بداية العام الدراسي الجديد بين حيرة التخصص وفرضه على الطلاب
تحقيق/ نجلاء علي الشيباني .. بعد الانتهاء من دراسة الثانوية العامة تتملك الطلاب والطالبات الحيرة إزاء التخصص الذي يلتحقون به .. فإذا كان المعدل منخفضا قلت فرصة الالتحاق بالتخصص المراد وإذا ارتفع المعدل فإن بعض أولياء الأمور يتدخلون في رغبة أبنائهم بالالتحاق بالتخصص الذي يتوافق مع قدراتهم النفسية والذهنية وإذا قام الطالب باختيار التخصص لايرغب فيه من الطبيعي أنه سوف يُدخل نفسه في سلسلة من الصعوبات الدراسية. واليوم نجد الطلاب قد أصبحوا أكثر وعيا وإدراكا لاختيار تخصصاتهم كما أن انتشار الانترنت وصفحات الفيس بوك ساعد على تثقيف الطلاب وتوعيتهم بمتطلبات سوق العمل إلى جانب الحملات التوعوية التي يقوم بها مجموعة من الشباب كعمل طوعي لمساعدة خريجي الثانوية العامة بتحديد خيارهم التعليمي .. في هذا التحقيق سوف نرى كيف يختار الطلاب تخصصاتهم.. وانخفاضة يرغب الطالب يحيى السعدي خريج الثانوية العامة للعام الماضي الالتحاق بالجامعة هذا العام وقد وضع لنفسه هدفا يسعى للوصول إليه فقد اختار تخصص الحاسوب وهو يتمنى أن يفسح له المجال لإتمام هذه الدراسة .. خاصة أن معدله مرتفع فقد حالفه الحظ أنه امتحن في العام الذي مرت فيه البلاد بأزمة وكان دور وزارة التربية والتعليم أن ساعدت الطلبة بتقديم امتحان سهل وساعدتهم كذلك في التصحيح ووضع الدرجات المناسبة دون تعقيد لهذا فقد حالفه الحظ بالحصول على درجات عالية وتمكن من اختيار التخصص الذي يرغب فيه .. ويؤكد أنه سوف يبدع في هذا التخصص كونه تخصصا مطلوبا هذه الأيام . تدخل الأسرة في اختيار التخصص - أما الطالبة رندة عبدالواسع النجار فهي ترغب في الدراسة بكلية الزراعة لكن أسرتها تحبب لها دراسة الطب البشري كونها حصلت على معدل مرتفع يؤهلها لدخول كلية الطب لهذا فهي حائرة بين رغبتها ورغبة أسرتها وعاجزة عن التفكير واتخاذ القرار كما تقول.- أنس الشريف يرغب في دراسة الأحياء كونه يحب هذا التخصص فقد حصل على معدل مرتفع لكن والده قرر إدخاله كلية الهندسة الالكترونية .. كون هذا التخصص مرغوباً في سوق العمل اليوم كما قال له والده.. أنس قام بالتواصل عبر شبكة الانترنت في صفحات الفيس بوك مع مجموعة شباب مبادرة (دلني لطريقي) لنصحه في اختيار التخصص المطلوب واقتنع بعد حوار ونقاش مع هؤلاء الشباب والمختصين بوجهه .. نظر والده بدراسة الهندسة الالكترونية قائلا: بعد أن استشرت هؤلاء الأصدقاء عبر صفحات الفيس بوك وجدت أن رأي والدي هو الصواب لأن هذا التخصص هو فعلا مطلوب في سوق العمل هذه الأيام.- فيما لم يحالف الحظ الطالبة كريمة في أن تجد من تتواصل معهم لمساعدتها ودعمها في اختيار التخصص الذي سوف تلتحق به في الجامعة لهذا فهي ما تزال في حيرة من أمرها. دور الآباء- يعي ولي الأمر غانم عبدالباسط مسؤوليته أمام أبنائه ويدرك تماما متى يمنح فرصة اتخاذ القرار لأبنائه دون أن يتدخل في اختيارهم .. ففي العام الماضي التحق ولده الأكبر بكلية التجارة ولم يكن غانم يرغب في هذا التخصص لكنه رضخ لرغبة ابنه خاصة انه وصل إلى مرحلة من العمر تضمن له حسن الاختيار.- في المقابل فإن لسعيد القباطي، ولي أمر، نظرة أخرى حيث أنه يرى أن الأبناء في مرحلة دخولهم الجامعة هم بحاجة إلى النصح والإرشاد حيث أنهم لا يدركون مزايا كافة التخصصات ويفتقرون للخبرة والدراسة الكاملة بنوعية التخصص الذي سوف يلتحقون به لأنهم قد يتأثرون برأي صديق لهذا يجب أن يحدد الآباء تخصص أبنائهم بأنفسهم ويقنعوا أبناءَهم بشتى الطرق لدراسة هذا التخصص قائلاً: هذا الأمر أولاً وأخيراً لمصلحة الابن والأسرة والمجتمع. دلني لطريقي- فيما قام مجموعة من الشباب المتطوعين بلغ عددهم (61) شابا جامعيا بمبادرة لإرشاد طلاب المرحلة الثانوية لاختيار تخصصاتهم حسب ميولهم وبما تتطلبه سوق العمل اليوم.عبدالله الحمراني وعلي العزاني وأحمد الغزالي وخالد الجنداري وعلي المدعي وكمال الغويدي، هؤلاء الشباب الستة يعتبرون من مؤسسي هذه المبادرة التي تعتبر الأولى من نوعها في بلادنا تحت مسمى (دلني لطريقي) حيث استهدفت المبادرة فئات الشباب الجامعي وخريجي الثانوية على وجه الخصوص وذلك بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ومؤسسة اليمن للتدريب بهدف التوظيف ، حيث تم النزول إلى (10) مدارس حكومية وخاصة، منها مدرسة الكويت وأروى وخولة والمعتصم، إلى جانب (10) جامعات حكومية في أمانة العاصمة .. وهدفت المبادرة إلى الإرشاد الأكاديمي المبكر في المرحلة الثانوية عن طريق عمل برامج إرشادية واستبيانات وإضافة برامج مختصة بالإرشاد الجامعي للشباب الملتحقين بالمراكز الصيفية والمخيمات الشبابية وإنشاء مكاتب إرشادية في الجامعات والكليات أثناء عملية التسجيل والقبول .. وإيجاد شبكة تعاون بين الجهات المعنية بالموضوع.إلى جانب التواصل مع الشباب والشابات الراغبين في مساعدتهم باختيار تخصصاتهم الجامعية عبر صفحات الفيس بوك (دلني لطريقي) كل خميس ومساعدتهم وحل المشكلات التي تواجههم من خلال مختصين وتربويين.التوعية الإجبارية- يرى التربويون أن الطالب المتفوق يكون متفوقا بشكل مؤقت لأنه ليس سوى شخص يحفظ دون أن يدرك من هو وماذا يحب أن يكون وما هي هواياته الواجب تطويرها لدخول سوق العمل .. هذا ما أكده المعلم فواز محمد خالد، ويرجع السبب في ذلك لجهل أولياء الأمور بأهمية توجيه أبنائهم منذ الطفولة إلى اهتمامات يمكن أن تنميها بداخلهم المدرسة التي تكشف مواهب الطلاب الموجودة ودور المعلم الذي يقتصر على الإرشاد والتوجيه والاهتمام بتحديد التخصص العلمي المناسب لقدرات الطلاب ومهاراتهم وميولهم.ويحذر المعلم فواز من إجبار الطلاب على اختيار التخصص الذي لا يريدونه لأنه يؤدي إلى الفشل الحتمي للطلاب.ويرى أن حيرة الطلاب في كيفية اختيار تخصصهم سببها غياب المنهج المعاصر المساعد للطلاب في اختيار تخصصهم بمفردهم.- فيما ترى المعلمة هناء الكميم مشرفة اجتماعية أن مرحلة الثانوية العامة والانتقال منها تمثل نقلة نوعية في حياة الطلاب وهو ما يوجب الاهتمام العميق بالطلاب من قبل أولياء الأمور، وكذا الإرشاد والتوجيه التربوي السليم من قبل المعلمين في المدرسة والوزارة. وقالت: جميعنا مسؤولون وعلى كل منا أن يعي مسؤولياته تجاه توعية الطالب بنوعية التخصصات المتوفرة في جامعاتنا سواء الخاصة أو الحكومية ومزايا كل منها فالمدرسة مسؤولياتها تنحصر في تأهيل الطالب علميا وتربويا وإرشاديا والأسرة هي صاحبة الدور الأساسي منذ نشأته الأولى وتأهيله ليصبح شخصا مهما لخوض المرحلة الجامعية.كما يجب أن يعطى الطالب الصلاحيات الممكنة لإبداء رأيه واختيار التخصص الجامعي الذي يرغب به على أن يقتصر دور أولياء الأمور على التوجيه والإقناع إذا لزم الأمر.ويبتعد الآباء عن إجبار أبنائهم على اختيار تخصص لا يرغبون فيه لان نتائجه الطبيعية الفشل.إيجاد البديل- قبل اختيار التخصص على الطالب أن يحدد الغرض الرئيسي من الدراسة الجامعية فإذا كان الهدف الحصول على وظيفة وراتب فهناك أعمال لا تتطلب تخصصات جامعية، وإن كان الهدف الحصول على شهادة أكاديمية للتباهي فهذا أمر بحاجة إلى إعادة النظر في تثقيف الطلاب ليتضح لهم الهدف الرئيسي من وراء الدراسة الجامعية. هذا ما استهل به حديثه الدكتور غيلان الشرجبي أستاذ علم النفس والإرشاد التربوي بجامعة صنعاء.وأضاف : ليست الجامعة هي الهدف أو الاتجاه الوحيد الذي نضعه أمام أبنائنا للوصول إليه فمن واجبنا توجيه أبنائنا وقياس قدراتهم إلى ما يؤهلهم ويرفع قدراتهم كالتوجيه إلى المعاهد المتوفرة في بلادنا منها معاهد التدريب، وهذا الأمر سيستوعب كافة الراغبين في العلم وإمكانية استيعاب كافة خريجي الثانوية العامة.يجب تحديد احتياجات المهمة ودراسة متطلبات الساحة العلمية لتقديم التأهيل المناسب لما تتطلب هذه الساحة من خريجي جامعة ومعاهد وكليات قد تساهم هذه الطريقة في زيادة عدد المقبولين على أن تراعي رغبات الطلاب التخصصية.ولفت إلى أن الطلاب الذين يختارون التخصص الذي يتوافق مع ميولهم وقدراتهم تجدهم يتحملون أعباء التعليم وصعوباته في المرحلة الجديدة والجامعية من أجل تحقيق ذواتهم.زيادة الإنتاج- يؤكد استاذ علم الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور محمد الحاوري أن محيط العمل المتوقع للمهنة المستقبلية وساعات العمل ومستوى المسؤولية من العوامل الهامة التي يجب أخذها بعين الاعتبار كونها تساهم في التنمية الاقتصادية وازدياد الموارد والدخل للأسرة، فهناك من يميل إلى العمل المتأني والبعض الآخر يرغب بالعمل الذي يتطلب النشاط والسرعة في الإنجاز .. قائلاً: كثير من الطلاب يهتمون بالتفكير في التعرف على التخصصات الجامعية التي تناسبهم وتتلاءَم واحتياجات سوق العمل وهذا ما يطلق عليه بالتوجيه المهني حيث يستهدف مساعدة الأفراد نحو الوصول إلى القرار المهني السليم والناجح من خلال مساعدتهم في التعرف على ذواتهم وميولهم، وهذا الأمر يؤدي في المستقبل إلى زيادة الإنتاج والإبداع كون الطالب قد وفق في اختيار التخصص الذي يميل إليه ولهذا فهو دائم العمل والإنتاج.