سطور
كتب/ولاء عبدالله :استطاع أن يملأ الحياة حكيا، ليصبح من أهم الحكائيين المصريين بأعماله:(بغلة العرش، منامات عم أحمد السماك،الوتد، صالح هيصة،نسف الأدمغة، زهرة الخشخاش، اسطاسية)، وغيرها من الأعمال المتميزة لأديبنا الكبير الراحل (خيري شلبي)(1938 - 2011).وفي 9 سبتمبر من العام 2011 المحطة الأخيرة في حياة أديبنا الكبير(خيري شلبي) حيث قرر الرحيل فجأة ليبقى أثره الإبداعي قائماً كواحد من أهم المبدعين المصريين، ويعود جثمانه إلى محطته الأخيرة حيث قريته (شباس عمير) بمحافظة كفر الشيخ والتي غادرها مصراً على أن يثبت حضوره وذاته، ويستمر في مشواره رغم صعوبته ووعورته، ليحصد عدداً كبيراً من الجوائز من بينها: جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 1981، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، جائزة أفضل رواية عربية عن رواية (وكالة عطية)1993 وجائزة نجيب محفوظ عنها في 2003 ، كما حصل على الجائزة الأولى لإتحاد الكتاب للتفوق عام 2002، حاصل على جائزة أفضل كتاب عربي من معرض القاهرة للكتاب عن رواية صهاريج اللؤلؤ 2002، على جائزة الدولة التقديرية في الآداب 2005.وقد صادف أن نشر شلبي قبيل وفاته كتابين مهمين حول سيرته الذاتية الأول نشرته دار الهلال بعنوان (أوراق البنفسج)، والثاني صدر عن الهيئة العامة للكتاب بعنوان (أنس الحبايب).ويأتي أنس الحبايب والذي يضم حلقات وفصولا من سيرته الذاتية، بإشارة إلى طلبات عديدة سابقة لشلبي بأن يكتب سيرته الذاتية، من مثقفين ونقاد وباحثين، لكنه كان يجيب دائما :(لا يملك المرء وحده سيرته الذاتية بل يشاركه فيها أطراف كثيرة، ربما تفوق الحصر ممن شاركوا في تربيته وتثقيفه وإنضاجه وكان لهم فيها الفضل فيما آل إليه، ومن ثم فليس من حقه أن يتكلم بلسانهم،كما أنه لا يستطيع أن يكون محايدا في نقل وجهات نظرهم).ومن ثم فقد عمد شلبي في كتابه أن يكتب عن جزء من سيرته من خلال حكي عن (الحبايب) الذين قابلهم في حياته.ويقدم خيري شلبي في كتابه (أنس الحبايب) بانوراما روائية لمقتطفات من سيرته الذاتية بأسلوبه المتميز فهو يقدم حكيا لصور مختلفة من حياته خلال فترات الدراسة في بلدته كلها مشبعة بالأحداث والأشخاص الذين شكلوا جزءاً مهما من حياة خيري شلبي في مراحلها الأولى.وفي فصول سبعة يقدم خيري شلبي الكثير من القصص التي كان لها تأثيرها في حياته قبل مجيئه للقاهرة.. المدرسة وأشخاص أثروا فيه، أطفال القرية وهيئاتهم خلال الدراسة، مشروع مقاومة الحفاء وكيف تعاملوا معه آنذاك خلال دراستهم في المرحلة الابتدائية، وضعه في (الفلكة) في كتاب الشيخ حسن ريشة، حتى لا تخلو الأحاديث من إطلاله لبطلة روايته (الوتد) الحاجة فاطمة.الأساطير الشعبية التي يعبأ بها الريف أيضا كان لها دور كبير في حكي (الحكاء الأعظم) خيري شلبي وكيف لا وهو المهتم بالدراسات الشعبية إلى أبعد مدى، حتى أنه استطاع على مدار سنوات طويلة أن يقدم للمكتبة العربية العديد من الأسماء والدراسات الشعبية المتميزة التي كان يختارها وبعناية من بين أعمال عديدة تقدم له خلال رئاسته لتحرير سلسلة الدراسات الشعبية بهيئة قصور الثقافة، وكان يتبع كل عمل بمقدمة هي أشبة بدراسة متميزة عن العمل، وعن رؤية إبداعية وحياتية متميزة، لا تخلو من ذكريات أيضا، وفهو في تقديمه لكتاب (الرياضة في السيرة الهلالية) يشير إلى مدى علاقته بالسيرة الهلالية والتي سبق أن تحدث عنها طويلا، موضحا أنها تعددت نسخها على أرضية شباك مندرتهم في البلد، وسمعها عشرات المرات في الطفولة، ثم أصبح الناس يستعينون به وهو تلميذ في المدرسة الابتدائية ليقرأها عليهم على أية مصطبة أو أريكة في دكان ثم سمعها كاملة من صديقه عم أحمد السماط، الذي يحفظها عن ظهر قلب، برغم أنه لا يعرف القراءة والكتابة.وقد لعب خيري شلبي في الحياة أدواراً كثيرة غير الكتابة الروائية والقصصية، فقد كان أيضا باحثا محققا في المسرح استطاع خلال بحثه أن يكشف النقاب عن العديد من المسرحيات المطبوعة كان من بين أهمها مسرحية (الراهب) للشيخ أمين الخولي، ونص آخر للزعيم السياسي “مصطفى كامل بعنوان (فتح الأندلس) .ومن أهم اكتشافاته كان قرار النيابة في قضية كتاب (في الشعر الجاهلي) لعميد الأدب العربي طه حسين التي نشرها في كتابه (محاكمة طه حسين) الذي يفند فيه قرار النائب العام في كتاب عميد الأدب العربي، وقد أثار كتاب شلبي الكثير من الاهتمام في الأوساط الأدبية والثقافية المصرية والعربية، فالكاتب ومن خلال كتابه هذا يوضح ملابسات القضية من بدايتها لنهايتها.وفي الصحافة كان لخيري شلبي جولاته المتميزة، وكان أول من كتب فن البورتريه في الصحافة المصرية ليقدم إسهامات كبيرة ليقدم برورتيهات لمئات الشخصيات المصرية في مختلف المجالات.وقد رأت العديد من أعماله الروائية النور إلى السينما والتليفزيون فقدم للسينما فيلم (الشطار) عن رواية بنفس العنوان، فيلم سارق الفر ح مع المخرج داود عبد السيد عن قصة قصيرة، وفي التليفزيون قدم مسلسل (الوتد)، (الكومي: عن ثلاثية الأمالي)، وأخيرا (وكالة عطية) الذي عرض في رمضان 2009.وقد ترجمت معظم روايات شلبي إلى الروسية والصينية والإنجليزية والفرنسية والأردية والعبرية والإيطالية، وظل قلمه نابضا بالحياة حتى وفاته قبل عام، واليوم تحل ذكراه السنوية الأولى و هو لا يزال بيننا بإبداعه وحضوره الدائم الذي لا يغيب.