خاطرة
في القصيدة التي خرجت منها في الباب الذي دفنت رأسي باحثا فيه عن ثقب الزمن.. في الغابة التي نسيت فيها أبرة الشوق، ولم أكمل رتق الحكاية.. في الأغنية التي تسربت من فم الشريط باتجاه الشارع.. في هذا كله، وفي صدري المتخم بالطرق وبالأبواب، أضعت المفتاح في القصيدة التي خرجت منها.هرولت والأطفال نفتش عن مقابض النعاس.. كان النوم معلقا على باب المدينة التي تؤدي إلى القصيدة.. وكنت ترقبين صوتي في بهجة الحلم..حاملا أقدامي إليك.. إلا أنني فقدت في الطريق انبهاري.. لم يكن ذنبك حين دججت نفسي بالأغاني، وبأعواد الثقاب، التي تنتظر فراغي لتواصل لعبة الاشتعال.مرة أخرى أضعت المفتاح الذي يجمعني بالقصيدة.. وعثرت على الباب الذي يؤدي إليك.. أضعت المفتاح، واستعرت باب الحكاية، أمضي في عربة السرد مكشفا عن ساقي التي أحثها على السير، كانت قصيدة النثر، وقميص ملقى على كرسيّ في غرفة مليئة بالفراغ ينتظراني، شربت نخب التهكم المرّ لشعراء مدجنين، وواصلت طريقي.على السرير بقايا خيط يوصلني، وبجانب الطريق، ثمة نهر يحمله ساعي البريد على دراجته الهوائية، هرولت ممسكا بأطرافه المتناثرة كنشيد سومري، دلفت علبة الفجر أغني وحدي، كانت الجدات يقعدنّ أمام الأبواب العارية من كلّ مفاتيح، وعلى الطريق المرصوفة بأجنحة الأطفال والغبار، يشعلنّ الحكاية.لم تكن الوحدة قد تناسلت بعد، لم تنبت المفاتيح على أجنحة الفراغ، حتى تحولت إلى أقراص خبز مخدرة، ولم نكن قد ولدنا آنها!. هناك في تاريخ مهمل ما، أنجبت الموسيقى أبنها البكر، حمامة من عش الله حطت على صدر زيتونة أنجبت الأنثى هي الأخرى، هناك في نفس الأسطوانة، شاهدنا الحلم لأول مرة يمشي أمامنا، أتبعناه، سقطنا في بئر العناية، امتدت يد المغفرة، انتشلت منا قميص الرؤيا، خرجنا بلا علامات فارقة نستدل بها علينا لحظة التفكير بالعودة. فجأة تذكرنا مفاتيحنا، عاودنا الحنين لدفء ضياعها، فشرعنا نبحث عن القصيدة التي خرجنا منها.