نبض القلم
ليس بخاف أن الإرهاب أصبح ظاهرة كونية تهدد أمن واستقرار المجتمعات والدول ومنها بلادنا، وصار يهدد مصالح الأفراد والمجتمعات والدول، ويترك آثاراً خطيرة على مناحي الحياة المختلفة.وبالنسبة لبلدنا فإن الإرهاب أدى إلى إقلاق الأمن، وانتهاك النظام والقانون، وما نجم عن ذلك من خروج عن النظام وإحداث فوضى في المجتمع، وعدم الالتزام بالقوانين، وإضعاف هيبة الدولة.ولقد أدت العمليات الإرهابية التي حصلت في بلدنا في أوقات وفترات سابقة إلى إحداث آثار مدمرة على مختلف الأصعدة، فعلى الصعيد السياسي مثلاً أدت إلى انقسامات داخلية على مستوى الدولة، وهو ما أدى بدوره إلى توظيفه ممن قبل بعض أطراف الصراع لتحقيق أهداف سياسية، إذ عادة ما تكون هناك جهات داخلية أو خارجية داعمة للإرهاب، وهو ما جعل الإرهاب يترك آثاراً سلبية على مستوى النظام السياسي برمته، فقد أدت بعض العمليات الإرهابية إلى إضعاف النظام والخروج عن الدستور والقوانين، والذي أدى بدوره إلى حصول أزمات سياسية أثرت سلباً على مجالات الحياة المختلفة، ما دفع بعض الناس إلى إعاقة مؤسسات الدولة من قيامها بمهامها، وإضعاف سلطتها، وفقدان الدولة هيبتها. وكان من جراء ذلك تعقيد العلاقات السياسية ونشوب أزمات وخلافات بين أطراف العمل السياسي، واتساع دائرة الصراع بين السلطة والمعارضة.كما أن الإرهاب أدى إلى إزهاق أرواح بريئة، وما يمثل ذلك من انتهاك لحقوق الإنسان، وزعزعة الأمن، وترويع المواطنين، وإقلاق المجتمع، وحرمانه من الاستقرار. بالإضافة إلى كونه قد أضر بسمعة بلادنا على المستوى الخارجي، واضر بعلاقاتها الخارجية وهدد مصالحها وأمنها الوطني والقومي، وأضعف دورها في محيطها الإقليمي والدولي. حيث تعرضت بلادنا خلال السنوات القليلة الماضية إلى حملات تشويه ، من قبل عناصر مشبوهة تطوعت لتقديم نفسها كمخبرين يعملون مع جهات خارجية، فيقدمون لها معلومات مغلوطة أو خاطئة عن العمليات الإرهابية التي وقعت في أوقات وأماكن مختلفة في اليمن، مما أدى إلى جعل وسائل الإعلام الخارجية تضخم بعض العمليات الإرهابية على نحو مبالغ فيه. وهو ما أدى بدوره إلى تصور اليمن كدولة راعية للإرهاب، مما جعل بعض الدول الأوروبية تحذر رعاياها من زيارة اليمن، أو قيامها بإغلاق سفاراتها وقنصلياتها كإجراء احترازي من عمليات الإرهاب.ومعروف أنه كان يعقب كل عملية إرهابية إجراءات أمنية احترازية وهو ما يؤدي في كثير من الحالات إلى خلق البلبلة في أوساط أفراد المجتمع، وتهيج الرأي العام، وتعريض الحكومة لضغوطات المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان.كما أن العمليات الإرهابية أثرت سلباً على الاقتصاد اليمني الذي عانى ولا يزال من عمليات الإرهاب، كان أبرزها البطالة والتضخم والركود الاقتصادي، لأن كل عملية إرهابية تضر بالاقتصاد الوطني أيما ضرر، فقد أضرت بقطاع السياحة نتيجة توقف بعض الأفواج السياحية وركود الاستثمار في مجالات السياحة، وصارت بعض المجالات المرتبطة بقطاع السياحة كالفندقة والنقل الداخلي وغيرها غير قادرة على تغطية نفقاتها، مما أدى إلى زيادة البطالة بفقدان نسبة من العمالة التي تسبب الإرهاب في تسريحها.ولا يخفى كذلك الآثار الخطيرة للإرهاب على التجارة وارتفاع الأسعار، ذلك أن التجارة تواجه زيادة في أجور النقل وارتفاع نفقات التامين، وتدني تدفق السفن على الموانئ اليمنية، وهو ما يؤدي إلى اختلال في الإيرادات العامة من الجمارك والضرائب، وقلة النشاط التجاري، وما يترتب عن ذلك من ارتفاع أسعار السلع، وتدني مستوى معيشة المواطنين.وعليه فإن الإرهاب أيا كانت أسبابه ومبرراته، ودافعه، هو ظاهرة خطيرة يجب إيقافها، لأنها ظاهرة دخيلة على مجتمعنا اليمني، فلنعمل جميعاً على محاربتها، وعدم السماح بانتشارها في بلدنا التي وصفها نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) بأنها بلد الإيمان والأمان، حين قال:” إذا كثرت الفتن عليكم باليمن”.وهو ما كنت قد أشرت إليه في إحدى قصائدي الشعرية التي نظمتها قبل عشر سنوات من الآن، دعوت فيها لرحيل الإرهاب عن وطننا، لأن اليمن ليست البيئة الحاضنة له عبر التاريخ.[c1]* خطيب جامع الهاشمي بالشيخ عثمان[/c]