علي عبدالله الدويلة:يقول الباحثون في مجال العلم والأدب إن المقياس الحقيقي في تطوير ورقي الأمة الواحدة يقوم على العوامل والمقومات الأساسية التي يمكن من خلالها أن نحبسها ونقيسها لأجل معرفة مستوى الرقي والحق أن ذلك في غاية الصعوبة والغموض ويحتاج إلى رؤية بعيدة ومعالجات جادة حيث يقول الأديب إن مقياس الرقي في الأمم هي الأخلاق فارقى الأمم أحسنها خلقاً ولكن هذه الإجابة غير مقنعة فالأخلاق دائماً متغيرة وكل عصر له أخلاق يتطلبها وواجبات عليه ينشدها وماعلينا الآن من واجبات أضعاف ما كان على أجدادنا وأصبح واجباً علينا أن نعلم أولادنا في المدارس وأيضاً أصبح واجباً علينا ترقية الوطن من جهات متعددة وحيث كان آباؤنا في العهود السابقة يعدون من أرقى الأخلاق في الأمة حجاب نسائها وبناء سور كبير يفصل بين الرجل والمرأة، فأصبحنا نرى من الواجب أن تتعلم المرأة بجانب الرجل ومن حقها أن تسمع المحاضرات مع الرجل وأن تتمتع بالحياة الكريمة مثل الرجل فإذا قلنا مقياس الرقي الأخلاق كانت كلمة عامة تدل على كل شيء ولا تدل على شيء .وكذلك هناك قوم يقيسون الرقي بالدين وهي أيضا كلمة عامة يختلف مدلولها باختلاف أنظار الناس فيضيق عند بعض الناس حتى لا يسع الصلاة والصوم والزكاة والحج ويتسع عند بعض الناس حتى يشمل كل شيء وفي الحقيقة أن هناك الكثير من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية وغيرها من الاتجاهات المختلفة يجب أن ينظر إليها كلها لأجل تقويم الرقي لذلك نلاحظ أن لكل امة مجموعة من المرافق الحكومية مثل التعليم والصحة ولغة ودين وأسرة ونظام اقتصادي وغيرها كلها تتغير ترقى أو تنحط وكلها في حركة مستمرة إلى الأمام أو إلى الخلف وكلها تتأثر وتؤثر نتيجة التفاعلات الإنسانية وهذا التغير الدائم في كل هذه المرافق هو مقياس الرقي والانحطاط إما إلى التطوير والرقي وإما إلى التدهور فالأمة التي تختار أحسن النظم في التربية والتعليم ولا تساعدها اللغة على المصطلحات الحديثة لا ترقى في التربية والتعليم حتى تحل مشكلتها اللغوية والأمة التي تختار أحسن النظريات الفقهية وخير النظم القضائية ثم لايعنيها بعد ذلك حالة الأسر الأخلاقية وحالة المعاملات بين الأفراد لا يمكن أن ترقى بنظرياتها الفقهية من الناحية القضائية والأمة التي تقوم بأرقى أنواع الإصلاحات الاجتماعية ثم لاتعنيها الناحية الاقتصادية في شيء تصبح إصلاحاتها تسر القارئ ولا تسر الناظر وهكذا.وهناك الدلائل والمؤشرات تدل الباحث حول رقي الأمة وتدهورها إلى الإمام أو إلى الخلف وكيف يمكن مقارنتها بغيرها من الأمم الأخرى في بعض النواحي الاقتصادية ومقارنتها أيضاً بنفسها في عصرها الحاضر والسابق والمقارنة الأولى تدلنا على الدرجة التي تقف عليها الأمة في سلم الرقي العام والمقارنة الثانية تدلنا على اتجاه سيرها إلى الإمام أو الخلف ومن خلال هذه الدلائل نعرف موقف الأمة إزاء ما يحيط بها من ظروف طبيعية واجتماعية وهل هذا الجيل أحسن استخدام البيئة وما يحيط بها من موارد وهل استطاع أن يوجد منابع لثروته النفطية لأجل سعادته أكثر مما استطاعت غيرها من الدول العربية المجاورة ونحن نعرف جيداً أن لكل امة مقداراً من الثروة وهل زادت واستطاعت اليوم أن تسعد بثروتها شعبها وهل استخدمت العلم أحسن مما استخدمه آباؤنا وهل قلت الوفيات وتحسنت صحتها وأظن أن هذه الأسئلة التي حددت بهذا الشكل ليست الإجابة عليها عسيرة ولذلك لأجل تطوير ورقي الأمة يجب علينا الالتزام بالمقاييس الحقيقية التي يقوم عليها النظام الديمقراطي العادل القائم على حرية الإنسان والعدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات الإنسانية الذي يخدم النهوض الثقافي يسوده روح التفاهم والاحترام والعدل في ظل دولة النظام والقانون والسيادة الوطنية وغرس جملة من القيم المادية والمبادئ الإنسانية الأخلاقية الدينية وبلورة وتحليل ومعالجة أهم وابرز القضايا الإنسانية منها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية وغيرها من المجالات الأخرى التي تتمحور في جوهر القضية الفكرية ونشر الوعي الثقافي بين المواطنين لأجل تطوير البنية الاقتصادية وان يوضع للبلاد دستور ديمقراطي جديد يحترم الحقوق وان نبني المؤسسات الحكومية للقطاع العام الثقافي والاقتصادي والخدماتي لأجل بناء الدولة المدنية الحديثة وحتى نستطيع اللحاق بالمجتمعات المدنية التي قطعت شوطاً كبيراً في شتى المجالات وأصبحت تعتمد على ثروتها النفطية وغيرها من الموارد الطبيعية وتسخرها في الصالح العام في بناء المؤسسات الحكومية للقطاع العام مثل المدارس والمصانع الإنتاجية والمساجد والمنتزهات والحدائق العامة حيث استطاعت الكثير من الأسر الاجتماعية أن توازن بين دخلها وخرجها وتفرق بين المواد الغذائية الضرورية والسلع الكمالية وهو ما جعل هذه الأسر تعيش في استقرار وسعادة وأكثر استعداداً في تحسين المعيشة وكم من امة كانت ثروتها كبيرة ولكنها لم تعرف كيف تستخدمها وربما إذا أظهرت امة أخرى لغيرت صحراءها بستاناً وجعلت ترابها ذهباً.لقد أرادت الشعوب العربية في عصرنا الحاضر أن تقارن نفسها بالدول الأجنبية المدنية الحديثة المتطورة فوجدت وجه الاختلاف واضحاً والفرق كبيراً من حيث تطوير البنية الاقتصادية والنهضة الثقافية الأدبية والعلمية والفلسفية والدينية وغيرها من المجالات الأخرى التي تتمحور في جوهر القضية الفكرية وكيف استطاعت هذه الدول المدنية المتحضرة أن تشق طريقها نحو سلم المجد وعرفت كيف تستخدم ثروتها النفطية وغيرها من المشتقات الأخرى وتسخيرها في الصالح العام لأجل بناء المؤسسات الحكومية للقطاع العام الثقافي والاقتصادي والخدماتي مثل المداري والمصانع والمساكن والمنتزهات والحدائق العامة وغيرها من المشاريع الاقتصادية حيث لا يستقيم العدل إلا بحرية الإنسان والمساواة في الحقوق والواجبات والعدالة الاجتماعية وبانتقاء الاستقلال لأخيه الإنسان والاحتكار والتأكيد من عدالة التوزيع وإزالة احتكار الارستقراطية من المناصب العليا ومحاربة المحسوبية ومحاكمة الفاسدين والمفسدين وحتى تستطيع الدول العربية النامية اللحاق بالمجتمعات المدنية الراقية التي قطعت شوطاً كبيراً في شتى المجالات العملية السياسية والاجتماعية الاقتصادية والثقافية والصناعية والدينية والفنية وغيرها من الاتجاهات الأخرى ونسعى قدماً نحو مواكبة الحياة العملية لأجل تطوير البنية الاقتصادية الإنتاجية والنهضة الحضارية الإنسانية وتحقيق الأهداف النبيلة في سبيل التقدم والرخاء والازدهار .
|
ثقافة
كيف نستغل الثروة المادية في نهضة الحضارة الإنسانية؟
أخبار متعلقة