قصة قصيرة
لبنى عليهي النهاية تلك التي ما زالت تتربع في أحداق البداية لتمسي شريط ذكرى في عيون العم خالد وقلب نبضاته.وتدور الومضات لتدور في رحاها ابتسامة طفل يرنو نحو الشمس بأمل وثقة وإيمان وربيع حياة ..نعم .. إنه خالد ؛ ذاك الذي أبى ( اللامتوقع ) إلا أن يقلب حياته رأسا على عقب ليحيلها إلى شتات وألم وفقد .أجراس عام 1929 تقرع بفرح ليس كمثله فرح ..تتراقص على شدو ترانيمها ضحكات العيون وابتسامات القلوب .. بلا ضجر؛ بلا يأس وبلا هموم..الساعة الثانية ظهرًا :يقبل خالد من المدرسة يبتسم في وجه والدته يذهب إلى غرفته ؛يلقي حقيبته المدرسية ثم يغتسل ويرتدي قميصه الأخضر وبنطاله البني ويركض نحو والدته ويقبلها ويترقب مجيء والده - بكل شوق -من العمل ليتناولوا جميعاً وجبة الغداء وهذا ما كان ..وتدور عقارب الساعة ببطء شديد وكأنها تنذر بأمر ينطق السواد به أيما نطق ..الساعة الخامسة إلا ربع شهدت مسرحية واقع بطلها : زلزالٌ مدمر ؛ ذاك الذي أحال منزل خالد إلى ركام وأشلاء وذكريات..نعم تلكم الأشلاء ما لبثت أن تلعب دور حامي حماة خالد الذي نجا بأعجوبة..والحافظ هو الله سبحانه وتعالى.(الحياة الكريمة ) مسمى ازدان به ذاك الملجأ الذي ضم في أحشائه خالد ليترعرع ويشب ويكبر في أحضانه ..سنوات مرت و (الحياة الكريمة) في رياض كل ركن من أركانها صدى حكاية العم خالد ذاك الذي أبى أن يترك الملجأ .. فكيف له أن يترك بيته الثاني الذي يحوي في طياته أناسا أحبوه واحترموه شخصاً وكينونة ؟(الساعة الخامسة إلا ربعاً من عام 1999 ) شهدتْ سهامَ زلزالٍ مدمرٍ ضرب المنطقة بلا هوادة ..!! عنوان عريض صافح الصحف المحلية ..ألعنة هي أم صرخة قهر أم صدى صمت أم سخرية قدر ...؟!! انفعالاتٌ طرقتْ فؤاد خالد كما طرق الزلزال .أبواب الملجأ ..نجا العم خالد ( بمشيئة الله ) .. وجاب الأزقة بعصاه وألم داخلي يكاد يعتصر بريق عينيه .. إلى أن أبت قدماه إلا أن تستريحا على عتباتبيت مهجور .. فجلس و ناجى مسرحية الذكريات بعيون من حنين وحزن دفين وصلاة دمع وجداني وتنهدات داخلية قد تكون قاتلة ..