كذلك مجلس الوزراء وقائداً عاماً للقوات المسلحة وسيف الضالعي وزيراً للشؤون الخارجية وعلي سالم البيض وزيراً للدفاع ومحمد علي هيثم وزيراً للشؤون الداخلية ووزيراً للصحة بالوكالة ومحمود عبدا لله عشيش وزيراً للمالية وعبد الفتاح إسماعيل وزيراً للثقافة والإرشاد القومي وشؤون الوحدة اليمنية وفيصل عبدا للطيف الشعبي وزيراً للاقتصاد والتجارة والتخطيط وعادل محفوظ خليفة وزيراً للعدل والأوقاف وفيصل شملان وزيراً للأشغال العامة والمواصلات وعبدا لملك إسماعيل وزيراً للعمل والضمان الاجتماعي ومحمد عبدا لقادر بافقيه وزير التعليم وسعيد عمر العكبري وزير لشؤون الإدارة المحلية والزراعة وحدد البيان دور ومكان الجبهة القومية في البلاد بأنها قائد الثورة والسلطة العليا وكما أعلنت المبادئ الأساسية لسياسة الدولة في الحقل الخارجي وهي الالتزام بميثاق الأمم المتحدة والحياد الايجابي وعدم الانحياز والتضامن مع شعوب البلدان والعداء للاستعمار وفي 12 ديسمبر 1967م قبلت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية عضواً في جامعة الدول العربية وفي 15من ديسمبر من نفس العام قبلت في منظمة الأمم المتحدة،،[c1]للأهمية يشار إلى التالي:[/c]أن سلاطين هذه الإمارات ليست بريطانيا من منحتهم هذه الألقاب وليست هي من جعلتهم سلاطين على هذه الأرض ولم يفصلوا هذا الجزء من اليمن كما يوهم الآخرين في مقالاتهم وخطبهم السياسية.أستقل السلطان فضل بن علي العبدلى بمخلاف لحج وعدن من الأتراك سنة 1145هـ وأقر الحوطة عاصمة له وأسس السلطنة العبدلية في ظل ظروف اختلال أحوال العرب بالحروب الوهابية وتوسع محمد علي باشا على السيطرة لباب المندب فاستبقت بريطانيا الأحداث واحتلت عدن.كما كانت على مسرح الأحداث سلطنة الفضلي تحت رئاسة سلطانها حامد بن عبدالله الفضلي ومشيخات يافع والضالع والصبيحة والعواذل.أما حضرموت فقد كانت تحت الدولة الكثيرية منذ ثمانية قرون وظلت باقية حتى بعد ظهور الدويلات وبقيت إلى 1967م حتى تم تسليم البلاد إلى الجبهة القومية هي وسلطنة القعيطى في الساحل. 8 ربيع الثاني 1367هـدافع السلطان محسن بن فضل العبدلي عن عدن ورفض بيعها للانجليز وشنت الحرب حتى تم الاستيلاء على عدن في 19 يناير 1839م.[c1]المراجع :[/c]الكاتب جواد علي ... المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ... الجزء الثانيالكاتب سقاف علي الكاف ... حضرموت عبر أربعة عشر قرناًالكاتب أحمد عطية ...تجربة الثورةالكاتب عادل رضا ...ثورة الجنوبالكاتب فالكوفا ... السياسة الاستعمارية في جنوب الجزيرة العربيةالكاتب جاد طه ...السياسة البريطانية في جنوب الجزيرة العربيةالكاتب أحمد فضل بن علي محسن العبدلي.... هدية الزمن في أخبار لحج وعدنالكاتب صلاح البكري ...حضرموت وإمارات الجنوب العربي
وثائق تكشف رؤية مصر لأوضاع الجنوب فــي عــهــد الاســتــعمــار الـبـريـطـاني
أخبار متعلقة