فنانة الزمن الجميل وردة الجزائرية رحيل مفاجئ وانتظار لجديد لم يخرج بعد
الجزائر/ متابعات: في اللحظات الأخيرة قبل إسلامها الروح، طلبت وردة نقلها سريعا إلى الجزائر، بحسب ما كشفت عنه زوجة نجلها رياض لـ(العربية نت).وقالت السيدة، لمياء، زوجة رياض نجل الفنانة وردة الجزائرية، إن آخر شخص تحدث إلى الراحلة كان مرافقتها الدائمة نجاة، وقالت إن آخر كلام قالته وردة لنجاة هو (لا أريد أن أنتظر كثيراً، أريد العودة إلى الجزائر فوراً).وأفادت السيدة لمياء أن (وردة أتمت هذه العبارات ثم هوت فجأة، لتنتقل إلى الرفيق الأعلى في ثوان)، على حد وصفها.وأوضحت لمياء أن الفقيدة وردة كانت تستعد لزيارة الجزائر هذا الصيف لتسجل عملا فنيا كبيرا جداً احتفاء بخمسينية الثورة الجزائرية، التي لم يتبق لها سوى أشهر قليلة. وقالت السيدة لمياء إن وردة كانت (سعيدة جداً باقتراب زيارتها إلى الجزائر).وأبدى الرئيس بوتفليقة حرصاً شخصياً على الإعداد لإقامة جنازة محترمة للفقيدة وردة، وأرسل إلى مصر طائرة رئاسية لا يستعملها إلا هو أو كبار ضيوفه، لإحضار الجثمان.ووصل جثمان الفنانة الراحلة، مساء أمس الأول الجمعة إلى مطار هواري بومدين الدولي بالعاصمة، وكان في استقبال الجثمان وزراء الخارجية والثقافة والاتصال وجمع كبير من الفنانين والأدباء والصحافيين الجزائريين والقائم بالأعمال في السفارة المصرية بالجزائر.ولدى هبوط الجثمان ملفوفاً بالعلمين الجزائري والمصري، (مثلما أوصت الراحلة) قائلة: (لفوا جثماني بالعلمين الجزائري والمصري)، وقف الحضور دقيقة قرؤوا خلالها الفاتحة على روح الراحلة وترحموا عليها، وتقدم المترحمين عدد من الأئمة لهثوا بالدعاء بالرحمة لها، فيما دوت زغاريد النسوة في سماء المطار.وبث التلفزيون الرسمي مشاهد وصول جثمان الفنانة الراحلة لحظة بلحظة، وحضر هذه اللحظات عشرات الصحافيين المحليين والأجانب.وقبل ذلك، عجز وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، عن الحديث إلى التلفزة الرسمية في الجزائر وسط مشاعر حزن طاغية، وذلك حين سألته صحافية عن شعوره إثر رحيل وردة، وبقي الوزير أكثر من 20 ثانية وهو شاخص ببصره إلى الأرض دون أن يجد الكلمات. ثم وصف رحيل وردة بالخسارة الكبيرة للعالم العربي.وكان بوتفليقة قد كشف أن وردة دعمت الثورة في الجزائر بالمال، وذلك في برقية عزاء بعث بها إلى عائلة الفقيدة.وتوفيت أميرة الطرب العربي، الفنانة وردة، إثر سكتة قلبية مفاجئة ألمت بها أثناء نومها في منزلها بالقاهرة. وسادت حالة من الحزن العميق إثر إعلان وفاتها بين محبيها في المنطقة العربية، ولا سيما مصر والجزائر.وظل خبر وفاة وردة مثار جدل منذ أيام، وتداولته مواقع التواصل الاجتماعي، غير أن مصادر من عائلتها بالجزائر نفت الأمر في وقت سابق ووصفته بـ(الشائعة).وكان آخر عمل فني بارز لدى جمهور وردة بالجزائر، هو أغنية (مازال واقفين)، التي تم بثها على نطاق واسع قبيل الانتخابات البرلمانية.وقبل ذلك، أعلن نجل وردة أنها تستعد لتسجيل (فيديو كليب) جديد في الجزائر، سيكون مفاجأة لجمهورها في جميع أنحاء الوطن العرب بكل المقاييس.وولدت وردة الجزائرية في فرنسا 22 يوليو 1932 لأب جزائري وأم لبنانية من عائلة بيروتية، ولها طفلان هما رياض ووداد.وغنت في بداياتها في فرنسا، وكانت تقدم الأغاني للفنانين المعروفين في ذلك الوقت، مثل أم كلثوم وأسمهان وعبدالحليم حافظ، ثم عادت مع والدتها إلى لبنان، وهناك قدمت مجموعة من الأغاني الخاصة بها، وكان يشرف على تعليمها في فرنسا المغني الراحل التونسي الصادق ثريا.وحسب بعض الأصداء، فقد تأثرت الفقيدة وردة بالانتقادات التي وجهها لها بعض الفنانين العرب مؤخراً، ورداً على ذلك صرحت وردة الجزائرية بتحدٍّ كبير بأنها (لن تتوقف عن الغناء ما دامت قادرة على العطاء حتى لو اضطرها الأمر إلى الغناء دون مقابل).وأضافت في تصريحات غاضبة أنها (ستظل تغني إلى أن تلفظ أنفاسها الأخيرة)، مشددة على أن (انتقادات البعض لها لن تؤثر عليها وتجعلها تتوقف عن مسيرتها الفنية، بالإضافة إلى أن الغناء بالنسبة لها هو الحياة، وأن الجمهور بالنسبة لها هو الهواء الذي تتنفسه وتعيش بفضله)، على حد قولها.وأوضحت أن (جمهورها ما زال يستمتع بغنائها وصوتها الذي طالما أسعدت به الملايين في الوطن العربي، وأنها تكون في قمة سعادتها عندما تشعر بقدرها عند محبيها ومدى تمسك جمهورها بها وبصوتها).يذكر أن الفقيدة وردة لاحقتها في المدة الأخيرة عدة شائعات مرتبطة بالاعتزال، وعلاقة ذلك بارتدائها الحجاب، فأوضحت أنها أحياناً ترتدي (كاب) أو (إيشارب) عند خروجها، وهذا ليس بشكل دائم بل في أوقات نادرة جداً كنوع من التغيير، لافتة إلى أنه لا يوجد ارتباط بين ارتداء الحجاب والاعتزال.وفنياً، برزت الفنانة وردة الجزائرية بسفرها إلى مصر، حيث احتكت بكبار الفنانين والملحنين، وكان ميلادها الفني الحقيقي في أغنية (أوقاتي بتحلو) التي أطلقتها في عام 1979 في حفل فني مباشر من ألحان سيد مكاوي. وكانت أم كلثوم تنوي تقديم هذه الأغنية في عام 1975 لكنها ماتت، لتبقى الأغنية سنوات طويلة لدى سيد مكاوي حتى غنتها وردة.كما تعاونت وردة الجزائرية مع الملحن محمد عبدالوهاب. وقدمت مع الملحن صلاح الشرنوبي العمل الشهير (بتونس بيك).واعتزلت الغناء سنوات بعد زواجها، حتى طلبها الرئيس الجزائري هواري بومدين كي تغني في عيد الاستقلال العاشر لبلدها عام 1972، بعدها عادت للغناء، فانفصل عنها زوجها جمال قصيري، وكيل وزارة الاقتصاد الجزائري.وعادت وردة لاحقاً إلى القاهرة، وانطلقت مسيرتها من جديد، وتزوجت الموسيقار المصري الراحل بليغ حمدي لتبدأ معه رحلة غنائية استمرت رغم طلاقها منه سنة 1979.وشاركت وردة في العديد من الأفلام منها (ألمظ وعبده الحامولي) مع عادل مأمون، و(أميرة العرب) و(حكايتي مع الزمان) مع رشدي أباظة، وكذلك مع حسن يوسف في فيلم (صوت الحب) وكان أول أفلامها السينمائية بعد عودتها من الجزائر.وتحظى الفقيدة وردة، التي خضعت مؤخراً لجراحة لزرع كبد في المستشفى الأمريكي بباريس، في الجزائر بتقدير واحترام كبيرين على المستوى الشعبي والرسمي، حتى غدت أيقونة الاحتفالات الوطنية في البلاد.الفنانون ينعون الراحلةوعلى جانب آخر، توالت ردود الفعل الحزينة في الأوساط الفنية عقب وفاة الفنانة وردة، حيث قال الشاعر الغنائي أيمن بهجت قمر على حسابه على (فيسبوك): (البقاء لله وفاة الفنانة الكبيرة وردة أغنية جميلة لم تصمد أمام هذا الكم من النشاز.. الفاتحة).أما الفنانة السورية أصالة، فقالت على صفحتها الرسمية على «فيسبوك»: «إنا للَهِ وإِنا إِليه راجِعون»، توفيت إلى رحمة الله الفنانة الكبيرة وردة الجزائرية، نسألكم الدعاء».ومن جانبه، قال الفنان كمال عطية: (وخرجت وردة من لعبة الأيام.. الله يرحمها).فيما وضعت صورتها الفنانة السورية ليلى الأطرش وكتبت: (توفيت العملاقة وردة الجزائرية مساء اليوم في منزلها في القاهرة.. الله يرحمها).حلمي بكر ينعى صديقة عمرهوردة وعلى جانب آخر، أصيب الملحن المصري حلمي بكر فور علمه بخبر وفاة الفنانة وردة الجزائرية بحالة من الانهيار، مؤكداً أنه في حاله صدمة فلقد كانت وردة بصحة جيدة ولم تشتكِ من أي شيء، وكان على تواصل دائم معها خاصة في الفترة الأخيرة التي شعر فيها بأن حالتها النفسية أصبحت متردية، وذلك بسبب مطالبة زملائها لها بالاعتزال خاصة بعد آخر (ديو) قدمته مع الفنان عبادي الجوهر (زمن ما هو زماني)، والذي تعرضت بعده لموجة نقد حادة.وأكد الملحن المصري أن وردة شعرت بتخلي زملائها عنها بتوجيه الانتقادات الجارحة لها، وأنها أصبحت لا تجيد الغناء وأن صوتها أصبح (نشاز)، وهو الأمر الذي جعلها لا تكف عن البكاء في أيامها الأخيرة.وصرح الملحن المصري في تصريح خاص لـ(العربية.نت) بأن وردة الجزائرية لم تكن مجرد فنانة تعاون معها في الكثير من الأغنيات على مدار مشوارهما الفني، بل كانت أكثر من رفيقة درب وصديقة عمر، عاش معها همومها على الحلوة والمرة، وسمع الكثير من شكواها التي كانت تؤلمها في سنوات عمرها الأخيرة.وقد اكتفى الكثيرون من جمهورها ومحبيها بتغير صورتهم الشخصية إلى صورة الفنانة وردة لينهال أسفل الصورة كمّ من تعليقات العزاء في رحيل هذه النجمة الاستثنائية.