الأمور في اليمن تتجه نحو تفكيك الألغاز المعقدة التي يتم تركيبها من قبل الساسة السحرة الذين يلعبون بالبيضة والحجر، ويجمعون بين الماء والنار، ففي الغالب عندما تتعقد الأمور يتم عقد تسويات واقعية وعقلانية بين اللاعبين الكبار بتأثير القوى الخارجية، المشكلة أن يترك الإعلام بلا معلومات وتوظيفه في الوقت نفسه بطريقة عبثية وخبيثة لتزوير الواقع وممارسة الخداع، وهذا لا يعني أن المراكز التي تدير وسائل الإعلام لا يدركون واقعهم، لكنهم يدفعون العاملين إلى اختراع الأحدث خارج سياق الواقع وتحولاته، بهدف إشباع انفعالات وأحلام المتطرفين الغارقين في وعي القطيع، وأغلب صانعي الرأي يزورون بلا حياء، وأثبت التيار الإسلاموي أنه أكثر احترافا، وأكثر حذقا في تغطية مصالحه وفي إصلاح وجهه.مع لفت الانتباه إلى أن التجربة الماضية التي استندت على المبالغة في التضليل قد ولدت رد فعل عكسيا لدى الرأي العام، وهذا أثر على التسوية السياسية، وعلى صورة القوى المتنازعة، وأصبح المواطن العادي مقتنعا أن المصالح الأنانية ونزعة الاستحواذ والإلغاء والإقصاء على الأطراف المؤثرة هي المتحكم الفعلي في الصراع السياسي، وهذا قد يبني مع الوقت تيارا غاضبا ومحبطا قد يتحرك في لحظة ما لتفجير الوضع والعودة إلى المربع الأول.من جهة أخرى، يأتي خطر الإعلام أنه يعمم سلوكا عدوانيا جهة الخصوم، وهذا يزيد من تنامي الكراهية والأحقاد ومع اعتماد الإهانات والاتهامات والتشويه والتحقير لتدمير صورة الآخر، واعتماد الإشاعات واختراع الفضائح وتضخيمها في إدارة الاختلافات وحماية المصالح وقهر الآخر جعل من الصحافة وشبكات التواصل الاجتماعي مجالا ملتهبا لإشعال الحرائق. اليمن يبدو وكأنه الجحيم، وتلعب وسائل الإعلام دور الشيطان في إثارة النزعات، ربما الأمر بحاجة إلى انتفاضة طاهرة لدى كل فرد يعمل في الصحافة بكافة أنواعها حتى نتحرر من الانتحار الذي تتم ممارسته عن سبق إصرار وترصد، الكل يدعي أنه يناضل من أجل أمن الوطن واستقراره، ومن أجل الحرية والإخاء والمساواة، وأن الهدف هو بناء جنة الوطن، والمراقب العادي سيجد أن أغلب وسائل الإعلام تنتج جهنم وتبحث عن حرب، لدى البعض قناعة أن سلوكهم الإعلامي هو طريقنا إلى الحرية وهي كما ينطق الواقع الهزيمة والانتحار المجاني.
|
آراء
تفكيك الألغاز المعقدة
أخبار متعلقة