في ورقة علمية حول التحديات البيئية للموارد المائية غير التقليدية.. د. الزغير :
عرض / بشير الحزمي :أكد المهندس/نجيب محمد الزغير في ورقة علمية له حول التحديات البيئية للموارد المائية غير التقليدية أن الطبيعة الفيزوغرافية تقف وراء شحه الموارد المائية في بلادنا، وقال بأن المناخ الجاف وشبه الجاف في المناطق الشمالية والشرقية المتأثرة بالكتل الهوائية الحارة الآتية من الربع الخالي قد تسببت في جفاف مساحة كبيرة وتحولها إلى مناطق صحراوية، أما المناطق الجبلية الواقعة في الوسط والغرب فتهب عليها الكتل الهوائية الرطبة الآتية من المحيط الهندي وشمال شرقي إثيوبيا وينتج منها أمطار غزيرة نسبياً، وبشكل عام فان كميات الإمطار تتزايد باتجاه المرتفعات حيث تهطل أمطار غزيرة نسبيا مقارنة بالمناطق السهلية.وأوضح أن الأمطار تعد المصدر الوحيد للمياه المتجددة في بلادنا، حيث يتراوح متوسط الهطول المطري بين 50مم في المناطق الصحراوية في الشمال والشمال الشرقي والسواحل الجنوبية إلى ما يزيد عن 600 مم في السنة في المرتفعات الوسطى والغربية ، وأنه على الرغم من الكمية الكبيرة والمقدرة بـ60 مليار متر مكعب في السنة ، إلا أن وما يزيد عن 65 % من هذه الكمية تعتبر أمطار غير فعالة ولا يحدث منها جريان سطحي أو تغذية جوفية . وقال انه من المعروف بان اليمن ليست فيها انهار وإنما جريان للأودية بعد مواسم الأمطار ولمدة محددة لا تلبث أن تنقطع في مواسم الجفاف، وتشكل مياه السيول والغيول المرتشحة عبر جريان الأودية أو العيون ما يسمى بالمياه السطحية المتجددة والمقدرة 2.1 مليار مترمكعب في السنة وهو ما يمثل 10% من أجمالي الأمطار لفعالة ، يقدر التسرب من الإمطار بــ4.5 % وهو ما يسهم في تغذية الخزانات المائية الذي يعتبر المصدر الأول لمياه الشرب والاستعمالات المنزلية والصناعية .[c1]أحواض مهددة بالاستنزاف[/c]وأشار إلى أن القطاع الزراعي ورغم شحة الموارد المائية، يستهلك أكثر من 4 مليارات مترمكعب في السنة (87 %) ، بينما يستهلك للشرب والصناعة أقل من 0.5 مليارات مترمكعب في السنة (13 %)، وهذا هو السبب الأساسي في عجز مياه شرب المدن الرئيسية، لافتا إلى تزايد هذه الأزمة مع تفاقم عدد السكان. وقال بأنه في عام 1956 زار العالم ديكنز اليمن في مهمة لتقييم الموارد الطبيعية في بلادنا وقدر عدد السكان بـ4.5 مليون نسمة وكان نصيب الفرد من المياه المتجددة حوالي 585 مترمكعب في السنة، وخلال اقل من نصف قرن زاد عدد السكان ثلاث أضعاف وتناقص معه نصيب الفرد إلى حوالي 120 مترمكعب في السنة عام 2004 ، وهو ما يترتب عليه زيادة في الاحتياجات المائية لمشاريع التنمية المختلفة التي تؤمن الغذاء والخدمات الضرورية الأخرى. مع العلم أن نصيب الفر في بلادنا لا يتجاوز 10 % من معدل نصيب الفرد في بلدان الشرق الأوسط. ويتمثل حقيقة هذا الوضع بالأحواض المائية القريبة من المدن ذات الكثافة السكانية العالية والمناطق الريفية المجاورة لها أصبحت مهددة بالاستنزاف مما أدى إلى نقص حاد في المياه، وهجرة السكان من الريف إلى المدن نتيجة لعدم توفر المياه للزراعة. وأضاف (وإذا ما استمر هذا الوضع علي هذا النحو وبعدم توفر مصادر مياه جديدة تقليدية وغير تقليدية وبتكاليف مقبولة، سيحصل نزوح لبعض السكان من المراكز الحضرية في المرتفعات لجبلية إلى المناطق الساحلية، بالإضافة إلى استمرار نزوح السكان الريفيين إلى المدن للبحث عن فرص عمل نتيجة انكماش النشاط الزراعي وما يترتب على ذلك من مشاكل اجتماعية وبيئية واقتصادية وسياسية.[c1]التغيرات المناخية ومصادر المياه[/c]وعن تأثيرات التغيرات المناخية على مصادر المياه في بلادنا قال بأنه منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى الآن وسكان الأرض يتزايدون باطراد ويقومون عبر أنشطتهم المختلفة بإجراء تجربة جيوفيزائية كبيرة غير محسوبة النتائج، وخلال الثلاثة عقود الماضية ظهرت بعض نتائج هذه التجربة تظهر في العديد من التأثيراتِ البيئية والمتمثلة في ظاهرة الدفئة أو الانحباس الحراري، ويعتبر ثاني أكسيد الكربون أشهر الغازات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة العالم وذلك بسبب التوسع الكبير في استخدام جميع أنواع الوقود الاحفوري، وإزالة مساحات شاسعة من الغابات بهدف استغلالها في الزراعة التقليدية أو في إقامة مدن حضرية. وعلى الرغم من معرفة العلماء ومنذ زمن طويل بوجود دورات تاريخية طويلة حدثت خلالها ارتفاع في درجة حرارة الأرض أو زيادة في البرودة. ولكن الاضطرابات المناخية التي سادت الأرض خلال الثلاثين سنة الماضية، والتي يزداد حدتها بصورة تصاعدية أكدت للعلماء أن هذه الدورات المناخية بدأ يصيبها الخلل نتيجة للتغيرات التي يحدثها الإنسان في النظام البيئي على سطح الأرض وفي الغلاف الجوى، ومع نهاية القرن الحالي يتوقع العلماء إن ترتفع درجة الحرارة بما يزيد عن 5 درجات مئوية.وهو ما سيترتب عليه ذوبان أجزاء من الكتل الجليدية في المناطق القطبية وما ينتج عنه من ارتفاع في مستوى مياه البحر والمحيطات بمقدار 20 ــ 50 سم بنهاية القرن الحالي. وأوضح أن مشكلة ندرة ومحدودية المياه والصراع على منابع المياه العذبة كنتيجة لظاهرة التغير المناخي هو التحدي الذي ستواجهه البشرية خلال القرن الحادي والعشرين، حيث تشكل الموارد المائية أهم عناصر المنظومة البيئية نظرا لمحدودية الموارد المائية وزيادة الطلب عليها، حيث سيزيد استهلاك المياه. أما بالنسبة للمجال الزراعي فإن المنطقة العربية تتأثر بالتغيرات المناخية على نطاق واسع ويعد قطاع الزراعة والغذاء من أكثر القطاعات تأثرا بالتغيرات المناخية لافتا إلى أن الدراسات تفيد بأن تغير المناخ سيؤدى إلي زيادة في التبخر وفي تركيز الأملاح في مياه الري أو ارتفاع منسوب المياه الجوفية إلى الحد الحرج. كما سيؤدى تغير نمط الأمطار إلى حدوث آثار إيجابية أو سلبية على الدول التي تعتمد على الأمطار وخاصة المناطق الساحلية. وقال أن نتائج احد الدراسات الأولية للمنطقة الساحلية الواقعة عند مصب وادي سهام وسردود تشير إلي أن ارتفاع مياه البحر الأحمر مترين سيؤدي إلى تغييرات أفقية وراسية للمنطقة التي تلتقي فيها المياه العذبة مع مياه البحر المالحة بمقدار 40 مرة ، مما سيودى إلى اجتياح مياه البحر لمنطقة كبير من الساحل وتلويث جزء المياه الجوفية العذبة .[c1]تأثيرات البيئة علي نوعية المياه[/c]وحول التأثيرات البيئية على نوعية المياه في اليمن قال إنه مع زيادة عدد السكان تزداد المخلفات الصلبة والسائلة التي تنجم عن أنشطتهم المختلفة وزيادة استهلاكهم من السلع والمواد، وعدم التخلص بشكل امن وسليم، يؤدى تجميعها في مقلب تسمي مقلب القمامة، وهي خليط من بقايا الطعام والورق والبلاستيك والعلب المعدنية .... وغيرها ، وتراكمها في منطقة معينة يجعلها مصدرا للروائح الكريهة كما أن غسلها بواسطة الأمطار وتسرب السوائل الموجودة في النفايات إلى الخزانات الجوفية يودى إلى تلوث المياه وكما هو حاصل في مقلب الازرقين وغيرها. كما أن مياه المجاري في بلادنا تتألف من مياه الصرف الصحى (العادمة) وهي مزيج من الصرف الصحي المنزلي ومخلفات المصانع والمعامل والورش والمستشفيات وما تحمله مياه الإمطار من مخلفات صلبة في الشوارع، وهذا الخليط المعقد يتجمع في أحواض ومن غير الممكن معرفة مكوناته ومن الصعب معالجته.